ألا سألت صاحب القرية
#################
في زماننا هذا أصبحت الواسطة ،، شيء ضروري لمن أراد أن يقضي حاجة له عند أحد من الخلق ،، مهما كانت هذه الحاجة ،، وفي ذاك الزمان أيضاً كان هناك شيء من ذلك ، فقد حدت أخونا هذا حاجة للسير إلى إحدى القرى ،، ولقيته عجوز ، تسأله عن واسطة ومعرفة ،، لا تحتاج إلى إلا أن يذل نفسه لمن خلقة ،،
أجل .. الله تعالى هو الواسطة ،، فهو القادر القاهر فوق عبادة ، سبحان إنما أمره إذا أراد أمراً أن يقول له كن فيكون ،، ولا تطلب إلا الصدق في العبادة ،، فأين نحن من هذه الواسطة القوية ،، التي لا تعلوها واسطة ،، ولا يردها كائناً من كان ..؟؟؟!!
قال عثمان الرجاني : خرجت من بيت المقدس أريد بعض القُرى في حاجة ،، فلقيتني عجوز عليها جبة صوف وخمار صوف ،، فسلمتُ عليها فردّت علي السلام ،، ثم قالت : يا فتى من أين أقبلت ؟
فقلت : من هذه القرية ..
قالت : وأين تريد ؟
قلت : إلى بعض القرى في حاجة ..
قالت : كم بينك وبين أهلك ومنزلك ؟ قلت : ثمانية عشر ميلاً .. قالت : ثمانية عشر ميلاً في حاجة ؟ ،،، إن هذه لحاجة مُهمة؟؟!! ،،
قلت : أجل ..
قالت : فما اسمك ؟..
قلت : عثمان .. فقالت : يا عثمان ألا سألت صاحب القرية أن يوجّه إليك بحاجتك ولا تتعنّى ؟؟( قصدت الله عز وجل بصاحب القرية )
قال : ولم أعلم الذي أرادت بذلك .. فقلت : يا عجوز ليس بيني وبين صاحب القرية معرفة ..!!
قالت : يا عثمان وما الذي أوحش بينك وبين معرفته ،، وقطع بينك وبين الاتصال به .؟؟!!! فعرفت الذي أرادت فبكيت ،،، فقالت : من أي شيءٍ تبكي ؟؟ من شيءٍ كنت فعلته ونسيته أو من شيءٍ أُنسيته وذكرته ؟؟؟
قلت : لا بل من شيءٍ كنت أُنسيته وذكرته ..
قالت : يا عثمان ,, أحمد الله عز وجل ،، الذي لم يتركك في حيرتك ،، أتحب الله عز وجل ؟؟
قلت : نعم .. قالت : فأصدقني .. قلت : أي والله أنِّي لأحب الله عز وجل ..
قالت : فما الذي أفادك من طرائف حكمته إذا أوصلك إلى محبته. ؟
قال : فبقيت لا أدري ما أقول .. قالت : يا عثمان .. لعلك ممن يحب أن يكتم المحبة ،،
قال : فبقيت بين يديها لا أدري ما أقول .. فقالت : يأبّى الله عز وجل أن يدنس طرائف حكمته ،، وخفي معرفته ومكنون محبَّته بممارسة قلوب البطالين .
قلت : رحمك الله .. لو دَعَوت الله عز وجل أن يشغلني من محبته ،،، فنفضت يديها في وجهي ،، فأعدت القول أقتضي( أطلب ) الدعاء ،،
فقالت : يا عبد الله .. امض لحاجتك ،، فقد علم المحبوب ما ناجاه الضمير من أجلك ،، ثم ولت ، وقالت : لولا خوفُ السلب لبحت بالعجب ، ثم قالت : أوَّه من شوق لا يبرأُ إلا بك ،،،ومن حنين لا يسكن إلا إليك ،، فأين لوجهي الحياءُ منك ؟؟ وأين لعقلي الرّجوع إليك ؟؟
قال عثمان : فو الله ما ذكرتُ ذلك ،، إلا بكيت وغشي عليَّ ..