جريدة الجمهورية
بعد أسابيع تبدأ زراعته.. والسؤال التقليدي يطرح نفسه:
الاكتفاء الذاتي من القمح..كيف يتحقق؟
الإجابات تصريحات مطاطة وأرقام متضاربة بين الزراعة والتضامن
ملف اعداد
جلال راشد وهاني صالح وحلمي بدر
وممدوح رمضان وهبة الساوي
بعد اسابيع قليلة تبدأ زراعة محصول القمح المحلي ومع كل موسم زراعته يتبادر للذهن السؤال التقليدي أو الموسمي. كيف يتم تحقيق الاكتفاء الذاتي للقمح؟!
والإجابة علي السؤال متعددة. كل طرف يدلو بدلوه. وجميع الاجابات لا تخرج عن نطاق الثرثرة دون جدوي. وكالعادة وزارة الزراعة تحدد محاور لزيادة الانتاجية وتحقيق نسبة مرتفعة من الاكتفاء الذاتي وتقليل الفجوة بين الانتاج والاستهلاك.
وزير الزراعة دائما يعلن أرقاما بعيدة عن الواقع ويصرح بأن الانتاج المحلي اقترب من 8 ملايين طن سنويا والمساحات المنزرعة تزيد علي 3 ملايين طن. وان الاكتفاء الذاتي من القمح اقترب من 60% من الاحتياجات وفي المقابل تظهر الأرقام الصادرة عن وزارة التضامن الاجتماعي عكس كل إدعاءات وزارة الزراعة حيث تم استلام 2.5 مليون طن قمح من المزارعين فقط فأين ذهبت الكميات الباقية؟!
البعض يطالب بضرورة التيسير علي المزارعين واستلام الاقماح اقل من 22.5 درجة نظافة.. وتحديد السياسة السعرية لشراء الاقماح من الفلاحين قبل موسم الزراعة لتشجيع المزارعين علي زراعة اكبر المساحات.. ويؤكد الخبراء انه لا يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح في ظل المساحة الحالية من الاراضي والمياه المتوفرة!! ولكنهم يبشروننا بزيادة في الانتاجية بعد تدخل الجينات الوراثية والبيوتكنولوجي في تعديل الاصناف واستمرارها.
ويبقي في النهاية ان نشير إلي أن خبراء المطاحن يؤكدون أن الاقماح المحلية افضل بكثير من المستوردة ولابد من التوسع فيها بدلاً من الاعتماد علي المستورد المضروب فهل نعمل علي تلبية الطلب؟!
أبوالقمح المصري: الوصولنسبة 100% من احتياجاتنا.. مستحيل
لا خوف من الهندسة الوراثية في معالجة عيوب الأصناف
أكد الدكتور عبدالسلام جمعة الأستاذ بكلية الزراعة والملقب بأبوالقمح المصري ان تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة 100% شيء شبه مستحيل لأن الأراضي الزراعية المتاحة ومياه الري لا تساعد علي ذلك.. لافتا النظر إلي أن اقصي نسبة اكتفاء لن تتعدي 70% بأي حال من الأحوال.
قال أبوالقمح المصري: إن الانتاج المحلي من القمح تعدي 8 ملايين طن قمح الموسم الزراعي 2007/2008 ومن الممكن ان تقترب من 10 ملايين خلال موسمين قادمين.
سألناه: عن هذا الانتاج وإلي أين يذهب خصوصاً وان وزارة التضامن لم تتسلم ال 2.5 مليون طن قمح خلال الموسم الزراعي الحالي بالرغم من الأسعار التشجيعية التي تم الشراء بها؟!
رد الدكتور عبدالسلام جمعة: بان رقم الانتاج حقيقي ولكن جزءاً كبيراً من القمح قد يصل إلي نصف الانتاج موجود لدي المزارعين والسبب في ذلك ان وزارة التضامن لا تتسلم القمح من الفلاحين أقل من 22.5 قيراط درجة نظافة وهذا الشرط يتسبب في بقاء أكثر من نصف المحصول لدي المزارعين لأن درجة نظافته 22 قيراط.
طالب بضرورة استلام جميع الاقماح من الفلاحين وكشف أبوالقمح المصري عن قيام غالبية الفلاحين بتخزين الأقماح واستخدامها كعلف حيواني خصوصا وان اسعار القمح مازالت اقل من اسعار العلف وخاصة البرسيم علي سبيل المثال.
سألنا الدكتور عبدالسلام: عن مدي امكانية زراعة عروتين للقمح في العام في مصر مثلما يحدث في أوغندا والصين.
قال: إن الجو في مصر غير ملائم لذلك واطوار نمو القمح التي تبلغ 12 طوراً تحتاج إلي درجات حرارة معينة ورطوبة محددة وهذا الأمر لا يتوفر إلا في فصل الشتاء فقط.
سألناه: عن كيفية فرض زراعة القمح علي الفلاحين وتحديد مساحات ضعف المساحة الحالية لتحقيق اعلي نسبة من الاكتفاء الذاتي من القمح؟!
قال: انه يستحيل فرض زراعة القمح بالقوة علي المزارعين وانما يتم ارشادهم لزراعة القمح باعلان اسعار تشجيعية حتي يحقق الفلاح ربحا مشيرا إلي مستلزمات الزراعة من ايجار الاراضي والسماد وتكلفة الري ارتفعت بنسبة كبيرة وهذه الاشياء لابد أن تأخذ في الحسبان ويتم حساب التكلفة وان يتم تحديد اسعار الاستلام من المزارعين مناسبة.
30 اردباً
وصف عبدالسلام جمعة زراعة القمح في مصر بالمتخلفة مقارنة بأساليب الزراعة المعمول بها في امريكا ومع ذلك إنتاجية الفدان في مصر تقترب من 30 أردب وهذه الانتاجية افضل من انتاجية الفدان في امريكا.
نصح جمعة المزارعين بضرورة اتباع النظم الحديثة في الزراعة والري والسماد وزراعة الاقماح المحلية في مواعيدها وزراعة الكثافة النباتية المطلوبة لتحقيق اعلي انتاجية ممكنة.
قال: انه يتم استخدام اساليب جديدة مثل الهندسة الوراثية والبيوتكنولوجي في تحسين انتاجية اصناف القمح المستخدمة في الزراعة.. لافتا النظر إلي ان الهندسة الوراثية تعالج وتصلح العديد من العيوب التي تصيب الأصناف.
اضاف: إن بعض الأنواع انخفضت انتاجيتها بنسب تتراوح بين 15% و20% بسبب الصدأ الاصفر ويتم نقل جينات نباتية إلي الأصناف المستخدمة في الزراعة لمعالجة هذه الأمراض وعودة انتاجية الاصناف إلي سابق عهدها.
سألنا الدكتور عبدالسلام جمعة عن وجود العديد من المشاكل التي تحدث من استخدام الهندسة الوراثية؟!
قال: إن لجنة الأمان الحيوي التابعة لوزارة الزراعة تتابع وتختبر الاصناف المعالجة وراثيا قبل التصريح بزراعتها وتداولها ولا يوجد أي خوف من استخدام الهندسة الوراثية في معالجة عيوب الاصناف النباتية.
اضاف ان نقل الجين الوراثي من مملكة نباتية إلي مملكة نباتية مماثلة لا خوف منه ولا توجد أي مشاكل أما العيوب والمشاكل فتظهر عند نقل جين من مملكة حيوانية إلي مملكة نباتية ففي هذه الحالة يتصرف الجين الحيواني في النبات كما كان يتصرف في بيئته الاصلية.
خبراء الطحن:
الأقماح المحلية عالية التصنيف وتنويع الاستيراد ضروري
الإنتاج يتضاعف بالتوسع الأفقي في الزراعة
أكد خبراء المطاحن ان القمح المحلي جيد التصنيف بين الاقماح العالمية حيث ترتفع به نسبة البروتين ويتم خلطه بالأنواع المستوردة المنخفضة الرتبة لتحسين خواص الدقيق المنتج.
اضاف الخبراء ان انتاج دقيق صالح لانتاج الرغيف المدعم يحتاج إلي تنويع مصادر الاستيراد للحصول علي دقيق منتج عالي المواصفة وقابل للاستهلاك.
يقول الدكتور أحمد الركايبي رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية إن القمح المحلي يوضع ضمن مصاف الاقماح الجيدة حيث ترتفع به نسبة البروتين ويتم خلطه بالاقماح المستوردة المنخفضة الرتبة لتحسين خواص الدقيق المنتج.
قال انه تم استهلاك 1.5 مليون طن قمح محلي ومازال متبقيا مليون طن مخزونة في الصوامع.
اضاف ان القمح المصري يقابل في الجودة القمح الامريكي الاحمر من حيث القوة والنوعية.
قال أنه لكي يتم الحصول علي دقيق ابيض يتم خلط القمح المحلي بالاقماح الامريكية البيضاء أو الاسترالية البيضاء.
اضاف ان وزارة التموين في فترات سابقة كانت تقوم بتنويع مصادر الحصول علي القمح بحيث يتم استيراد اقماح امريكية بيضاء وروسية واسترالية يتم خلطه بالقمح المحلي والذرة لكي يتم الحصول علي دقيق بمواصفات جيدة ولون فاتح.
قال: إن القمح الامريكي الاسترالي والكندي والأوروبي ابيض وطري.
قال مصدر اقتصادي رفض ذكر اسمه ان الحكومة قامت خلال الفترة الماضية باستيراد أقماح من روسيا وكازاخستان ودول البلقان مطابقة للمواصفة القياسية ولكنها لا تصلح لانتاج دقيق لوحدها حيث يجب خلطها بنوعيات أخري من القمح لتحسين جودة الدقيق.. واعطاء دقيق مناسب لصناعة الخبز البلدي.
قال انه يتم حاليا انتاج دقيق بخلط الدقيق المحلي بنسبة 50% إلي 50% قمح مستورد.
أوضح ان كل نوعية قمح يجب أن تخلط بنسبة معينة مع اقماح اخري جيدة للحصول علي دقيق ذات مواصفات جيدة لصناعة الخبز.
قال: إن القمح قبل الدخول في عملية الطحن يجب أن يتم له ما يسمي عملية الترطيب أو التنميش من خلال اضافة نسبة ماء لفترة معينة.. حتي يساعد الماء علي فصل القشرة عن الحبة مؤكدا ان كل نوعية قمح تحتاج إلي معالجة تختلف عن الأخري.
أوضح ان القمح المصري مصنف علي انه نصف طري بخلاف اقماح أخري امريكية واوروبية طرية واخري غير طرية تحتاج إلي كمية اكبر من الماء.
يقول المهندس أبوزيد محمد ابوزيد نائب رئيس الشركة القابضة للمطاحن أنه لا يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بدون التوسع الافقي.
قال: إن الساحة الحالية لا تسمح بالتوسع ويجب اضافة اراضي جديدة لزراعة القمح حتي لا يتم التوسع علي حساب محاصيل أخري مثل البرسيم والبنجر.
قال: إن القمح المحلي يدخل ضمن النوعيات الممتازة ولا يوجد أي شكوي منه لأنه يصنف علي انه نصف حلب مشيرا إلي ان الروسي له مشاكل لأن رطوبته منخفضة.
اضاف ان نسبة الرطوبة في القمح المحلي بين 9% إلي 10% مقابل 13% في الاقماح المستوردة.
وزير التضامن:
لن نشتري القمح المحلي بأقل من الأسعار العالمية
سياسة سعرية مبكراً لتشجيع المزارعين
أكد الدكتور علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي أن الوزارة سوف تعلن السياسة السعرية لمحصول القمح المحلي قبل الزراعة لتشجيع المزارعين علي زراعة الاقماح والوصول بالاكتفاء الذاتي من القمح إلي نسب مرتفعة.. لافتا النظر إلي أن الحكومة لن تشتري القمح من الفلاحين بأسعار اقل من الاسعار العالمية خلال موسم توريد الاقماح للعام الزراعي 2008/.2009
اضاف في تصريحات صحفية ان الدولة تشتري الاقماح المحلية من المزارعين بأسعار أعلي من العالمية وهذا ما حدث في موسم شراء القمح للعام الزراعي الحالي واشترت الدولة القمح بأسعار تتراوح من 2550 جنيها إلي 2600 جنيه للطن في حين أن الأسعار العالمية كانت تتراوح بين 1800 و2000 جنيه للطن في الأسواق العالمية..قال: إن شون البنك الزراعي وشركات المطاحن تسلمت 2.5 مليون طن قمح هذا العام بأسعار تبدأ من 380 جنيها للاردب زنة 150 كيلو درجة نظافة 5.22 قيراط و385 جنيها للاردب درجة نظافة 23 قيراطاً.. مشيرا إلي انه تم فتح باب توريد الاقماح المحلية امام التجار والموردين بداية من شهر سبتمبر الحالي لشراء أي كميات من الاقماح المحلية المخزنة لدي التجار وسوف يتم الشراء من الموردين بالاسعار العالمية..أشار إلي أن باب توريد الاقماح المحلية بدأ من منتصف ابريل واستمر حتي بداية شهر اغسطس وتم غلق باب التوريد بعد أن تبين ان الشون وساحات الشراء لا تتسلم أي كميات.. لافتا النظر إلي ان فتح باب التوريد مرة أخري من بداية سبتمبر الحالي كان بسبب تأكيد البعض ان هناك كميات كبيرة من القمح مخزنة لدي التجار.
أشار الوزير إلي أن شراء أي كميات من التجار سوف يكون بنفس الأسعار العالمية.
سألنا الوزير عن السبب في عدم شراء الاقماح المحلية في فترة التوريد الثانية بنفس اسعار التوريد في ابريل وهي 2600 جنيه للطن والشراء حاليا بنفس الأسعار العالمية التي تتراوح من 1800 إلي 2000 جنيه للطن؟!
رد الوزير ان الدولة التزمت بشراء الاقماح المحلية بنفس الأسعار العالمية ولن يتم زيادة السعر عن العالمي حتي لا يلجأ بعض الموردين إلي استيراد القمح العالمي المنخفض الاسعار وخلطه بالاقماح المحلية وتوريده علي أنه محلي بأسعار مرتفعة.. مشيرا إلي ان الشراء سوف يكون بالأسعار العالمية لتحقيق العدالة لجميع الاطراف..سألنا الوزير عن سبب فتح باب التوريد مرة ثانية بداية من أول سبتمبر بعد التأكيدات ان الشون لم تتلقي أي كميات خلال فترة الشراء الأولي؟!.قال الوزير: إن بعض التجار قاموا بشراء كميات من الاقماح في فترة الحصاد وقاموا بتخزينها حتي ترتفع الأسعار مثلما حدث العام الماضي عندما ارتفعت الاسعار العالمية بعد انتهاء موسم القمح المحلي.. ولكن ما حدث العام الحالي هو العكس فقد انخفضت الاسعار العالمية عن الاسعار المحلية ب 600 جنيه تقريبا.
أوضح الوزير إن الوزارة فتحت باب التوريد مرة ثانية لشراء أي كميات موجودة ويتم الشراء بأسعار أعلي من السعر العالمي ب 25 جنيها تقريبا في الاردب.
وزير الزراعة:
3 محاور لتعظيم إنتاجية القمح
الوصول إلي 75% من الاكتفاء خلال 3 سنوات
أعلن أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي ان الاستراتيجية الزراعية الجديدة تهدف لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح من خلال التحرك تدريجيا علي 3 محاور.. الأول زيادة الانتاجية من خلال زيادة متوسط انتاج الفدان إلي 18 اردبا واستخدام اصناف جديدة تحقق 23 24 اردبا وتطبيق الارشاد والمعاملات الزراعية والتوصيات الفنية.. المحور الثاني.. زيادة الاراضي المنزرعة حيث بلغت العام الماضي 3 ملايين فدان ستزيد العام القادم إلي 3.1 مليون فدان بالاضافة إلي استزراع الأراضي الجديدة في ظل الأسعار المرتفعة والمربحة للمزارع الحالية.. المحور الثالث تقليل الفقد وترشيد الاستهلاك وتحسين صناعة الخبز.. ونحن نفقد 11% من انتاجنا من القمح بجميع مراحله بدءاً من النقل والتخزين والتصنيع وننتج حاليا حوالي 8 ملايين طن ولذلك من الممكن تحقيق الاكتفاء الذاتي بتحسين صناعة الخبز خاصة ان كثيراً من المواطنين يأكلون وجه الرغيف ويرمون الباقي.
طالب الوزير بضرورة ترشيد الاستهلاك وعدم استخدام رغيف الخبز كعلف للدواجن أو الحيوان لأن طن الدقيق المدعم يصل ثمنه 160 جنيهاً بينما يباع كعلف بثلاثة آلاف جنيه علماً بأن طن العلف يصل إلي 2100 جنيه من الذرة.
يؤكد د. سعد نصار مستشار وزير الزراعة ان نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح حاليا تصل إلي 56% ويمكن ان تصل إلي 75% خلال السنوات الثلاث القادمة إذا طبقنا المحاور الثلاثة التي تحدث عنها معالي وزير الزراعة واستصلاح الأراضي.
قال د. سعد نصار اننا ننتج حاليا 8 ملايين طن قمح وقد تم توريد 3 ملايين طن قمح حتي أمس أي لدي المزارعين حوالي 5 ملايين طن قمح حيث يحتفظ المزارع بجزء منه للاستهلاك الخاص بأسرته وجزء للتقاوي مشيرا إلي ان استهلاك مصر من القمح يصل إلي 13 مليون طن أي نستورد 5 ملايين طن قمح.
وكانت الدولة حريصة علي شراء القمح من المزارعين هذا الموسم ب 380 جنيها للأردب بالرغم من انخفاض سعره عالميا.
قال د. سعد نصار الذي مثل مصر في اجتماع مجلس إدارة الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي انه تقرر انشاء شركة عربية لإنتاج الحبوب في الوطن العربي في منطقة أرقيل شمال السودان وجنوب مصر ومساحتها 2 مليون فدان منها 1.3 مليون فدان في السودان 6.0 مليون فدان في مصر وسيتم اعلان تشكيل هذه الشركة برأسمال 100 مليون دولار وستكون تابعة للهيئة وتبدأ العمل قبل هذا العام وستكون متخصصة في زراعة القمح والنباتات العطرية والزيتية