بسم الله الرحمن الرحيم
أمل ينير دروب العتمة ووحشتها، واشتياق إلى نور الشمس وحرقتها، ولكن بصيرة القلب كانت الأقوى في حياتهم، فزرعوا النور وحصدوا نجاح إرادتهم.
أحمد حسين طالب جامعي في كلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية، وُلد مع العتمة، ولكنه كبر مع نور التحدي.يقول أحمد حول التحاقه بالدراسة: "واجهت صعوبة عند الالتحاق بالمدارس الحكومية بسبب السياسة التعليمية آنذاك، وبعد جهد أنهيت دراستي، والتحقت بالدراسة الجامعية، وأنا الآن في سنتي الثالثة".
وتابع يقول: "أما الآن فأواجه صعوبة في توفير المنهاج الدراسي، فأضطر إلى نسخ الكتب الجامعية يدوياً على طريقة "بريل"، وبالنسبة للامتحانات كان هناك من يساعدني بتنقيل الأجوبة شفوياً وكتابتها على ورقة الإجابة من قبل شخص ما، والحمد لله أنا الآن على أعتاب التخرج".
ويتابع أحمد حديثه وابتسامة ترثي حالة مجتمع طال تقبّله له، فيصف الابتسامة الغريبة التي ارتسمت على محيّا الطلاب من حوله ويقول:
"إن الطلاب في بادئ الأمر تعجبوا كيف أنه يشق طريقه وحده بين أروقة الكليات، ولكنه تخطى الأمر وبدأت الأسئلة تتحول إلى إعجاب ومساعدة".
ويرى في تخصصه للشريعة مخرجاً لصعوبة التخصصات السابقة، وإنه وجد كتاب الله وشريعته أجدى من دراسة أي موضوع آخر".
وكما أحمد، كانت إخلاص اشتية طالبة في سنتها الثانية في كلية الآداب تخصص لغة انجليزية، تشق طريقها وحدها بين مدينة نابلس وقريتها الصغيرة، تتنقل بين سيارات الأجرة غير آبهة بنظرات الحيرة من حولها، وبخطوات واثقة لتصل إلى جامعتها، فتقول: "توجهت إلى تخصصي كتحدٍ أولاً في إكمال مشواري الدراسي، ولأنني أفضل لغة العصر التي نحن بأمس الحاجة إليها لإيصال قضيتنا الفلسطينية".
وتضيف إخلاص إلى رغبتها في إفادة أكبر عدد من الطلاب ومنهم المكفوفون، وطموحي في الحصول على درجة الدكتوراة في اللغة الإنجليزية بإذن الله تعالى".
لحن التحدي... والحياة.
رغم ضجة الظلام من حوله كان يرسم ألحان الأمل على نوتات الأورغ، بأنامله حفظ طريق السمفونيات الموسيقية، فأحمد عاشق للموسيقى، أحب آلة الأورغ كمنفذ لمشاعره، وليصل بها إلى آماله وأحلامه في المستقبل.
وكذا كانت إخلاص ترسم إيقاع حياتها بأناملها الصغيرة، فتقول: "أحببت الموسيقى منذ الصغر، فأحببت الإيقاع القروي الفلسطيني على الطبلة، وحصلت على دورة موسيقى الإيقاع على الطبلة من المركز الوطني للموسيقى".
وترى إخلاص في نسج الصوف مهنة تحفظها من أي رفض تتوقعه للحصول على العمل بشهادتها وتقول: "هناك مشكلة بعدم قبولنا كأفراد كاملين في المجتمع، حتى الآن هناك نظرة دونية لذوي الاحتياجات الخاصة".
فتصف وجود مواقف حرجة من بعض الأفراد، وطريقة التعامل معها "يذكرونني أن هناك شيئاً ينقص جسدي، وبأنني لست كاملة".
وتؤكد إخلاص على تصميمها على التغلب على الصعوبات: "سأستغل نقاط ضعفي كنقاط قوة للوصول إلى الهدف الذي أنشده، وأنا متوكلة على الله في حياتي العملية، وسأعتمد على كفاءتي العلمية".
ويقول أحمد بأن فقداني للبصر ابتلاء من الله، وإن الله -وبكل تأكيد- قد كتب له الأفضل، "ولدي شعور داخلي بأن حالي هذا هو الأفضل".
ويؤكد: "بأن فقدانه للبصر ليست مشكلة ولن تكون في يوم من الأيام عقبة في طريقه، على الرغم من الظروف التي مر بها، ولكنه دافع لإنجاز أكبر ولإثبات وجوده في الحياة".
وكما خط جبران خليل جبران في منثورته الأدبية:" أنا وأنتم أيها الناس مأخوذون بما بانَ من حالنا، متعامون عما خفي من حقيقتنا".
أنا وأنتم مشغوفون بقشور "أنا" وسطحيات "أنتم"، لذلك لا نبصر ما أسره الروح إلى"أنا"، وما أخفاه الروح في "أنتم".
منقووووووووووول