حينما تريد أن تعرف هل الذي أمامك يحبك أم يضمر لك في قلبه شراً وكرهاً؟.. أنظر جيداً في عينيه ستعرف ما تريد أن تعرفه عن الشخص الذي أمامك.. هل هو يحبك فعلاً..؟! أم يكرهك ويداري ويخبئ كرهه لك داخله؟
لأن العين مرآة الروح ونافذة النفس. هي السرداب الذي يوصلك إلي أعماق الشخص الذي تريد أن تكشفه وتعرفه جيدا.
كم من أناس اقابلهم في حياتي ولكني بمجرد أن اتركهم أشعر بأنهم لم يتركوا داخلي أي أثر علي الاطلاق حتي انني في بعض الأحيان حينما آراهم مرة أخري في أي مكان أجد نفسي لا اتذكر حتي أسماءهم.. وأناس آخرون حينما آراهم لأول مرة أشعر بأنني أعرفهم منذ زمن طويل ويحدث تجاوب مذهل بيني وبينهم.. لأني دخلت من خلال أعينهم إلي أعماقهم فرأيت الصدق والاخلاص.. وتجولت أكثر وأكثر فوجدت قلوبهم بيضاء ناصعة لا يعرفون الضغينة والحقد.. ولذلك ظلوا معي أصدقاء وأحباء.
ولكن يوجد أناس آخرون حينما آراهم لأول مرة وأنظر إلي أعينهم تجدني أهرب من أمامهم سريعا وكأن شيئاً ما قد لسعني.. لأنني رأيت بداخلهم الضغينة والغدر مضفرين مع الحقد والحسد والغيرة مكونين هالة من النفور السريع بيني وبينهم.
بذلك تجد دائما العين مرآة لما في داخل الإنسان من طباع سواء موروثة أو مكتسبة ومؤثرات بيئية لما تأثر به الشخص.
لذلك نجد دائما رجال العصابات يرتدون النظارات السوداء سواء بالليل أو النهار. لأنهم يضمرون بداخلهم الشر لكل من حولهم وهذه النظارات السوداء يختفون وراءها ويدارون بها ما بداخلهم من تحفز وتهور واستعداد لفعل الشر وعمل الإجرام.
كل هذا يظهر في العين.. حتي أنك لو جلست في مكان ما يكون به أثنان يحبان بعضهما البعض. ويحاولان لأن يداريا هذا الحب علي الجميع.. فإنك من أول وهلة ستكتشف حبهما مهما حاولا أن يكونا طبيعيين حتي لو جلسا عن بعد.. لأن عيونهما ستفضحهما. لأن الوجد تفضحه عيونه.. وتحضرني الآن هذه الأغنية الرائعة التي تقول: "داري العيون داريها.. السحر ساكن فيها.. داري العيون.. داري العيون".
ان السحر الذي ظهر في العين هو من القلب.. لذلك كم من أغان كثيرة كتبها الشعراء عن العيون ولم يكتبوا عن الفم أو الشعر أو الأذرع أو الأرجل.. لأن العين هي مرآة لما في قلب الإنسان.
انت تعرف.. هل هذا الإنسان ذو شخصية قوية أم شخصية ضعيفة إذا نظرت في عينيه.. وكم من رجال معروفين جدا ومنهم. بل أشهرهم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.. يقولون إنك كنت لا تستطيع أن تنظر في عينيه لانك ستري فيها القوة الجبارة والإصرار والتحدي المذهل.. وهذا طبعا نابع من داخله.. لانه فعلا كان زعيما جسوراً ثائراً ذا قرارات مصيرية حاسمة وربما يكون حولها جدل.
كم من نساء حينما ينظرن إلي أعين أزواجهن يعرفن ويكتشفن ما بداخلهم لذلك دائما الرجل الذي تزوج علي امرأته أو أحب امرأة أخري وعلي علاقة بها لا يستطيع النظر إلي وجه زوجته. بل يشيح بوجهه عنها.. لأنها ستكشفه فورا حينما تنظر إلي عينيه وتتجول داخلهما.. وستري ما يحب أن يداريه عنها.. وهذه هي القرون الاستشعارية التي يقول عنها الرجال في المرأة ان لديها قرونا تستشعر بها خيانته لها وما يفعله من ورائها وهو لا يعلم أن عينيه هما اللتان تفضحانه عما يفعله من ورائها.. لأن العين هي نافذة الروح.. وبما أن العين هي نافذة الروح فيمكن أن تعرف الكثير والكثير عن صاحبها.
هناك العين التي تتكلم من غير كلام ذات النظرة المريحة الدافئة التي تعطيك السعادة والأمان وتشعرك بالراحة ولا تمل من النظر إليها.. وهناك العيون الجامدة الجافة الباردة وكأنك تنظر إلي حائط أصم فتشعر بالضيق والاختناق والقلق.
هناك من الوجوه الجميلة لسيدات أو رجال ولكنك لا تشعر بجمالها حين تبدأ بالتحدث إليهم والنظر إلي عيونهم وهناك بعض الناس قليل الجمال ولكن عيونهم المريحة تجعلك تراهم من أجمل الأشخاص علي السواء.
لقد خلق الله العين لتري ما حولنا. وخلقها أيضا لتكشف عما تخبئه النفس البشرية من الأسرار لمن يفهم قراءة هذه اللغة.. فهل يا تري محظوظ من يستطيع أن يفهمها؟