الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 111010
العمل : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Unknow10
الحالة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Yragb11
نقاط : 32628
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 112

أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Empty
مُساهمةموضوع: أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها   أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها I_icon_minitime17/4/2009, 03:11

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا البحث كنت قد أستأذنت فيه كاتبه الدكتور : محمد أحمد الجمل
برسالةٍ خاصة وكلي يقينًا بأن هذا يصنف من نشر العلم !
وهو بعنوان :
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها*
قال تعالى: [قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ] (9) سورة الزمر.
ليس من له حظ من البلاغة كمن لم يحظ منها بنصيب، في فهم بليغ القول وتذوق فصيح الكلام، ومن حباه الله تعالى نعمة التذوق البلاغي ليس كمن كان ذوقه كزا ً(1) جاسيا(2) وطبعه البلاغي غليظا جافيا(3)، فالبلاغة لا بد لها من أساسين؛ العلم والذوق.
يقول صاحب (الإيضاح):
البلاغة في الكلام "مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته... فالبلاغة صفة راجعة إلى اللفظ باعتبار إفادته المعنى عند التركيب"(4)
ويوضح أستاذنا الدكتور فضل عباس ذلك فيقول:
" البلاغة" إذن تقوم على دعائم :
أولها: اختيار اللفظة.
وثانيها: حسن التركيب وصحته.
وثالثها:اختيار الأسلوب الذي يصلح للمخاطبين، مع حسن ابتداء، وحسن انتهاء.
وبقدر ما يتهيأ من هذه الدعائم، يكون الكلام مؤثراً في النفوس، والتأثير هو الدعامة الرابعة من دعائم البلاغة.
البلاغة إذن لابد فيها من ذوق وذكاء، بحيث يدرك المتكلم متى يتكلم، ومتى ينتهي، وما هي القوالب التي تصبُّ فيها المعاني التي رتبها في نفسه، فربَّ كلام يكون جميلاً في نفسه، لكنه لم تُراع فيه هذه الظروف، فتكون نتائجه عكسية غير متوقعة.
يقول ابن عباس رضي الله عنهما(5):
(خمس لهن أحب إليّ من الدّهم الموقفة -أي: الخيل العربية الأصيلة- لا تتكلم فيما لا يعنيك، فإنه فضل، ولا آمن عليك الوزر، ولا تتكلم فيما يعنيك حتى تجد له موضعاً، فربّ متكلم تكلم فيما يعنيه، فوضعه في غير موضعه، فعيب).(6)

فالبليغ لا غنى له عن خصلتين؛ خصلة موهوبة وخصلة مكتسبة؛ أما الخصلة الموهوبة فهي؛ رقة في الطبع، ورهافة في الحس، وسمو في الذوق، وسعة في الخيال، وذكاء في العقل، وحضور في القلب، مع امتلاك العين المبصرة النافذة الناقدة، والأذن الواعية، مرهفة السمع، العاشقة جمال اللفظ وعذوبة الجرس وروعة الإيقاع. كما قال بشار:

يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة
والأذن تعشق قبل العين أحيانا(7) "

هذه الخصلة من شأنها تمكين صاحبها من مراعاة أحوال الخطاب، وتخيّر المقال المناسب لكل مقام،من حيث ما ينسجم مع الحال من ظروف نفسية واجتماعية وبيئية وغيرها، هذا من ناحية، ومن حيث اختيار ما يناسب هذه الظروف من معان منظومة في عبارات،واختيار ما تبنى منه العبارات من ألفاظ،تتناغم مع المقام وتصوره على خير ما يرام من ناحية أخرى .

" والإحساس اللغوي عند الأديب هو الذي يختار اللفظ اختياراً دقيقاً، بحيث يؤدي المعنى، على وجه لا لبس فيه ولا اضطراب، وهو لذلك يلحظ الفروق الدقيقة بين الكلمات ويأخذ من بينها أمسها بمعناه، حتى تقوم بواجبها من التوصيل الصادق.
سمع ابن هَرْمَة(150هـ) أديباً ينشد قوله:

بالله ربك إن دخلت فقل لها
هذا ابن هَرْمَة قائماً بالباب(Cool

فقال له: لم أقل قائماً،أكنتُ أتصدق؟ فقال: قاعداً فقال: أكنتُ أبول؟ قال: فماذا؟ قال: واقفاً وليتك علمت ما بين هذين، من قدر اللفظ والمعنى.

بل إن الإحساس اللغوي، يرهف ويدق، فيختار من الكلمات ما يكون بين أصواتها وبين الموضوع ملاءمة، بحيث يكون فيها تقليد للشيء الموصوف، حتى كأنه يوحَى به إلى الخاطر، كما تحس بذلك في كلمة " تفاوح" في قول المتنبي(354هـ):
إذا سارت الأحداج فوق نباته
تفاوح مســك الغانيات ورنده (9)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 111010
العمل : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Unknow10
الحالة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Yragb11
نقاط : 32628
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 112

أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Empty
مُساهمةموضوع: رد: أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها   أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها I_icon_minitime17/4/2009, 03:14

فهي تدل بصيغتها، على هذه الموجات النسيمية، وتحمل في أردانها عبق المسك والرند. وكلمة صليل في قوله:

وأمواه تصـل بهـا حصاها
صليل الحَلْي في أيدي الغواني

فهي تسمعك وسوسة المياه تداعب حصاها..

وبعض ألفاظ اللغة، أسلس على اللسان، وأجمل وقعاً على الأُذن من بعض، وهو جمال ظاهري، يساعد الأديب على إيصال تجربته، وعلماء البلاغة يذكرون من صفات الألفاظ المفردة ما يصح أن تلتمسه هناك.

وفضلاً عما للكلمات من خصائص يدركها إحساس الأديب، كذلك النظم في العبارة الأدبية، يحمل معنى أكثر مما تؤديه الجملة بجريها على النحو، فإن هناك قوى يبثها المؤلف فيها، عن غير عمد حيناً وعن عمد حيناً آخر، فنجده يقدم ويؤخر، ويذكر ويحذف، ويصل ويفصل، ويأتي ببعض ألوان المعارف دون بعض، وحيناً يدع المعرفة إلى النكرة، وآنا يستخدم أداة من أدوات الطلب مكان أخرى، أو يأتي بزخرفة في مكانها، وقد وصل علماء البلاغة إلى إدراك كثير من هذه الأسرار، فعقدوا علما يتحدث عن خصائص الجملة ودعَوْه علم المعاني، وعلما للخيال الذي يعقد الصلة بين الأشياء ودعَوْه علم البيان، وآخر لبعض ألوان الجمال، وسموه علم البديع.

ولكن خصائص النظم، لا تقف عند حد الجملة، بل إن للأساليب خصائص، فمنها ما يناسب الانفعال السريع، والحركة المتوثبة،ومنها ما يناسب العاطفة الهادئة، والحركة البطيئة، وقد يدفع الإحساس الفني الأديب، إلى انسجام في النظم وموسيقى لفظية، تساعد على الإيحاء، وإن هذا الانسجام وهذه الموسيقى يصلان إلى الذروة في فن الشعر، وبذلك يستطيع الأديب أن يصل إلى أسمى درجات التأثير".(10)

كل ذلك يملكه من حباه الله تعالى الذوق والحس البلاغي ،ويحرم منه من لم يرزقه الله هذه الموهبة الفطرية، فهو لا يفرق بين حَسَن وقبيح، ولا تألق عنده ليميز بين ركيك وفصيح، وفاقد هذه الموهبة قد لا ينفع معه بذل كل جهد لاكتسابها،إذ هي فطرية طبيعية تختلف قدرات الناس واستعداداتهم تجاهها، والصفة الخِلْقية التي هي طبع وسجية لا تكلف فيها، ليست كالصفة التي يحاول صاحبها اصطناعها وتكلُّفَها، كما يقول المتنبي:

فإنَّ حلمك حلمٌ لا تَكَلَّفُــهُ
ليس التكحل في العينين كالكَحَلِ(11)



وكما قال أبو تمام:

والسيفُ ما يُلْفَ فيه صَيْقلٌ
من طبعه لم ينتفع بصقـــالِ(12
)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 111010
العمل : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Unknow10
الحالة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Yragb11
نقاط : 32628
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 112

أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Empty
مُساهمةموضوع: رد: أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها   أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها I_icon_minitime17/4/2009, 03:16

ولعل من هذا القبيل، تلكم المقارنة الذوقية التي صوّر بها ابن الأثير موقف منحط الذوق متبلد المشاعر والأحاسيس، عيّي الفهم، وهو يساوي في المقابلة، بين الأشياء المتنافرة المتضادة المتقابلة إذ يقول: " وقد رأيت جماعة من الجهال؛ إذا قيل لأحدهم: إن هذه اللفظة حسنة، وهذه قبيحة، أنكر ذلك، وقال: كل الألفاظ حسن، والواضع لم يضع إلا حسناً. ومن يبلغ جهله أن لا يفرق بين لفظة الغصن ولفظة العسلوج، وبين لفظة المدامة ولفظة الإسفَنْط،(13) وبين لفظة السيف ولفظة الخنشليل، وبين لفظة الأسد ولفظة الفَدَوْكَس؛ فلا ينبغي أن يخاطب بخطاب، ولا يجاوب بجواب، بل يترك وشأنه؛ كما قيل: (اتركوا الجاهل بجهله، ولو ألقى الجَعْرَ(14) في رحله)، وما مثاله في هذا المقام إلا كمن يسوّي بين صورة زنجية سوداء مظلمة السواد، شوهاء الخلق، ذات عيون محمرة، وشفة غليظة كأنها كلوة، وشعر قطط كأنه زبيبة، وبين صورة رومية بيضاء مشربة بحمرة، ذات خدٍّ أسيل وطرف كحيل، ومبسم كأنما نظم من أقاح، وطرة كأنها ليل على صباح، فإذا كان من سقم النظر أن يسوّي بين هذه الصورة وهذه، فلا يبعد أن يكون به من سقم الفكر أن يسوّي بين هذه الألفاظ وهذه، ولا فرق بين النظر والسمع في هذا المقام، فإن هذا حاسة وهذا حاسة، وقياس حاسة على حاسة مناسب."(15)

فالبليغ الذواقة – كابن الأثير- تُحْدِثُ الألفاظ الرائقة، ومعانيها الرائعة، في نفسه وفكره صورا لها شخوص وخيالات حية، لا يشعر بها من الناس إلا أوحدهم وأخصهم، وإلا واسطتهم وفصهم(16)، ولنستمع إليه وهو يصف أسلوبين من أساليب الشعراء ويصور المفارقة بينهما، يقول:
" فاعلم أن الألفاظ تجري من السمع مجرى الأشخاص من البصر، فالألفاظ الجزلة تتخيل في السمع كأشخاص عليها مهابة ووقار، والألفاظ الرقيقة تتخيل كأشخاص في دماثة ولين أخلاق ولطافة مزاج، ولهذا ترى ألفاظ أبي تمام؛ كأنها رجال قد ركبوا خيولهم، واستلأموا سلاحهم، وتأهبوا للطراد، وترى ألفاظ البحتري كأنها نساء حسان، عليهن غلائل مصبغات، وقد تحلين بأصناف الحلي" (17).

مثل هذه المشاعر ينفعل بها صاحبها، وتملك عليه أقطار قلبه ونفسه، حين يسمع الآية من القرآن، أو البيت من عيون الشعر، أو القطعة من ساحر النثر، فتتسرب الألفاظ ومعانيها في أحاسيسه ومشاعره، وتجري منه في دمائه، وتأخذه كل مأخذ، حتى إذا سئل أن يضع يده على مكامن إعجابه وأسرار انفعاله، لم تجد عبارته إلى ذلك سبيلا، بل لعل العبارة عن ذلك تفسد الذوق الذي شعر به، وتأتي على أسرار الجمال التي وجدها في نفسه، فهي تؤخذ كما هي، وكأنما هذا الجمال وذلكم التذوق يستعصي على اللفظ أن يحدده بحدوده، ولولا الإطالة لأتيت من كتاب الله تعالى، ومن كلام نبينا صلى الله عليه وسلم، ومن أدب العربية ما يشهد لذلك .

هذا عن الخصلة الموهوبة، وأما الخصلة المكتسبة؛ فهي أَخذ النفس بما من شأنه أن يثري ويطور ويعزز الملكة الوهبية عنده، بكثرة قراءاته ومطالعاته للبليغ من الكلام، في سائر فنون اللغة، مَنظومها ومنثورها، وخصوصاً كتاب الله تعالى، الذكر الحكيم، والصراط المستقيم، الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم ينته الجن إذ سمعوه حتى قالوا(18): ] إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}{يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}سورة الجن(1-2)

كما ينبغي أن يؤسس لهذه الملكة بالتمكن من علوم العربية، نحوها وصرفها وفقه لغتها، وخصوصا المباحث البلاغية في علمي المعاني والبيان، وما يترتب على العلم بهما وفهم مسائلهما من قدرة على تقييم صحيح القول من سقيمه، وبليغه من ركيكه، وحسنه من قبيحه، الأمر الذي سيعنى هذا البحث بضرب الأمثلة التطبيقية المتنوعة عليه، إبرازا لأهمية هذين العلمين في الحكم على الكلام، وبيان تفاوت مراتبه ومنازله من البلاغة، وكان هذا هو المقياس الذي كشف عن البون الشاسع بين لغة القرآن وبيانه، وبين كل بيان عرفته الإنسانية.

يقول القلقشندي في صبح الأعشى، وهو يتحدث عن وجه احتياج الكاتب إلى المعرفة بعلوم المعاني والبيان والبديع:
" اعلم أنه لما كانت صناعة الكتابة مبنية على سلوك سبل الفصاحة، واقتفاء سنن البلاغة، وكانت هذه العلوم هي قاعدة عمود الفصاحة، ومسقط حجر البلاغة، اضطر الكاتب إلى معرفتها والإحاطة بمقاصدها، ليتوصل بذلك إلى فهم الخطاب وإنشاء الجواب، جاريا في ذلك على قوانين اللغة في التركيب، مع قوة الملكة على إنشاء الأقوال المركبة المأخوذة عن الفصحاء والبلغاء من الخطب والرسائل والأشعار، من جهة بلاغتها وخلوها عن اللكن، وتأدية المطلوب بها، وأنها كيف تتعين بحسب الأغراض، لتفيد ما يحصل بها من التخيل الموجب لانتقال النفس من بسط وقبض، والشيء يذكر بضده؛ فيذكر المحاسن بالذات والعيوب بالعرض000 " (19).

وقال أبو هلال العسكري:
" إن أحق العلوم بالتعلّم، وأولاها بالتحَفُّظ- بعد المعرفة بالله جل ثناؤه- علم البلاغة، ومعرفة الفصاحة، الذي به يُعرف إعجاز كتاب الله تعالى، الناطقِ بالحقّ، الهادي إلى سبيل الرشد...
وقد علمنا أن الإنسان إذا أغفل علم البلاغة، وأخَلَّ بمعرفة الفصاحة، لم يقع علمه بإعجاز القرآن من جهة ما خصه الله به من حسن التأليف، وبراعة التركيب، وما شحنه به من الإيجاز البديع، والاختصار اللطيف، وضمّنه من الحلاوة، وجلّله من رونق التلاوة، مع سهولة كلمه وجزالتها، وعذوبتها وسلاستها، إلى غير ذلك من محاسنه التي عجز الخلق عنها، وتحيّرت عقولهم فيها .

وإنما يُعرف إعجازه من جهة عجز العرب عنه، وقصورهم عن بلوغ غايته، في حسنه وبراعته، وسلاسته ونصاعته، وكمال معانيه، وصفاء ألفاظه . وقبيحٌ لعمري بالفقيه المؤتَمّ به، والقاريءِ المقتدَى بهديه، والمتكلمِ المشار إليه في حسن مناظرته، وتمام آلته في مجادلته، وشدة شكيمته في حجاجه، وبالعربي الصليب، والقرشي الصريح(20) ألاّ يعرف فهم إعجاز كتاب الله تعالى إلاّ من الجهة التي يعرفه منها الزنجي(21) والنبطي(22)، وأن يستدل بما يستدل به الجاهل الغبي
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 111010
العمل : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Unknow10
الحالة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Yragb11
نقاط : 32628
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 112

أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Empty
مُساهمةموضوع: رد: أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها   أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها I_icon_minitime17/4/2009, 03:17

ولهذا العلم بعد ذلك فضائل مشهورة، ومناقب معروفة، منها أن صاحب العربية إذا أخل بطلبه، وفرّط في التماسه، ففاتته فضيلته، وعلقت به رذيلة فوته، عفَّى على جميع محاسنه، وعمّى سائر فضائله؛ لأنه إذا لم يفرق بين كلام جيد وآخر رديء، ولفظ حسن وآخر قبيح، وشعر نادر وآخر بارد، بان جهله، وظهر نقصه .
وهو أيضاً إذا أراد أن يصنع قصيدة، أو ينشيء رسالة- وقد فاته هذا العلم- مزج الصَّفْوَ بالكَدَر، وخلط الغُرَرَ بالعُرَر(23) فجعل نفسه مهزأة للجاهل وعبرة للعاقل ... "(24)

ولقد أشار الإمام الزمخشري(538هـ)، في مقدمة كشافه إلى أهمية البراعة في علمي المعاني والبيان
وبذل كل جهد في معالجة مسائلهما، كما أشار إلى الخصائص النفسية الوهبية والأخرى المكتسبة التي لا بد منها لمن يريد التصدي لفهم كتاب الله عز اسمه، والوقوف على بلاغة وأسرار إعجازه، حيث يقول:
" إنَّ أملأ العلوم بما يغمر القرائح، وأنهضها بما يبهر الألباب القوارح، من غرائب نكت يلطف مسلكها، ومستودعات أسرار يدق سلكها، علم التفسير، الذي لا يتم لتعاطيه وإجالة النظر فيه كل ذي علم- كما ذكر الجاحظ في كتاب نظم القرآن- فالفقيه وإن برّز على الأقران في علم الفتاوى والأحكام، والمتكلم وإن بز أهل الدنيا في صناعة الكلام، وحافظ القصص والأخبار وإن كان من ابن القرّية أحفظ، والواعظ وإن كان من الحسن البصري أوعظ، والنحوي وإن كان أنحى من سيبوبه، واللغوي وإن علك اللغات بقوة لحييه، لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق، إلا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن؛ وهما علم المعاني وعلم البيان، وتمهل في ارتيادهما آونة، وتعب في التنقير عنهما أزمنة، وبعثته على تتبع مظانهما همة في معرفة لطائف حجة الله، وحرص على استيضاح معجزة رسول الله، بعد أن يكون آخذا من سائر العلوم بحظ، جامعا بين أمرين تحقيق وحفظ، كثير المطالعات، طويل المراجعات، قد رجع زمانا ورُجع إليه، ورد ورُدَّ عليه، فارساً في علم الإعراب، مقدَّما في حملة الكتاب، وكان مع ذلك مسترسل الطبيعة منقادها، مشتعل القريحة وقّادها، يقظان النفس، درّاكاً للّمحة وإن لطف شأنها، منتبهاً على الرمزة وإن خفي مكانها، لا كزاً جاسيا ولا غليظا جافيا، متصرفا ذا دُربة بأساليب النظم والنثر، مرتاضا غير ريض بتلقيح بنات الفكر، قد علم كيف يرتب الكلام ويؤلف، وكيف ينظم ويرصف طالما دفع إلى مضايقه، ووقع في مضاحضه ومزالقه".(25)
وفي بيان العلاقة الجدلية القائمة بين الطبع والاكتساب عند البليغ؛ بين الموهبة البلاغية وبين ضرورة إذكائها وتثقيفها بعلم البلاغة، يقول إمام البيان الشيخ عبدالقاهر في باب اللفظ والنظم:
" واعلم أنه لا يصادف القولُ في هذا الباب موقعاً من السامع، ولا يجد لديه قبولا حتى يكون من أهل الذوق والمعرفة، وحتى يكون ممن تحدثه نفسه بأن لما يومىء إليه من الحسن واللطف أصلا،وحتى يختلف الحال عليه عند تأمل الكلام فيجد الأريحية تارة، ويعرى منها أخرى، وحتى إذا عجّبته عجب، وإذا نبهته لموضع المزية انتبه، فأما من كانت الحالان والوجهان عنده أبداً على سواء، وكان لا يتفقد من أمر النظم إلا الصحة المطلقة، وإلا إعرابا ظاهرا، فما أقل ما يجدي الكلام معه، فليكن من هذه صفته عندك، بمنزلة من عدم الإحساس بوزن الشعر والذوق الذي يقيمه به، والطبع الذي يميز صحيحه من مكسوره، ومزاحفه من سالمه، وما خرج من البحر مما لم يخرج منه، في أنك لا تتصدى له، ولا تتكلف تعريفه، لعلمك أنه قد عدم الأداة التي معها تعرف، والحاسة التي بها تجد، فليكن قدحك في زند وَارٍ، والحكُّ في عود أنت تطمع منه في نار.

واعلم أن هؤلاء وإن كانوا هم الآفة العظمى في هذا الباب، فإن من الآفة أيضا من زعم أنه لا سبيل إلى معرفة العلة في قليل ما تعرف المزية فيه وكثيره، وأن ليس إلا أن تعلم أن هذا التقديم وهذا التنكير، أو هذا العطف أو هذا الفصل حسن، وأن له موقعا من النفس، وحظّاً من القبول، فأما أن تعلم لِم كان كذلك، وما السبب؟ فمما لا سبيل إليه، ولا مطمع في الاطلاع عليه، فهو بتوانيه والكسل فيه في حكم من قال ذلك".(26)

ويذهب الدكتور أبو موسى إلى أن علماءنا السابقين المبرزين في اللغة أمثالَ ابن جني وسيبويه،في دراستهم لأحوال هذا اللسان كانوا مدركين إدراكا لا يلتبس عليهم، أنهم يبحثون في السليقة اللغوية لهذه الأمة، ومنازِعِها في الإبانة واستشفاف القواعد والقوانين التي انطوت عليها هذه السليقة، وكأنه ضرب من التحليل النفسي للّغة، أو ضرب من مدارسة الفكر والمنطق الكامن وراء هذه اللغة، فالفكر والكلام أمران لا ينفكان في دراسة هذه الطبقة، وكل ظاهرة من ظواهر اللغة مرتبطة عندهم بظاهرة من ظواهر التفكير، وبمنهج من طريقة الإحساس بالأشياء، والإبانة عنها، وقواعد النحو والتصريف،والبلاغة والاشتقاق وغير ذلك اشتقاق لضوابط السليقة، ولما انفصلت هذه القواعد عما التبست به وهو طريقة القوم في التفكير ومنزعهم في الإبانة جمدت لأنها صارت كلاماً فحسب، أعني دراسة ألفاظ، وكانت قبلاً، كلاماً مرتبطاً بأحوال الفكر والنفس.(27)

ولما أصبح التعويل على الذوق والجانب الفطري وحده في هذه الأيام أمراً بعيد المنال عزيزاً، كان لا بد من التركيز على الجانب الآخرِ المكتسبِ، ودراستِهِ دراسة متأنية وعقلِهِ وفهمِهِ، ليستطاع به فهمُ الكلام ومعرفةُ مقاصده وأغراضه.
سئل أستاذنا الدكتور فضل عباس يوماً، عن الطفل المسلم يرضع من امرأة غير مسلمة، أيكون بينه وبين أولادها أخوّة، قال نعم، هم إخوة في الرضاعة، فقال أحد الجلوس ممّن له قسط لا بأس به من التحصيل العلمي: كيف يكونون إخوتَهُ والله عز وجل يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } سورة الحجرات-10
فقال أستاذنا: ما أحوجك لدراسة موضوع القصر*****؛ إن الآية الكريمة جاءت تبين للمؤمنين أن من شأنهم ألاّ يكونوا متقاطعين متدابرين، فقد قصر المؤمنين على الأخوة، فالمؤمنون مقصور، وإخوة مقصور عليه، فالصفة التي ينبغي أن تكون بين المؤمنين قبل غيرها هي صفة الأخوة، كأنه قال: إنما المؤمنون إخوة لا متباعدون.

فالآية لا تنفي أن يكون بين غير المؤمنين أُخُوّة، والمعنى الذي أَشرتَ إليه يا صاحبي يصح ويصلح لو أن الآية الكريمة جاءت على غير هذا النظم، أي: لو أنه قيل: إنما الإخوة المؤمنون. فالمعنى حينئذ: قصْرُ الأخوة على المؤمنين، وكأن كل أُخُوَّة بين غير المؤمنين لا تسمى أخوة، ولكن القرآن الكريم لم يقل ذلك، لأن أسباب الأُخُوّة من الدم والرضاعة وغيرهما من الأسباب لا ينكرها القرآن.(2
Cool
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 111010
العمل : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Unknow10
الحالة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Yragb11
نقاط : 32628
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 112

أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Empty
مُساهمةموضوع: رد: أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها   أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها I_icon_minitime17/4/2009, 03:18

وشبيه بذلك ما استدركه د. أبو موسى على المرحوم عبدالوهاب خلاف فيما وصفه بالغفلة في تحديد المقصور والمقصورعليه يقول:
"والغفلة في هذا تفسير الكلام على غير وجهه، انظر إلى قول المرحوم عبدالوهاب خلاف في قوله تعالى: { إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} (11) سورة البقرة
قال: لم يقولوا نحن مصلحون بل قصروا المصلحين على أنفسهم أي إن غرورهم أوهمهم أنهم بهذه الأعمال النفاقية مصلحون وأنه لا مصلح غيرهم.

وهذا بيان لمعنى غير وارد في الجملة الشريفة لأن القوم لم يريدوا قصر الإصلاح على أنفسهم لأنه ليس هناك منازعة في الإصلاح، ولو أرادوا ذلك لكانت العبارة " إنما المصلحون نحن" كما هو مقتضى نظام الجملة مع هذه الأداة، والمراد أنهم قصروا أنفسهم على الإصلاح، وأنه ليست فيهم شائبة من فساد، لأن هذا رد على من يقولون لهم: لا تفسدوا في الأرض".(29)

"فالتذوق إذن ينبغي أن يقوم على البصر بأحوال اللغة، والتعرف على ما يستكن فيها من أسرار، وما تنطوي عليه من قدرات، والتذوق شيء لا ينحصر في الاستمتاع بجمال العبارة، وإنما هو فوق ذلك وعي بما تحتويه العبارة من فكر وحس، وما ترمي إليه من مرام قريبة أو بعيدة، وما تفصح عنه بصوت مسموع، أو توسوس به وسوسة خفية، لا تلامس إلا قلة من ذوي البصر بأحوال هذا اللسان.

وهذا التذوق لا يتاح إلا لمن مارس هذا اللسان ممارسة مدروسة ومستنيرة، يعرف بها خصائص هذا البيان، وكيفية تناول الفكرة، وكيف يثير البيان بعض جوانبها، ويشير إلى البعض الآخر أو يوحي بها وحيا، ثم كيف يتصرف في بناء العبارة، وكيف تنفض هذه الكلمات من بعض أحوالها، فيزال عنها التعريف مثلا ويرمى بها نكرة، أو يختار التعبير بالصلة بدل التعبير بالإشارة، أو العكس إلى آخر هذا الباب.

ثم كيف أدار الكلمات فرتبها ثانيها على أولها، وثالثها على ثانيها وهكذا؟ وكيف ربط الجملة بالجملة؟ وما علاقة هذه بتلك؟ ولماذا آثر الواو دون الفاء؟ أو العكس؟ أو لماذا ترك الجميع ووصل بلا وصل؟ أو لم استأنف وأقام كلامه على القطع؟ ولم قدم النفي على الفعل؟ أو قدم الفعل على النفي؟ ولم نفى بهذا النفي دون ذلك؟ ولم عبر عن النهي بالأمر أو العكس؟ ولم أنكر بالاستفهام ولم ينكر بحرف الإنكار؟ ولم استفهم بالهمزة وترك هل أو العكس؟ ولم جاء بهذا الفعل لازما؟ أو لم عدّاه بالباء وهو يعدى بعلى؟ وما شابه ذلك مما هو داخل في فقه اللسان، ومما هو بحث في أدق أسراره، نقول إن تذوق الأدب تذوقا يعتد به لا يكون إلا لمن مارس هذه الخصائص وعرف طبائع هذه الأحوال والذين يزعمون أنهم يتذوقون الأدب وهم يجهلون طبائع هذا اللسان، إنما يتذوقونه تذوقا أعجميا، ليس في حقيقته إلا طرطشة عمياء، لا يعبأ بها عند أهل هذا الشأن" (30
).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 111010
العمل : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Unknow10
الحالة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Yragb11
نقاط : 32628
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 112

أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Empty
مُساهمةموضوع: رد: أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها   أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها I_icon_minitime17/4/2009, 03:19

أولاً: القصر
نستكمل موضوع القصر الذي سلفت أمثلة عليه، يقول أستاذنا الدكتور فضل عباس: الغرض البياني الذي يؤديه القصر ليس كماليا، فالقصر من مباحث علم المعاني، وعلم المعاني يشرح نظرية النظم، لذلك كان الغرض الذي يؤديه القصر غرضا جوهريا رئيسا يتعلق بمعاني الجمل، وقد يختلف المعنى اختلافا كليا، لتقديم كلمة تارة، وتأخيرها أخرى، وقد يخفى ذلك على كثير من المتعلمين.(31)
وحتى يفهم السامع المعنى الدقيق للجمل التي بنيت على أسلوب القصر، لا بد أن تسبق له دراسة ودراية بالمباحث المتعلقة بهذا الأسلوب، فيعرف أقسام القصر من حيث طرفاه: قصر الموصوف على الصفة، وقصر الصفة على الموصوف، وما ينشأ بينهما من فروق في المعنى، ويتعرف إلى تقسيم القصر باعتبار الواقع من حيث كونه حقيقيا أو إضافيا، ومعنى ذلك وعلاقة هذا القسم بالقسم الأول .
كما أن هناك أقساما للقصر من حيث المخاطبون، يحددها واقع وحال كل مخاطب، فقد يكون قصر قلب أو إفراد أو تعيين، وقد تجتمع كلها في مثال واحد إذا كان في المخاطبين هذه الأصناف الثلاثة.

ثم إن هناك طرقا للقصر، ويقصد بها الأساليب التي تدل على القصر وهي كثيرة من أبرزها طرق أربعة هي: (32)
1- القصر بـ (إنما).
2- القصر بـ ( ما ) و ( إلا ) .
3- العطف: وحروف العطف التي يمكن أن يكون بها القصر هي:
(لا) و (بل) و (لكن). تقول: داؤنا التفرق لا الفقر. وتنقصنا الإرادة لا الغطاء الجوي. ما أذلنا أعداؤنا بل قادتنا، ليس الفقر مشكلتنا لكن الأنانية.
4- تقديم ما حقه التأخير: لله الأمر. على الله توكلنا، في الجدية النجاح، بالثقة تنتصر الأمم. بالتفرق تهزم الأمم"(33)

وهذه الطرق تختلف أساليبها، فما يجوز في طريقة قد لا يجوز في أخرى، فبينها فروق لا بد من معرفتها ومعرفة الأسرار البيانية لكل طريقة، بل إن الطريقة الواحدة تختلف أساليبها، فالقصر بـ ( لكن) يختلف أسلوبا ودلالة عن القصر بـ (بل)، كما أن الطرق الثلاث الأولى لكل منها أداة دالة عليها، أما الطريقة الرابعة فليس لها أداة خاصة للقصر كما مر في الأمثلة، ولكننا نفهم القصر بطبيعتنا وذوقنا .

هذه القضايا حول القصر، مررت بذكرها مرورا، وتفصيلها يطول به الحديث، وفيها من الدقائق ما لا يوقف عليه إلا بطول الدرس، غرضي من ذلك التمثيل بموضوع القصر على أن كل موضوع بلاغي تدخل تحته مباحث كثيرة، وأن كل مبحث يحتاج إلى دراسة وعناية بالغتين، لهضم مسائله ومعرفة أساليبه، لذا فسأكتفي فيما أورده من أمثلة على المباحث البلاغية المتنوعة،أن أعرض للمثال وموطن الشاهد،دون البحث فيما يحتاجه المثال من أصول ضرورية لاستكمال الصورة حول المثال، تاركا للقارئ ممن لم يخبر هذه الأساليب أن يرجع إليها في مظانها، وأن يتعرفها في مواطنها.

ففي القصر مثلا باستعمال أداة القصر (إنّما)، إذا قدم المفعول على الفاعل، كان التركيز على الفاعل، وإذا قدم الفاعل على المفعول، كان التركيز على المفعول.
"فإن قلت: إنما حرر فلسطينَ صلاحُ الدين. كان التركيز على الفاعل، أي إنما حررها صلاح الدين لا غيره. وإذا قلت: إنما يحرر المؤمنون فلسطين. كان التركيز عليها، أي هي القضية الأولى التي ينبغي أن توجه الأنظار إليها، وتشد من أجلها السواعد(34)".

"وفي قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } (18) سورة التوبة ، فإن التركيز فيه على الفاعل، وهم المؤمنون،ذلك أن الآية الكريمة جاءت ردا على المشركين الذين يزعمون أن لهم عمارة المسجد الحرام، فجاءت الآية، لتقول لهم: ليست العمارة ما تظنون، وإنما عمارة المساجد هي الإيمان بالله واليوم الآخر، وإقامة الشعائر، وأداء الفرائض، فالآية الكريمة تقصر العمارة على المؤمنين، ولكنها لا تنفي عن المؤمنين أي نوع من أنواع العمارة في الأرض، ولو أنه قيل: إنما يعمر المؤمنون مساجد الله، لكان المعنى أن المؤمنين لا يعنون بشيء غير المساجد، فهم تقتصر عمارتهم عليها دون غيرها، وهذا معنى غير صحيح، لأن المؤمن ينبغي أن يعمر دنياه وآخرته.
رأينا أن الأمثلة السابقة قدم فيها المفعول على الفاعل وإليك هذين المثالين الذيْن قدم فيهما الفاعل على المفعول، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ } (33) سورة الأعراف هذه الآية جاءت ردا على الذين يحرمون على أنفسهم الطيبات من الرزق، والزينة الحلال، فجاءت لتقول لهم: إن ربنا لم يحرم هذا، بل حرم الفواحش وحدها، فما بالكم تحرمون ما أحل الله، ولو أنه قيل: إنما حرم الفواحش ربي، لكان المعنى: أن الفواحش حرمها الله لا غيره. وكان هذا ردا على الذين يدعون أنهم هم الذين حرموا الفواحش، وهذا غير مراد هنا، هذا هو المثال الأول.

أما المثال الثاني فهو قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية)(35)، فإنه جاء في شأن تحذير الأمة من الفرقة، وأمرها أن تكون موحدة الكلمة والوسائل والأهداف، فالتركيز في الحديث الشريف على القاصية، ولو أنه قيل: إنما يأكل القاصيةَ الذئبُ. لكان التركيز على الفاعل، أي أن الذي يأكل الذئب وليس الضبع أو الأسد، ولا يعقل أن يقصد الرسول هذا المعنى، لأن التركيز على المأكول، وأيا كان الآكل فلا يضيرنا قضية تقدم الفاعل والمفعول في القصر إذن قضية لها شأن"(36
).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 111010
العمل : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Unknow10
الحالة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Yragb11
نقاط : 32628
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 112

أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Empty
مُساهمةموضوع: رد: أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها   أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها I_icon_minitime17/4/2009, 03:20

وهذا الذي عرفناه من غرض تقديم الفاعل أو المفعول في القصر، يختلف مثلا عن التقديم فيما يتعلق بموضوع الاستفهام-سواءً أكان هذا الاستفهام حقيقيا أم تقريريا أم غير ذلك-من أنهم يقدمون ما هو مسؤول عنه مشكوك فيه غير معلوم لهم، وهو الذي يحظى بالاهتمام وعليه يكون التركيز، فإن كان الشك في الفاعل قدموه، كما في قوله تعالى حكاية عن قوم إبراهيم عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام: {قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ} (62) سورة الأنبياء فهم لم يشكوا في الفعل، لأنه حصل وانتهى وعلموه يقينا ورأوا الأصنام محطمة، ولكنهم يسألون عن الفاعل فقدموه قالوا (أأنت فعلت)، ولو كانوا يجهلون الفعل وأرادوا السؤال عنه لقالوا (أفعلت هذا بآلهتنا)، ولكنهم علموه فلو قالوا (أفعلت هذا) لكان خلفا من القول(37).

ومن حديث الرسول قوله (أو مخرجيَّ هم ?)( ولم يقل: أهم مخرجيَّ، لأن المسؤول عنه الإخراج والذي اسْتَغْرَبَ منه أنه سيخرج? وليس الاستغراب من أن قومه دون غيرهم هم الذين سيخرجوه، ولو قال: أهم مخرجي؟ لكان معنى السؤال: أهم الذين سيُخرجونه أم غيرهم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 111010
العمل : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Unknow10
الحالة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Yragb11
نقاط : 32628
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 112

أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Empty
مُساهمةموضوع: رد: أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها   أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها I_icon_minitime17/4/2009, 03:22

ثانياً: الاستفهام:
بعد حديثنا عن القصر، نتحدث عن الاستفهام، لأننا عرضنا لبعض ما يتعلق به، فالاستفهام من مباحث الإنشاء، وهو موضوع له شأن خطير في البلاغة شأنه شأن كل مباحث علم المعاني، فالاستفهام له أدوات كثيرة تبلغ إحدى عشرة أداة،من أبرزها الهمزة وهل، ولكل منهما أحكام خاصة.
وأدوات الاستفهام يختلف بعضها عن بعض من حيث الاستعمال ومن حيث ما يستفهم بها عنه، فمنها ما يستفهم به عن الحكم فقط وهو ما يعبرون عنه بالتصديق، وهو إدراك النسبة بين أمرين، والأداة المختصة بهذا النوع من الاستفهام هي (هل)، ولا يستفهم بها عن غير التصديق.
مثال ذلك: هل تستيقظ الأمة؟ فالسؤال ليس عن الاستيقاظ وحده ولا عن الأمة وحدها، ولكن عن الحكم الذي هو إثبات الاستيقاظ للأمة.

ومنها ما يستفهم به عن المفرد، كقولنا: ما البلاغة ؟ فيقال مثلا: "وصول المعنى إلى القلب بأحسن صورة من اللفظ"، فأنت ترى هنا أن لا حكم، فلم يثبت شيئا لشيء،وهذا ما يسمونه (التصور). وكل أدوات الاستفهام باستثناء (هل) والهمزة، يستفهم بها عن التصور فقط ولا يستفهم بها عن التصديق.

أما الهمزة، فهي أبرز أدوات الاستفهام على الإطلاق، وهي الوحيدة التي تصلح أن يستفهم بها عن التصديق وعن التصور.

كما أن غرض الاستفهام الأساسي هو (طلب الفهم والاستخبار عن الشيء الذي لم يتقدم للسائل علم به)، وكل أداة يستفهم بها عن أشياء هي مختصة بها، فالحال يستفهم عنه بـ(كيف)، والمكان بـ(أين)، والزمان بـ(متى) وهكذا، ولكننا نجد الاستفهام يخرج عن هذا الأصل ليفيد أغراضا أخرى كثيرة تفهم من السياق كإفادة التقرير، وله أقسام، وإفادة الإنكار، وله أقسام، وغيرها كالتعجب والتهكم والتهويل والتمني والاستبطاء والوعظ ...

وهذه القضايا شائكة شائقة، وتحتاج من الدارس أن يعيش معها في مظانها ليفهم بلاغة الاستفهام."(39).

إذا تمهد ذلك فإنني انتقل إلى قضية من دقائق الاستفهام بـ (هل)، عرض لها العلماء من لدن السكاكي(40) والقزويني(41) إلى عصرنا الحاضر(42) اخترت أن أنقل مجملها مما كتبه أستاذنا الدكتور فضل عباس، لما امتاز به عرضه لها من سهولة في الأسلوب ووضوح في العبارة، لا يشق معها فهم القضية، يقول:
"واعلم أن (هل) يكثر أن يأتي بعدها الفعل؛ لذلك ذهب بعض النحويين إلى أن (هل) في أصلها بمعنى (قد)، وخرّجوا عليه قوله تعالى{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا} (1) سورة الإنسان؛ قالوا: معناه: قد أتى على الإنسان. والراجح عند النحويين أن الاسم الذي بعدها يُعرب فاعلاً إن جاء بعده فعل، مثل: هل أنتم تقاومون الاستعمار؟ هل أطفال الحجارة يلقنون اليهود درساً قاسياً؟ فالأرجح أن يعرب هذان الاسمان؛ (أنتم)، (أطفال) فاعلين لا مبتدأين، وهذا دليل على أن أكثر ما يليها الفعل، وذلك كثير في التنزيل؛ قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (10) سورة الصف وقال تعالى: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ } (16) سورة الرعد ، وقال سبحانه {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (103- 104) سورة الكهف، وقد يكون الفعل الذي تدخل عليه ماضياً، قال سبحانه: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (44) سورة الأعراف، وقال سبحانه: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} (21) سورة ص، إلا أنها تخلص المضارع للاستقبال، أما الماضي فتبقيه على ما هو عليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 111010
العمل : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Unknow10
الحالة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Yragb11
نقاط : 32628
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 112

أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Empty
مُساهمةموضوع: رد: أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها   أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها I_icon_minitime17/4/2009, 03:24

وقد تدخل على الجملة الاسمية لغرض بلاغي ونكتة بيانية ؛ قال تعالى: { فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} (14) سورة هود، وقال تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ} (80) سورة الأنبياء،
وقال في آيات تحريم الخمر: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} (91) سورة المائدة، فلماذا يا ترى دخلت (هل) على الجملة الاسمية مع أنها تكاد تكون مختصة بالأفعال؟!

لا بد من هدف بياني، فلم جاء في التنزيل فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} (91) سورة المائدة
ولم يقل: هل أنتم تنتهون؟ أو هل تنتهون؟

ولبيان ذلك نقول لك: إن الجملة الاسمية تدل على الثبات والدوام، غير مقيدة بزمن، والفعلية ليست كذلك، وأن (هل) إذا دخلت على الفعل المضارع محضته للاستقبال، أي: صار للاستقبال فحسب.

إذا عرفت هاتين القضيتين؛ سهل عليك الآن أن تدرك سبب مجيء الجملة الاسمية دون الفعلية، فلم يجيء في التنزيل: فهل تشكرون؟ أو: فهل أنتم تشكرون؟ إذ مجيء النظم يدل على أن طلب الشكر إنما هو في زمن الاستقبال؛ لما عرفت من أن (هل) إذا دخلت على المضارع جعلته للاستقبال فحسب.

أما دخولها على الجملة الاسمية؛ فإنه يدل على طلب الشكر والثبات عليه دون التعرض لزمن. ولا ريب أن طلب الشكر غير مقيد بزمن أبلغ وأحسن وأقوى من طلبه في المستقبل وحده، ذلكم هو سر النظم القرآني.
بقي سؤال آخر: لم جاءت (هل) دون الهمزة، فلم يقل: أفأنتم مسلمون؟ أفأنتم شاكرون؟ والسر في هذا ما عرفته من قبل، وهو أن (هل) تكاد تختص بالأفعال، ولا تدخل على الجملة الاسمية إلا لنكتة، أما الهمزة فدخولها على الفعلية والاسمية سواء، وبدهي أن ما يثير التساؤل في النفس أبلغ مما هو عادي، فدخول الهمزة على الجملة الاسمية ليس فيه أي نكتة بيانية، فهو لا يثير في النفس تساؤلا؛ لأن شأن الهمزة أن تتساوى فيها الجملة الاسمية والفعلية".
أما مجيء (هل) فهو الذي يثير التساؤل، لأنه قد عدل بها عن الأصل، والأصل فيها الدخول على الجملة الفعلية(43
).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
الوتر الحزين
شخصيات هامة
شخصيات هامة
الوتر الحزين

ذكر
العمر : 57
عدد الرسائل : 18803
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 111010
العمل : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Unknow10
الحالة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Yragb11
نقاط : 32628
ترشيحات : 121
الأوســــــــــمة : أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها 112

أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها Empty
مُساهمةموضوع: رد: أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها   أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها I_icon_minitime17/4/2009, 03:25

ثالثاً: التقديم والتأخير
يقول الإمام عبد القاهر في مطلع الفصل الذي عقده للتقديم والتأخير مبيناً خطر هذا الموضوع "هو باب كثير الفوائد، جم المحاسن، واسع التصرف، بعيد الغاية، لا يزال يفتر لك عن بديعة، ويفضي بك إلى لطيفة، ولا تزال ترى شعراً يروقك مسمعه، ويلطف لديك موقعه، ثم تنظر فتجد سبب أن راقك ولطف عندك أن قدم فيه شيء وحول اللفظ عن مكان إلى مكان"(44)

ومما يتمم هذا المعنى ويتآلف معه قول العّتابي: "الألفاظ أجساد، والمعاني أرواح؛ وإنما تراها بعيون القلوب، فإذا قدمت منها مؤخرا، أو أخرت منها مقدما، أفسدت الصورة وغيرت المعنى؛ كما لو حول رأس إلى موضع يد، أو يد إلى موضع رجل، لتحولت الخلقة، وتغيرت الحلية".(45)

من المسلّم به أن الكلام يتألف من كلمات أو أجزاء، وليس من الممكن النطق بأجزاء أي كلام دفعة واحدة. من أجل ذلك كان لا بد عند النطق بالكلام من تقديم بعضه وتأخير بعضه الآخر. وليس شيء من أجزاء الكلام في حد ذاته أولى بالتقديم من الآخر، لأن جميع الألفاظ من حيث هي ألفاظ تشترك في درجة الاعتبار، هذا بعد مراعاة ما تجب له الصدارة كألفاظ الشرط والاستفهام.
وعلى هذا فتقديم جزء من الكلام أو تأخيره لا يرد اعتباطاً في نظم الكلام وتأليفه، وإنما يكون عملا مقصودا يقتضيه غرض بلاغي أو داع من دواعيها(46).

وأبرز ما يتجلى هذا في نظم القرآن الكريم، فحين تجد في التقديم والتأخير أو في غيرهما من قضايا البلاغة نصين تشابه نظمهما فاعلم أن ثمة فرقا كبيراً في المعنى، يدعوك لكي تتأمل فيه وتبحث عنه، مثال ذلك هاتان الآيتان: {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ } سورة ص {أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ} (25) سورة القمر
في الفروق بين الآيتين كثير من أسرار النظم القرآني المعجز، ولكنني هنا سأقتصر على ما يتعلق بالتقديم والتأخير، فالآية من سورة "ص" قُدم فيها الجار والمجرور (عليه) على الذكر، وفي سورة القمر، أُخّر الجار والمجرور عن لفظ الذكر، فإذا علمنا أن التقديم يفيد الاهتمام والعناية بالمقدم ضرورة، وغالبا ما يفيد إلى جوار الاهتمام التخصيص، فإن تقديم الجار والمجرور في سورة "ص" بخلاف النظم في سورة القمر.

وإذا علمنا أن سورة "ص" كانت تتحدث عن كفار قريش وموقفهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا دلالة النظم، فقد بدأوا اعتراضهم باستفهام إنكاري، وهذا الإنكار انصب على الجار والمجرور، وهو مقصور عليه، أي كان اعتراضهم بالدرجة الأولى أن يُنزّل هذا الذكر على هذا الرجل دون غيره من سادتهم وكبرائهم، ويوضح ذلك صراحة قول الله تعالى حكاية عنهم:{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} (31) سورة الزخرف)،
ويدل لذلك السياق من أول السورة إلى الآية الكريمة موضوع البحث: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} (2) سورة ص، فقد أخذتهم العزة بالإثم وأرادوا منصب النبوة الكريمة لأنفسهم. {وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} (4) سورة ص ، وقولهم (أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ } ( سورة ص ، فاعتراضهم أن يختص هو من بينهم بهذا الشرف.

إذن؛ عداوة كفار قريش لهذه الدعوة تتمثل في جانبين، الجانب الأول وهو الأهم معاداتهم لصاحب هذه الدعوة، فهناك عداوة شخصية لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم استحوذت على الجانب الأكبر من عداوتهم، أما الجانب الثاني وهو معاداتهم للرسالة والدعوة فهو يأتي تبعا لذلك ومتفرعا عليه.

أما آية سورة القمر فتتحدث عن قوم آخرين، قوم سيدنا صالح- عليه السلام- وهم ثمود، وهؤلاء لم يكن عداؤهم شخصيا لصالح عليه السلام، وإنما عداؤهم لأصل الرسالة، بل الرسالات، بغض النظر عمن يحملها {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ} (23) سورة القمر، {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ} (141) سورة الشعراء ، مع أنهم لم يكذبوا إلا رسولا واحدا، إلا أننا نلحظ في صيغة الجمع (النذر)،(المرسلين)، الإشارة إلى أنهم يكذبون جميع الرسل، لأن أصل رسالتهم واحد، فعداؤهم لأصل هذه الدعوات لذا قالوا { أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} (24) سورة القمر ، إذن اعتراضهم أن يكون الرسول –أصلا- من البشر، وسواء أكان صالحا أم غيره، فلن يغير موقفهم، لذا كانت عنايتهم بالدرجة الأولى بالذكر، بالدعوة والرسالة، {أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ} (25) سورة القمر. وما عداؤهم لحامل هذه الدعوة إلا تبع لذلك. والله تعالى أعلم بأسرار كتابه.

وتأمل قوله تعالى: {وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ)و (100) سورة الأنعام
وانظر كيف قدم المفعول الثاني على الأول، إذ أصل المعنى (وجعلوا لله الجن شركاء) ولكن قدم لفظ الشركاء لإفادة المعاني الآتية:
1- إن غرض التقديم إرادة التبكيت والتعجيب من حال المذكورين والتوبيخ لهم، فتقديم الشركاء أبلغ في حصوله.
2- لأن المقصود الأول والأهم نفي الشرك، ولو قال ( وجعلوا لله الجن شركاء) لفهم أن المستنكر جعلهم الجن شركاء ولتوجه التعجب والتبكيت لذلك، ولو جعلوا غير الجن شركاء لما كان الأمر مستنكرا، لكن بتقديم الشركاء توجه التبكيت إليهم، بغض النظر عن نوع الشريك وحقيقته(47). ولطائف وأسرار التقديم والتأخير في كتاب الله تعالى كثيرة متنوعة، نكتفي من التمثيل عليها بما أوردنا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com
 
أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» دار الإفتاء «تجيز» تحية العلم والوقوف للسلام الوطني
» إسم نهر النيل في النصوص المصرية القديمة
» الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية
» " تداخل النصوص في الكتابة للأطفال " بقلم أحمد سويلم
» علم البلاغة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات الأدبية :: المنتديات الأدبية :: منتدى الدراسات النقدية والبلاغة-
انتقل الى: