كيف أراه ...؟ الشعر فى مصر الآن
--------------------------------------------------------------------------------
كيف أراه ...؟ !!!
---------------
1
------------
هذه الكتابة بنت اللحظة الراهنة ، وهى رهن بى مرهونا فى الزمان / فى الجغرافيا / فى الأشخاص الذين قابلتهم اليوم ... والحروف التى قرأتها اليوم ونظرتى للغد ومقدار نقمتى وغضبى من الماضى / الحاضر الجاثم فوق الصدور ... لعل هذه المقدمة ليست ضرورية لأنه فى النهاية لا حقائق ثابتة مطلقة فيما هو إنسانى ، هناك نظريات جامحة تبرهن على أن العلوم البحتة هى - أيضا - إنسانية ، هى - أيضا - نسبية !!!!
2 -
---------
المشهد الشعرى فى مصر - الآن - مشهد مخنوق مكبوت ، مشهد خانق وناقم ، حالة ممتلئة ودسمة من الشعر الطازج الخام الجامح الذى لم يدخل معامل التكرير والتصفية والتحلية والتنقية ، شعر كما هو ، ولكن سدنة المعابد الثقافية العتيقة يقيدون هذه الحالة / العطاء بالسلاسل والأغلال .... والتهم جاهزة ودستورية ولها قوانين ولوائح تحددها وتنظمها ، فهناك تهمة خروج الشعر الجديد عن الجماعة ، ومن خرج عن الجماعة فقد شذ ، ومن شذ فقد شذ إلى النار ... ، وهناك تهمة الخروج على الآباء وقتلهم أو عقوقهم وإنكار دورهم فى الحضانة والرضاعة والتربية ، وقد أمرتنا الشرائع السماوية ببر الوالدين ...!!!!
وهناك تهمة الخروج عن المجتمع وقيمه وتقاليده والخوض فى بحار الدين بغير علم ، والجنس بدون قدرات ، والسياسة بدون خبرة وواسطة ، وهذه أمور توجد نصوص شرعية كثيرة وقوانين تحرم الخوض فيها إلا بمقدار ما يأذن أولو الأمر منهم - أعنى سدنة المعابد الثقافية العتيقة -
وكل هذا كان يمكن قبوله والتسليم به ومراعاته وزرع رقيب داخل كل شاعر شاب جديد لو أن هؤلاء السدنة صادقون- فعلا - فيما يقولون ومؤمنون - فعلا- بما يدعون ولكن الحقيقة المرة أنهم يلبسون أقنعة زائفة ويستخدمون هذه الدعاوى للحفاظ على مناصب أو كراسى أو مكاسب رخيصة .... هم يتوهمون أن أى شاعر شاب يظهر مخصوم من رصيدهم وليس مكسبا للجماعة ولا للإنسانية ولا حتى لذاته المفردة ، هم ينظرون إلى الشاعر الجديد كمعتد على سلطتهم ومناطق نفوذهم ، وهم يرون أى قصيدة جديدة تنشر حدا من صلاحياتهم ، وكشفا حقيقيا لأوجههم الحقيقية ، إنهم وعلى حد تعبير الشاعر الكبير \' محمد عفيفى مطر \' يتعاملون مع الثقافة \' كقصعة فتة كبيرة \' وأن من حقهم وحدهم التهامها كلها لأنهم الكبار، ولأنهم المناضلون ، ولأنهم الرواد ، ولأنهم شهدوا عددا من السجون ، وترأسوا عددا من المؤسسات والصحف والمجلات ، وفازوا بعدد من الأوسمة ، لقد تعبوا وكافحوا فى سبيل الوطن - مسكين هذا الوطن الذى يحتله المتاجرون به - فلا يصح أن يخرج الصغار / الأطفال الذين لم يناضلوا ، وخرجوا وقد وجدوا الأرض العربية كلها محررة ، وقد وجدوا أنظمة ديموقراطية سليمة ، ووجدوا سجونا خالية ومزارات للسياحة ، ووجدا \' شققا \' صالحة للسكنى ، وحبيبات صالحات للحب ، وكتبا صالحة للقراءة ، وأوراقا بيضاء صالحة للكتابة وآباء بررة أنقياء
كادوا من شدة نضالهم القديم أن يكونوا أنبياء ، ووجدوا - الشباب الجدد - ساحات للعب وهواتف محمولة وقنوات فضائية وانترنت ... كيف يصح لهؤلاء الأطفال / الشعراء / الصبيان أن يفكروا فى الأكل من \' القصعة / طنجر الفتة \' ؟! والحقيقة - كما يقول عفيفى مطر - - لا توجد قصعة ولا فتة ولا يحزنون ، ولا يوجد إلا وهم كبير - كما أقول أنا .!!!
3
--------------
أؤكد أن هنا حالة من الازدواجية والنفاق فى كل شىء ، فكثير من الآباء حين يلتقون بك وينفردون معك - أو عليك - يعلنون أن الشعر الذى تكتبه جميل ورائع ومدهش ومتجاوز ومعبر بحق عن اللحظة ... ولكن حين تطلع شمس النهار أو حين يجلس الأب على كرسيه أو حين يقف أمام الكاميرا يكون هذا الشعر ناقصا فنيا ، أو غير أخلاقى ، أو صادم للمجتمع ، أو هناك محاذير تمنع نشره ، أو اللوائح الموضوعة مسبقا لا تنطبق عليه ، أو هو ليس شعرا أصلا
لأن الخليل بن أحمد الفراهيدى وزملاءه فى المؤسسة الثقافية عرفوا الشعر بأنه : \' كلام جميل موزون مقفى \'
وكلام الشعراء الشبان غير مقفى إذن هو ليس شعرا
وغير موزون إذن هو ليس شعرا
وغير جميل إذن هو ليس شعرا
ثم اختلف زملاء الخليل فيما إذا كان كلاما من أصله أم لا ؟!!!
4
------------
سمات الشعر الجديد
-----------------
هناك سمات كثيرة يتصف بها الشعر الجديد ، وبعض هذه الصفات ليست حكرا عليه وحده ، فهناك شعر قديم يمكن أن نجد به بعض هذه الصفات كما يمكن أن نجدها فى فنون أخرى ، ولن نتقاتل حول مصطلح الجديد والقديم ، الجديد هنا بمعنى الأحدث زمنيا ، وإلا فإن الجديد فنيا يمكن أن نجده فى الجاهلية كما نجده فى الإسلام ، والشعراء معادن خيارهم ليسوا فى الجاهلية وحدها ...
1- يتسم الشعر الجديد باهتمامه الملحوظ بالعابر واليومى
2- كما يتميز بطابعه الحكائى وانجراره وراء السرد والوصف
3- كما يتميز بزيادة حالة النقمة والغضب والسخط والتشاؤم والإحباط وعدم الرضا وعدم وضوح الهدف وعدم اكتمال شعاع الأمل فى المستقبل .
4-
يتميز الشعر الجديد بعدم حرصه على وجود موضوع واحد داخل النص ، ولا وجود رؤية واحدة فى بطن القصيدة ، كما أنه غير حريص على إكمال النص أو إنهائه أو محاولة وضع المتلقى فى حالة استرخاء .
5- يتميز الشعر الجديد بالسخرية المريرة من حاضره ، ومن الشاعر الذى كتبه ومن جماليات الحب وأحلام المراهقة
6 - الشعر الجديد غير حريص على الموسيقى رغم أنه يحبها ويعلن افتقاده لها
7- الشعر الجديد يقترب أحيانا من الشعر المترجم ، أحس أن بعض الشعراء يتعمد - أو يتعمدون - هذا وكأنهم لا يريدون لشعرهم أن يسمع ، فقط يريدون أحدا يقرأه أو يترجمه - هناك ترجمات تتفوق على النص الأصلى - لم يلتفت الكثيرون لهذا الموضوع !!!
8- العبثية واللامبالاة هذه سمة قديمة
9- الشعر الجديد أكثره غير قابل للنشر بسبب وبون سبب
10- الشعر الجديد أكثره غير قابل للفوز فى المسابقات بسبب اللوائح الموضوعة مسبقا
11- كثير من النصوص الشعرية ناتجة عن ثقافة سماعية - أو سمعية - وثقافة المقاهى والندوات والثرثرة والنميمة
12-
تتشابه النصوص الشعرية - أحيانا بسبب تشابه التربية والتنشئة الثقافية الناتجة من مؤسسة ثقافية أحادية الرؤية واحدة متفردة غير قادرة حتى - الآن - على فهم أو استيعاب التعدد والتنوع ، تطبع كتبا متشابها وكأنها كتاب واحد ، وتعقد ندوات رسمية لشعراء رسميين متشابهين وكأنهم شاعر واحد ، والموهبة الخلاقة والثقافة الخالصة والإخلاص للفن هو القادر على استمرارية الشعراء الشبان فى المستقبل ، أو نسيانهم تاريخيا كما حدث لشعراء كثيرين فى الماضى
13-
دواوين كثيرة لم تنشر بعد ، وأصوات شعرية رائعة لم تظهر فى الأفق الرسمى بعد إذا ظهرت هذه الأصوات ... وإذا نشرت تلك الكتب فلن نكون بحاجة لكتابة سمات نقدية عابرة وانطباعية ... ساعتها ستتحدث القصيدة الجديدة عن نفسها ...!!!
5
---------------
لقد تجاوزا
وما أدراك ما التجاوز ؟!!!
موضوع: الشعر فى مصر الآن 
14/7/2009, 22:37
