الملح والسكر
الصيدلي فراس جاسم جرجيس
الوقاية والعلاج:
ينقسم علاج كثير من الأمراض عادة إلى قسمين ، القسم الأول لا يعتمد على العلاج الدوائي ، ويسمى
عادة تغيير أو تعديل نمط الحياة ، قد يستمر لفترة قصيرة أو طويلة اعتمادا على النتائج التي يتم الحصول
عليها ، وفي حالة عدم الحصول على النتائج المطلوبة يتم الانتقال إلى القسم الثاني من العلاج الذي يعتمد
على الدواء ، مع عدم إهمال القسم الأول من العلاج والاستمرار عليه . أن الالتزام بتغيير نمط الحياة
يمكن أن يكون بالإضافة إلى كونه علاجا ، وقاية للناس الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة بارتفاع
ضغط الدم أو ممن تجاوزوا الأربعين من العمر ويتعرضون للإجهاد بشكل مستمر .
تغيير أو تعديل نمط الحياة : يتضمن تغيير العديد من العادات الحياتية التي أصبحت لا تتناسب مع مرض
ارتفاع ضغط الدم ، وفي نفس الوقت يجب أن لا تتعارض مع المرض الأساس وهو مرض السكري ،
والكثير من هذه التغيرات تتناسب مع علاج مرض السكري أيضا .
1.
الوزن : المرضى من أصحاب الوزن الثقيل ، قد يكون خفضهم للوزن عامل أساسي ومهم جدا في
العلاج وفي السيطرة على ضغط الدم بالإضافة إلى السيطرة على معدل السكري في الدم عند مستوى جيد
، وخفض الوزن قد يؤخر استعمال الأدوية لمدة طويلة أو قد يستغني عنها ، كما يمنع من حصول
المضاعفات . يتم ذلك عن طريق تقليل تناول الأطعمة الدسمة المليئة بالدهون وممارسة الرياضة بشكل يومي .
2.
العادات الغذائية : يعتبر الغذاء الصحي المناسب عامل مهم جدا في السيطرة على كلا المرضين .
لابد لمريض السكري من الاهتمام بعاداته الغذائية والوجبات والأطعمة التي يتناولها والتركيز على تقليل
السكريات، أما بالنسبة لمريض السكري وارتفاع ضغط الدم فهناك عادات غذائية أخرى يجب عليه الاهتمام بها .
*
الابتعاد عن ملح الصوديوم ، كما ذكرنا في البداية فأن ملح الصوديوم هو الجزء الرئيسي
في ملح الطعام ، فيجب الحذر من استخدام الملح في الطعام والتقليل منه إلى أقصى حد ، لاعتباره سببا
رئيسيا لارتفاع ضغط الدم ، لكونه يحصر كميات كبيرة من الماء مما يؤدي إلى زيادة حجم الدم وبالتالي
زيادة ضغطه على الأوعية الدموية . جاء في إحدى الدراسات الغذائية الطبية أن على مريض ارتفاع
ضغط الدم عدم تناول أكثر من 2400 ملغم يوميا من الصوديوم ، علما أن محتوى ملعقة صغيرة من
الملح هو 2300 ملغم . ويجب التذكير بأن أكثر المنتجات التي تحتوي على الملح هي الأغذية المحفوظة والمعلبة .
*
لا يعني ضرورة الابتعاد عن الصوديوم ، تجنب الأملاح الأخرى مثل الكالسيوم
والبوتاسيوم واليود والمغنيسيوم . فالدراسات تشير إلى أن خفض نسبة الكالسيوم يؤدي إلى ارتفاع ضغط
الدم . أما بالنسبة للبوتاسيوم فأن خفضه سيؤدي إلى عدة مشاكل منها ارتفاع ضغط الدم ، ولابد من
زيادة كمية البوتاسيوم المتناولة عند المرضى الذين يتناولون بعض الأدوية مثل مدرات البول
Diuretics التي تؤدي إلى فقدان البوتاسيوم مع البول . أما في حالة وجود خلل في عمل الكلية أو أخذ
بعض الأدوية التي تؤدي إلى احتفاظ الجسم بالبوتاسيوم فيجب خفض كمية البوتاسيوم . بالنسبة لليود فأن
نقصه يؤدي إلى مشاكل في الغدة الدرقية . أما انخفاض المغنيسيوم فقد لوحظ مع المصابين بالسكري ،
بسبب دور المغنيسيوم المساعد في إفراز الانسولين .
*
هناك الكثير من المواد الغذائية التي تكون غير مناسبة لمريض السكري وارتفاع ضغط الدم
، لابد من التقيد بها لتجنب فقدان السيطرة على أحد أو كلا المرضين أو حصول المضاعفات الخطرة .
مـن هذه المواد : الدهون ، والسكريات ، واللحوم الحمراء ومنتجات الألبان الدسمة . لكن مع ذلك فأن
سلة الغذاء مليئة ويمكن لمثل هؤلاء المرضى التعويض عن الأغذية غير المناسبة لهم ، وعمل نظام
غذائي جيد وجديد والانتظام بعادات غذائية صحية للمحافظة على الصحة والحياة . تتنوع هذه الأغذية من
الخضراوات والفواكه ( عدا ما يحتوي على السكريات ) والبقول واللحوم البيضاء ( السمك والدجاج )
والمكسرات ( غير المالحة ) . يجب التركيز على الأغذية التي تحتوي على الألياف لكونها مهمة جدا
لمريض السكري . كذلك تناول بعض المنتجات النباتية التي تحتوي على البوتاسيوم كالموز ، والفراولة ،
والطماطم ، والمشمش . بالإضافة إلى نوع الأغذية فالاهتمام بطريقة طهو الطعام مهم جدا ، فيفضل دائما
المسلوق والمشوي لتجنب الدهون . كما أن وضع أنواع من البهارات مفيد لتجنب وضع الملح .
*
الاعتدال أو التقليل من الكافيين في المشروبات ، لأن كما هو معروف بأن الكافيين قد يزيد
من ارتفاع ضغط الدم وتفاقم أمراض القلب . بالإضافة إلى أنه قد يسبب الأرق الذي يؤدي إلى التوتر
وبالتالي ارتفاع ضغط الدم .
*
بالنسبة للمرضى الذين لديهم خلل في عمل الكليتين ، فأن تجنب الملح مهم جدا ، لأنه كما
هو معروف فأن تصفية الملح تتم عبر الكليتين ، وأن وجود أي خلل فيهما قد يؤدي إلى تجمع الأملاح
وبالتالي حصول مشاكل كثيرة أهمها ارتفاع ضغط الدم .
3.
الرياضة : الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني عادة تظهر فيمن تجاوز الخامسة والثلاثين
مـن العمر ، أما الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم معا فتظهر عادة فيمن تجاوز الأربعين من العمر
ما لم يكون مريض السكري أصلا مصابا بارتفاع ضغط الدم . لذلك فأن ممارسة الرياضة المناسبة
شيء ضروري جدا كعلاج تكميلي لهذين المرضين ، وذلك لعدة أسباب :
1.
السيطرة على معدل السكر في الدم
2.
السيطرة على ضغط الدم
3.
خفض الوزن
4.
المساعدة في زيادة سرعة هضم الطعام وحرق المزيد من السعرات الحرارية .
5.
تحريك الدورة الدموية .
أن اختيار الرياضة المناسبة شيء مهم جدا ، لأن الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم قد يؤديان
إلى الإصابة بأمراض القلب ، لذلك فالرياضة المجهدة تكون في بعض الأحيان ذات تأثير سلبي على
المريض . والرياضة يجب أن تتناسب مع عمر المريض وقابليته البدنية ، ولابد أن تكون مستمرة
وتفضل أن تكون بشكل يومي . من أحسن أنواع الرياضة التي يمكن للمريض ممارستها المشي لنصف
ساعة يوميا ، أو استعمال الدراجة الثابتة مع بعض الحركات الارضية . يجب تجنب الألعاب الثقيلة كرفع
الأثقال لأنها قد تؤثر على شبكية العين ، أو الركض لمسافات طويلة أو تسلق المرتفعات لأنها مجهدة
للقلب . كما أن إجراء بعض الفحوصات على العين والأعصاب والقلب والكلى مهم جدا للتأكد من كون
الرياضة المختارة لا تؤثر على وظائف هذه الأعضاء .
لابد للذين يمارسون الرياضة أن تكون لديهم معرفة بأعراض انخفاض السكر في الدم ، حتى
يتجنبون حصول مثل هذه الحالات عند ممارستهم الرياضة .
4.
الإقلاع عن التدخين وتعاطي الكحول : لما لهاتين العادتين السيئتين من أضرار مباشرة على صحة
الفرد ، والتأثير المباشر على الرئتين والقلب وارتفاع ضغط الدم وانخفاض المناعة ، والتأثير المباشر في استقلاب الدواء .
5.
الابتعاد عن الضغط النفسي والإجهاد والتوتر : تؤدي هذه العوامل جميعا إلى الإصابة بالسكري
وارتفاع ضغط الدم وتفاقم المرضين وحصول المضاعفات الخطرة . لذلك من واجب أي عائلة أحد
أفرادها مصاب بأحد المرضين أو كلاهما مراعاة الجانب النفسي وتوفير سبل الراحة له . على أن لا
ينسى أي مريض دوره المهم في تجنب مثل هذه العوامل . فأخذ قسط من الراحة يوميا ، وعدم القلق ،
والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى التوتر ، خطوات تساعد في السيطرة على ضغط الدم والسكري .
كما هو ملاحظ ، فأن كلا المرضين يشتركان في العلاج الذي لا يعتمد على الدواء ، بالإضافة إلى وجود
أمراض أخرى تشترك معهما في هذه الخطوات ، لذلك لابد من مراعاة النقاط السالفة الذكر قبل بدء
العلاج وخلاله واعتبارها جزء أساسي من العلاج ، لتجنب حصول المضاعفات أو تدهور المرض .
وكلمة أخيرة في هذا المجال ، أن الاعتدال في أي شيء ضروري ومهم جدا ، فالاعتدال في الغذاء
والرياضة يساهم بشكل كبير في العلاج . والأمل كبير في أن يقلل هذا النوع من العلاج من كمية الأدوية
الموصوفة وبالتالي تقليل الآثار الجانبية والتكلفة المادية المترتبة على هذه الأدوية