حماده قرني صلاح مراقب عام
العمر : 37 عدد الرسائل : 8036 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 19319 ترشيحات : 79 الأوســــــــــمة :
| موضوع: تَعْرِيفُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ 28/10/2009, 17:26 | |
| تَعْرِيفُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ
قَالَ أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنْ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونَ شَاذًّا وَلَا مُعَلَّلًا. ثُمَّ أَخَذَ يُبَيِّنُ فَوَائِدَهُ ، وَمَا اِحْتَرَزَ بِهَا عَنْ الْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ وَالْمُعْضَلِ وَالشَّاذِّ ، وَمَا فِيهِ عِلَّةٌ قَادِحَةٌ وَمَا فِي رَاوِيهِ مِنْ نَوْعِ جَرْحٍ. قَالَ وَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي يُحْكَمُ لَهُ بِالصِّحَّةِ ، بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ ، لِاخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُودِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ ، أَوْ فِي اِشْتِرَاطِ بَعْضِهَ ، كَمَا فِي الْمُرْسَلِ. (قُلْتُ) فَحَاصِلُ حَدِّ الصَّحِيحِ أَنَّهُ الْمُتَّصِلُ سَنَدُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنْ مِثْلِهِ ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، مِنْ صَحَابِيٍّ أَوْ مَنْ دُونَهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّ ، وَلَا مَرْدُودً ، وَلَا مُعَلَّلًا بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ ، وَقَدْ يَكُونُ مَشْهُورًا أَوْ غَرِيبًا. وَهُوَ مُتَفَاوِتٌ فِي نَظَرِ الْحُفَّاظِ فِي مَحَالِّهِ ، وَلِهَذَا أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَصَحَّ الْأَسَانِيدِ عَلَى بَعْضِهَا فَعَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَصَحُّهَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ والفَلَّاسُ أَصَحُّهَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَصَحُّهَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ الْبُخَارِيِّ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَزَادَ بَعْضُهُمْ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ ، إِذْ هُوَ أَجَلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ. أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ صِحَاحَ الْحَدِيثِ (فَائِدَةٌ) أَوَّلُ مَنْ اِعْتَنَى بِجَمْعِ الصَّحِيحِ أَبُو عُبَيْدَةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ ، وَتَلَاهُ صَاحِبُهُ وَتِلْمِيذُهُ أَبُو الْحَسَنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النَّيْسَابُورِيُّ فَهُمَا أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْبُخَارِيُّ أَرْجَحُ ؛ لِأَنَّهُ اِشْتَرَطَ فِي إِخْرَاجِهِ الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ هَذَا أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي قَدْ عَاصَرَ شَيْخَهُ وَثَبَتَ عِنْدَهُ سَمَاعُهُ مِنْهُ ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ مُسْلِمٌ الثَّانِيَ ، بَلْ اِكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْمُعَاصَرَةِ وَمِنْ هَاهُنَا يَنْفَصِلُ لَكَ النِّزَاعُ فِي تَرْجِيحِ تَصْحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، خِلَافًا لِأَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ شَيْخِ الْحَاكِمِ ، وَطَائِفَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَغْرِبِ. ثُمَّ إِنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا لَمْ يَلْتَزِمَا بِإِخْرَاجِ جَمِيعِ مَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ ، فَإِنَّهُمَا قَدْ صَحَّحَا أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابَيْهِمَ ، كَمَا يَنْقُلُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْبُخَارِيِّ تَصْحِيحَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ عِنْدَهُ ، بَلْ فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا. عَدَدُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ فَجَمِيعُ مَا فِي الْبُخَارِيِّ ، بِالْمُكَرَّرِ سَبْعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ وَمِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا وَبِغَيْرِ الْمُكَرَّرِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَجَمِيعُ مَا فِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ بِلَا تَكْرَارٍ نَحْوُ أَرْبَعَةِ آلَافٍ. اَلزِّيَادَاتُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ الْأَخْرَمِ قَلَّ مَا يَفُوتُ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ. وَقَدْ نَاقَشَهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ قَدْ اِسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمَا أَحَادِيثَ كَثِيرَةً ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا مَقَالٌ ، إِلَّا أَنَّهُ يَصْفُو لَهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ. (قُلْتُ) فِي هَذَا نَظَرٌ ، فَإِنَّهُ يُلْزِمُهُمَا بِإِخْرَاجِ أَحَادِيثَ لَا تَلْزَمُهُمَ ، لِضَعْفِ رُوَاتِهِمَا عِنْدَهُمَ ، أَوْ لِتَعْلِيلِهِمَا ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ خُرِّجَتْ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ ، يُؤْخَذُ مِنْهَا زِيَادَاتٌ مُفِيدَةٌ ، وَأَسَانِيدُ جَيِّدَةٌ ، كَصَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ ، وَأَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْبُرْقَانِيِّ ، وَأَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَكُتُبٌ أُخَرُ اِلْتَزَمَ أَصْحَابُهَا صِحَّتَهَ ، كَابْنِ خُزَيْمَةَ ، وَابْنِ حِبَّانَ البُسْتِيِّ ، وَهُمَا خَيْرٌ مِنَ الْمُسْتَدْرَكِ بِكَثِيرٍ ، وَأَنْظَفُ أَسَانِيدَ وَمُتُونًا. وَكَذَلِكَ يُوجَدُ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنَ الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِمَّا يُوَازِي كَثِيرًا مِنْ أَحَادِيثِ مُسْلِمٍ ، بَلْ وَالْبُخَارِيِّ أَيْضً ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمَ ، وَلَا عِنْدَ أَحَدِهِمَ ، بَلْ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ ، وَهُمْ أَبُو دَاوُدَ ، وَاَلتِّرْمِذِيُّ ، وَالنَّسَائِيُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَكَذَلِكَ يُوجَدُ فِي مُعْجَمَيْ الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ ، وَمَسْنَدَيْ أَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّارِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَانِيدِ وَالْمَعَاجِمِ وَالْفَوَائِدِ وَالْأَجْزَاءِ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُتَبَحِّرُ فِي هَذَا الشَّأْنِ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ كَثِيرٍ مِنْهُ ، بَعْدَ النَّظَرِ فِي حَالِ رِجَالِهِ ، وَسَلَامَتِهِ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُفْسِدِ وَيَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى صِحَّتِهِ حَافِظٌ قَبْلَهُ ، مُوَافَقَةً لِلشَّيْخِ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى النَّوَوِيِّ ، وَخِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو. وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ ضِيَاءُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ فِي ذَلِكَ كِتَابًا سَمَّاهُ (اَلْمُخْتَارَةَ) وَلَمْ يَتِمَّ ، كَانَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ مِنْ مَشَايِخِنَا يُرَجِّحُهُ عَلَى مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى الْحَاكِمِ فِي مُسْتَدْرَكِهِ فَقَالَ وَهُوَ وَاسِعُ الْخَطْوِ فِي شَرْحِ الصَّحِيحِ ، مُتَسَاهِلٌ بِالْقَضَاءِ بِهِ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَتَوَسَّطَ فِي أَمْرِهِ ، فَمَا لَمْ نَجِدْ فِيهِ تَصْحِيحًا لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ ، ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحً ، فَهُوَ حَسَنٌ يُحْتَجُّ بِهِ ، إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ عِلَّةٌ تُوجِبُ ضَعْفَهُ . (قُلْتُ) فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْحَدِيثِ كَثِيرَةٌ ، فِيهِ الصَّحِيحُ الْمُسْتَدْرَكُ ، وَهُوَ قَلِيلٌ ، وَفِيهِ صَحِيحٌ قَدْ خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَوْ أَحَدُهُمَ ، لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْحَاكِمُ وَفِيهِ الْحَسَنُ وَالضَّعِيفُ وَالْمَوْضُوعُ أَيْضًا وَقَدْ اِخْتَصَرَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ ، وَبَيَّنَ هَذَا كُلَّهُ ، وَجَمَعَ فِيهِ جُزْءًا كَبِيرًا مِمَّا وَقَعَ فِيهِ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ ، وَذَلِكَ يُقَارِبُ مِائَةَ حَدِيثٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مُوَطَّأُ مَالِكٍ (تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- "لَا أَعْلَمُ كِتَابًا فِي الْعِلْمِ أَكْثَرَ صَوَابًا مِنْ كِتَابِ مَالِكٍ" ، إِنَّمَا قَالَهُ قَبْلَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَقَدْ كَانَتْ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ مُصَنَّفَةٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي السُّنَنِ ، لِابْنِ جُرَيْحٍ ، وَابْنِ إِسْحَاقَ -غَيْرَ السِّيرَةِ- وَلِأَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ الزَّبِيدِيِّ ، وَمُصَنَّفُ عَبْدِ الرَّازِقِ بْنِ هَمَّامٍ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَكَانَ كِتَابُ مَالِكٍ ، وَهُوَ (اَلْمُوَطَّأُ) أَجَلُّهَا وَأَعْظَمُهَا نَفْعً ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَكْبَرَ حَجْمًا مِنْهُ وَأَكْثَرَ أَحَادِيثَ وَقَدْ طَلَبَ الْمَنْصُورُ مِنَ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى كِتَابِهِ ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ مِنْ تَمَامِ عِلْمِهِ وَاتِّصَافِهِ بِالْإِنْصَافِ ، وَقَالَ "إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا وَاطَّلَعُوا عَلَى أَشْيَاءَ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا". وَقَدْ اِعْتَنَى النَّاسُ بِكِتَابِهِ (اَلْمُوَطَّأِ) وَعَلَّقُوا عَلَيْهِ كُتُبًا جَمَّةً وَمِنْ أَجْوَدِ ذَلِكَ كِتَابَا (اَلتَّمْهِيدِ) ، وَ(اَلِاسْتِذْكَارِ) ، لِلشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمْرِيِّ الْقُرْطُبِيِّ ، -رَحِمَهُ اللَّهُ- هَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَّصِلَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْمُرْسَلَةِ وَالْمُنْقَطِعَةِ ، وَالْبَلَاغَاتِ اللَّاتِي لَا تَكَادُ تُوجَدُ مُسْنَدَةً إِلَّا عَلَى نُدُورٍ. إِطْلَاقُ اِسْمِ "اَلصَّحِيحِ" عَلَى التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَكَانَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ يُسَمِّيَانِ كِتَابَ التِّرْمِذِيِّ "اَلْجَامِعَ الصَّحِيحَ" وَهَذَا تَسَاهُلٌ مِنْهُمَا فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً مُنْكَرَةً وَقَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ ، وَكَذَا الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ لِلنَّسَائِيِّ إِنَّهُ صَحِيحٌ ، فِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّ لَهُ شَرْطًا فِي الرِّجَالِ أَشَدُّ مِنْ شَرْطِ مُسْلِمٍ غَيْرَ مُسَلَّمٍ ، فَإِنَّ فِيهِ رِجَالًا مَجْهُولِينَ إِمَّا عَيْنًا أَوْ حَالً ، وَفِيهِمْ الْمَجْرُوحُ ، وَفِيهِ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ وَمُعَلَّلَةٌ وَمُنْكَرَةٌ ، كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي (اَلْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ). مُسْنَدُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَمَّا قَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي مُوسَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَدِينِيِّ عَنْ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إِنَّهُ صَحِيحٌ ، فَقَوْلٌ ضَعِيفٌ ، فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً ، بَلْ وَمَوْضُوعَةً ، كَأَحَادِيثِ فَضَائِلِ مَرْوٍ ، وَعَسْقَلَانَ ، وَالْبَرْثِ الْأَحْمَرِ عِنْدَ حِمْصٍ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، كَمَا قَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ. ثُمَّ إِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَدْ فَاتَهُ فِي كِتَابِهِ هَذَا -مَعَ أَنَّهُ لَا يُوَازِيهِ مُسْنَدٌ فِي كَثْرَتِهِ وَحُسْنِ سِيَاقَتِهِ- أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّ ، بَلْ قَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْنِ. (اَلْكُتُبُ الْخَمْسَةُ وَغَيْرُهَا) وَهَكَذَا قَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي طَاهِرٍ السَّلَفِيِّ فِي الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ ، يَعْنِي الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا وَسُنَنَ أَبِي دَاوُدَ وَاَلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ إِنَّهُ اِتَّفَقَ عَلَى صِحَّتِهَا عُلَمَاءُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ تَسَاهُلٌ مِنْهُ وَقَدْ أَنْكَرَهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَهِيَ ذَلِكَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ كُتُبِ الْمَسَانِيدِ كَمُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ ، وَالدَّارِمِيِّ ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَأَبِي يَعْلَى ، وَالْبَزَّارِ ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ ، وَالْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى ، وَغَيْرِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ عَنْ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَا يَقَعُ لَهُمْ مِنْ حَدِيثِهِ. اَلتَّعْلِيقَاتُ الَّتِي فِي الصَّحِيحَيْنِ وَتَكَلَّمَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو عَلَى التَّعْلِيقَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ، وَفِي مُسْلِمٍ أَيْضً ، لَكِنَّهَا قَلِيلَةٌ ، قِيلَ إِنَّهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضُوعًا. وَحَاصِلُ الْأَمْرِ : أَنَّ مَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ فَصَحِيحٌ إِلَى مَنْ عَلَّقَهُ عَنْهُ ، ثُمَّ النَّظَرُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ مِنْهَا بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ فَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا صِحَّةٌ وَلَا تُنَافِيهَا أَيْضً ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَرُبَّمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَمَا كَانَ مِنْ التَّعْلِيقَاتِ صَحِيحًا فَلَيْسَ مِنْ نَمَطِ الصَّحِيحِ الْمُسْنَدِ فِيهِ ، لِأَنَّهُ قَدْ وَسَمَ كِتَابَهُ (بِالْجَامِعِ الْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَصَرِ فِي أُمُورِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسُنَنِهِ وَأَيَّامِهِ). فَأَمَّا إِذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ "قَالَ لَنَا" أَوْ "قَالَ لِي فُلَانٌ كَذَا" ، أَوْ "زَادَنِي" وَنَحْوَ ذَلِكَ ، فَهُوَ مُتَّصِلٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. وَحَكَى اِبْنُ الصَّلَاحِ عَنْ بَعْضِ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ أَيْضً ، يَذْكُرُهُ لِلِاسْتِشْهَادِ لَا لِلِاعْتِمَادِ ، وَيَكُونُ قَدْ سَمِعَهُ فِي الْمُذَاكَرَةِ. وَقَدْ رَدَّهَا اِبْنُ الصَّلَاحِ ، فَإِنَّ الْحَافِظَ أَبَا جَعْفَرٍ بْنَ حَمْدَانَ قَالَ إِذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ "وَقَالَ لِي فُلَانٌ" فَهُوَ مِمَّا سَمِعَهُ عَرَضًا وَمُنَاوَلَةً. وَأَنْكَرَ اِبْنُ الصَّلَاحِ عَلَى اِبْنٍ حَزْمٍ رَدَّهُ حَدِيثَ الْمَلَاهِي حَيْثُ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ "وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ" وَقَالَ أَخْطَأَ اِبْنُ حَزْمٍ مِنْ وُجُوهٍ ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ. (قُلْتُ) وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَخَرَّجَهُ البُرْقَانِيُّ فِي صَحِيحِهِ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ ، مُسْنَدًا مُتَّصِلًا إِلَى هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَشَيْخِهِ أَيْضً ، كَمَا بَيَّنَاهُ فِي كِتَابِ (اَلْأَحْكَامِ) ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. ثُمَّ حَكَى أَنَّ الْأَئِمَّةَ تَلَقَّتْ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ بِالْقَبُولِ ، سِوَى أَحْرُفٍ يَسِيرَةٍ ، اِنْتَقَدَهَا بَعْضُ الْحُفَّاظِ ، كَاَلدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِ ، ثُمَّ اِسْتُنْبِطَ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعُ بِصِحَّةِ مَا فِيهِمَا مِنَ الْأَحَادِيثِ ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ مَعْصُومَةٌ عَنْ الْخَطَ ، فَمَا ظَنَّتْ صِحَّتَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهَا الْعَمَلُ بِهِ ، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهَذَا جَيِّدٌ. وَقَدْ خَالَفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ ، وَقَالَ لَا يُسْتَفَادُ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ مِنْ ذَلِكَ. (قُلْتُ) وَأَنَا مَعَ اِبْنِ الصَّلَاحِ فِيمَا عَوَّلَ عَلَيْهِ وَأَرْشَدَ إِلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ "حَاشِيَةٌ" ثُمَّ وَقَفْتُ بَعْدَ هَذَا عَلَى كَلَامٍ لِشَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ ، مَضْمُونُهُ أَنَّهُ نَقَلَ الْقَطْعَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ ، وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ ، وَابْنُ حَامِدٍ ، وَأَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ ، وَأَبُو الْخَطَّابِ ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ ، وَأَمْثَالُهُمْ مِنَ الْحَنَابِلَةِ ، وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ "وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنَ الْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ كَأَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ ، وَابْنِ فُورَكٍ قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَاطِبَةً وَمَذْهَبُ السَّلَفِ عَامَّةً". وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ اِسْتِنْبَاطًا فَوَافَقَ فِيهِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ. |
|
أكرم عبد القوي __________
العمر : 57 عدد الرسائل : 23180 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 37123 ترشيحات : 136 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: تَعْرِيفُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ 29/10/2009, 09:48 | |
| نقل موفق منك فشكرا علي هذا الموضوع الحيوي والذي يلقي الضوء علي علم غاية في الأهمية |
|
رأفت الجندى المدير الإداري
العمر : 65 عدد الرسائل : 9511 بلد الإقامة : الفيوم احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 13231 ترشيحات : 29 الأوســــــــــمة :
| |
هاجر رأفت الجندى مشرفة
عدد الرسائل : 567 احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6922 ترشيحات : 1
| موضوع: رد: تَعْرِيفُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ 20/2/2010, 08:51 | |
| بارك الله فيك
وجعل ما تقدمه لنا فى ميزان حسناتك |
|