الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
لما أُخذ ابن ملجـم أدخل على علي رضي الله عنه فقال احبسوه وأطيبوا طعامه وألينوا فراشه فإن أعش فأنا ولى دمي عفوا اوقصاصا وإن أمت فألحقوه بى أخاصمه عند رب العالمين ومكث رضي الله عنه جريحا يوم الجمعه والسبت وتوفى ليلة الاحد الثالثة عشر من رمضان سنة أربعين وكان عمره اذ ذاك خمسا وستين سنة وقيل ثلاثا وستين كالنبي وأبى بكر وعمر
روى أنه لما ضربه ابن ملجـم أوصى الحسن والحسين وصية طويلة في آخرها : يابنى عبد المطلب لاتخوضوا دماء المسلمين خوضا تقولون قتل أمير المؤمنين ألا لاتقتلوا بى الا قاتلى انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة ولاتمثلوا به فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
((إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور )) أخرجه الفضائلى ; وفي رواية عن الحسن رضى الله عنه لما حضرت أبى الوفاة أقبل يوصى فقال هذا ماأوصى به على بن أبى طالب أخو محمد صلى الله عليه وسلم
وابن عمه وصاحبه أول وصيتى أنى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله وخيرته اختاره بعلمه وارتضاه لخلقه وان الله باعث من فى القبور وسائل الناس عن أعمالهم عالم بمافى الصدور ، ثم إنى أوصيك ياحسن وكفى بك وصيا بما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان ذلك فالزم بيتك
وابك على خطيئتك ولاتكن الدنيا أكبر همك، وأوصيك يابنى بالصلاة عند وقتها والزكاة في أهلها عند محلها ، والصمت عند التشبه والاقتصاد والعدل في الرضا والغضب وحسن الجوار واكرام الضيف ورحمة المجهود وأصحاب البلاء وصلة الرحم وحب المساكين ومجالستهم والتواضع فإنه من أفضل العبادة وذكر الموت والزهد فى الدنيا فإنك رهن موت وعرض بلاء وطريح سقم. وأوصيك بخشية الله تعالى في سرائرك وعلانيتك وأنهاك عن مخالفة الشرع بالقول والفعل وإذا عرض لك شئ من أمر الآخرة فابدأ به وإذا عرض لك شئ من أمر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه، وإياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء فإن قرين السوء يغير جليسه، وكن لله يابنى عاملا وعن الخناز جورا وبالمعروف آمرا وعن المنكر ناهيا وآخ الإخوان فى الله وأحب الصالح لصلاحه ودار الفاسق عن دينك
وأبغضه بقلبك وزايله بأعمالك لئلا تكون مثله ، وإياك والجلوس في الطرقات ودع المماراة ومجاراة من لاعقل له واقتصد يابنى فى معشيتك واقتصد في عبآدتك وعليك فها بالأمر الدائم الذى تطيقه والزم الصمت وبه تسلم وقدم لنفسك تغنم وتعلم الخير وكن ذاكرا لله تعالى على كل حال وارحم من أهلك الصغير ووقر الكبير ولا تأكل طعاما حتى تتصدق منه قبل أكله ، وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لأهله وجاهد نفسك واحذر جليسك واجتنب عدوك وعليك بمجالس الذكر وأكثر من الدعاء فإنى لم آلك يابنى نصحا وهذا فراق بينى وبينك ، وأوصيك بأخيك محمدا خيرا فإنه ابن أبيك وقد تعلم حبى له ; وأما أخوك الحسين فهو شقيقك وابن أمك وأبيك والله الخليفة عليكم وإياه أسأله أن يصلحكم وأن يكف الطغاة
البغاة عنكم ، والصبر الصبر حتى يقضى الله هذا الأمر ولاحول ولاقوة إلا بالله العلى العظيم ; ثم قال ياحسن أبصروا ضاربى أطعموه من طعامى واسقوه من شرابى فإن عشت فأنا أولى بحقى وإن مت فاضربوه ضربة ولاتمثلوا به فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور )) ياحسن إن أنا مت لاتغال في كفنى فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((لاتغالوا فى الأكفان وامشوا بين المشيتين فإن كان خيرا أعجلتمو بى إليه وإن كان شرا ألقيتمونى عن أكتافكم )) يابنى عبد المطلب لاألفينكم تريقون دماء المسلمين بعدى تقولون قتلتم أمير المؤمنين ألا لايقتلن بى إلا قاتلى ثم لم ينطق إلا بلاإله إلا الله حتى قبض رضى الله عنه ; وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر ومحمد بن الحنفية رضى الله عنهم (وكفن) في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولاعمامة (وصلى) عليه ابنه الحسن (ودفن) ليلاً .
ويقول بعض الشعرآء :
سقته سحائب الرضوان سحا كجود يديه ينسجم انسجاما
ولازالت رواة المزن تهدى إلى النجف التحية والسلاما
منقووووووووووووووووووووووول