دور المصارف الإسلامية في التنمية
:كيف تحقق المصارف الإسلامية التنمية ؟ إنَّ المتوقع من طبيعة العمل المصرفي الإسلامي أن يساهم مساهمة فعالة في مجال التنمية من خلال التأثيرات التالية:
1. المصارف الإسلامية أداة رئيسية لتوسيع قاعدة الادخار الوطني المعد للاستثمار، للأسباب الآتية: إن معدلات الربحية في إطار آليات المشاركة تتغير بمرونة أكبر بكثير من أسعار الفائدة في إطار آليات التمويل بالدين ، ومن ثم فإنها أكثر قدرة على جذب المدخرات لأغراض الاستثمار. فالمؤسسات المصرفية الإسلامية ومن خلال آلية المشاركة التي تعمل بها تعني أنها ليست مؤسسة وسيطة بين المدخرين كفريق مستقل ، والمستثمرين كفريق آخرـ كما هو الحال في المصارف التجاريةـ بل هي قائمة على أساس مختلف تماماً . ذلك أن أرباب الأموال (المودعين) هم الذين يتحملون مباشرة مخاطر المستثمرين. وبذلك فإن عمل المصرف الإسلامي لا يقوم على تحمل المؤسسة المصرفية لمخاطر مستخدمي الأموال ، بل هي وسيط يقوم أرباب الأموال من خلاله بتحمل مخاطر الاستثمار مباشرة0بينما ينتظر المدخرون من المصارف التجارية فائدة على أموالهم فإن المدخرين المستثمرين ينتظرون عائداً على أموالهم نتيجة استثمارها. والعائد على الاستثمار ربح يتحدد مقداره تبعا لنجاح المشروع الاستثماري ، ومن ثم فهو دخل يرتبط ارتباطاً مباشراً بالنشاط الإنتاجي، وهناك بالطبع احتمالات تحيط بهذا العائد ؛ فقد يكون منخفضاً وقد يكون مرتفعاً. ومن المنطقي أن أي شخص يريد استثمار مدخراته سوف يجد حافزاً أكبر كلما توقع ربحاً أكبر، وهذا أمر لا يتحقق في إطار نظام الفائدة حيث إن هناك قيودا عديدة على ارتفاع سعر الفائدة في السوق المصرفية ، قيوداً يضعها البنك المركزي لأهداف اقتصادية كلية وقيوداً أخرى تمارسها المصارف نفسها لأغراض السياسات الائتمانية والمقدرة Solvency)) . وتجد هذه الفرضية تأكيدا منطقيا على سلامتها في إطار النظرية الكلاسيكية التي كانت تؤكد على أن الأرباح المحققة (أو معدلات الربح) هي التي تنمي الادخار لأجل الاستثمار. ونلاحظ أن هذه النظرية الكلاسيكية وقعت في طي الإهمال زمنًا بسبب النظرية النيو كلاسيكية التي أدخلت اعتبارات سعر الفائدة في عملية الادخار ثم النظرية الكينزية التي اعتبرت أن المدخرين يمثلون فريقاً مستقلاً تماماً عن المستثمرين ، وأن سلوكهم الادخاري لا يتأثر بتغيرات سعر الفائدة ، بينما يتأثر المستثمرون بهذه التغيرات . ولكن تجارب البلدان النامية ما تزال تؤيد وجود الشخصية المتكاملة للمدخر/المستثمر، كما أن آليات المشاركة لا بد أن تعمل على تأكيد وجود هذه الشخصية التي كلما استطعنا تنميتها بطريق الممارسات الصحيحة ، أمكن لنا تنمية المدخرات لأغراض الاستثمار على نحو أفضل بكثير وأكثر فاعلية مما هو قائم في إطار نظام الفائدة . ولقد أثبتت التجارِب الحديثة المصرفية في العالم الغربي أن نظم التمويل التي تعتمد على المال المخاطر أصبحت تلقى رواجاً أكثر من النظم المقيدة بسعر الفائدة ، كما أثبتت تجارب الأسواق المالية في بلدان العالم المختلفة أن الشركات المساهمة الناجحة بمؤشرات الربحية الموزعة تتمكن عن طريق إصدار الأسهم من جذب ما تريد من مدخرات الأفراد لتغطية احتياطاتها . وفيما كتب عن المصارف الإسلامية سنجد أن أحد وسائل جمع المدخرات لأجل الاستثمار يتمثل في إصدار شهادات إيداع يتم تداولها في أسواق الأوراق المالية ، وتحصل في نهاية كل عام على نصيب مما يتحقق من أرباح نتيجة استثمار أرصدتها في أنشطة إنتاجية حقيقية ؛ فهل تملك المصارف التي تعمل بالفائدة هذه المقدرة ؟ وبالإضافة إلى ما سبق فقد أثبتت التجربة الفعلية للمصارف الإسلامية اهتمامها وقدرتها على تعبئة المدخرات الصغيرة جدا، بالمقارنة بالمصارف التجارية. وقد أظهرت الممارسات العملية للمصارف الإسلامية كما تدل الدراسات والأبحاث التي اهتمت بها ، سواء من المدافعين أو المعارضين لها أن هذه المصارف تمكنت من اختراق أسوار النشاط المصرفي التقليدي ، واستطاعت بآلياتها وأدواتها المستحدثة أن تُدْخِل في دائرة هذا النشاط فئاتٍ من المدخرين لم يكن لهم نصيب فيه قبل ذلك ، فالمودعون في المصارف يشكلون عنصر قوة واستمرار ، ومن ثم يجب المحافظة عليهم وتوسيع دائرتهم