ايمن والمعادله الصعبه

أيمن كان أحد الشباب المسرفين على أنفسهم .. كان لا يصلي .. حتى صلاة الجمعة لا يحضرها .. ويقضي شبابه في الخروج مع "شلة الأنس" والفتيات والإستماع للغناء .. لم يترك ذنبًا إلا أقترفه.

وكان أحد أقاربه يعرف الطريق إلى الله بعض الشيء.

يقول هذا القريب: لقد حاولت مرارًا الوصول إلى قلبه فلم أستطع، كنت كلما أحدثه وأنصحه يضحك ويقول: أنا مازلت شابًا، وسألتزم فيما بعد.

يقول قريبه: جلست أفكر، فذهبت إلى السوق وأشتريت آلة حاسبة وورقة ثم ذهبت إلى أيمن وسألته عن حاله، ثم قلت له: ما أخبار الصلاة ؟، فقال لي: ألا يوجد لديك غير هذا الكلام الذي تقوله لي كلما رأيتني؟.

قلت له: ما أخبار الفيديو والمعاصي والبنات؟. فضحك.

فقلت له: يا أيمن ألا تخاف الله ؟، قال لي: ربك غفور رحيم .

فقلت له: ولكن شديد العقاب، وأخرجت الآلة الحاسبة والورقة والقلم وقلت له: قل لي كم عمرك؟، قال لي: 25 سنة.

قلت له: 25 سنة مرت من عمرك، لو عندك مثلاً 10 ذنوب أو 100 ذنب، ستقابل الله بملايين السيئات.

عندما أتضحت المعادلة أمام أيمن رقّ قلبه وقال: ياااااه سأُقَرر على هذه الذنوب كلها ذنبًا تلو الآخر، سأقف أمام الله عز وجل و يحاسبني على مئة ألف ذنب.

إذا سألني سبحانه وتعالى وقال لي عمِلتَ كذا يوم كذا، وقررني سبحانه وتعالى على مئة ألف ذنب، كم من الوقت سأبقى في الحساب؟ و كم سآخذ عليها عقابًا وجزاء؟.

فرققت المعادلة قلب أيمن.

قلت له: إن الله عز وجل يقول {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:49]

ستفرح وأنت ترى حسناتك تعرض أمامك ساعة الوقوف بين يدي الله {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[آل عمران: 30] .. وعندما يرى سيئاته ومخالفاته يود أن تبتعد عنه و تتلاشى ..

ويعفو ربي عن كثير

فَهِمّ أيمن المعادلة ومنذ تلك اللحظة أخذ القرار .. عرف أنه لابد أن يخشى من رب عزيز ذو إنتقام. إنسابت الدموع على وجهه .. دموع التوبة .. دموع غسلت قلبه قبل أن تغسل ذنوبه.

يقول قمت بإعطائه ورقه وقلت له من هذه اللحظة عليك أن تعمل مئة ألف حسنة أمام المئة ألف ذنب الذي أرتكبته، لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة السر بالسر والعلانية بالعلانية" [رواه الطبراني وحسنه الألباني]

فأستبدل أيمن منذ تلك اللحظة حياة الشارع بالمسجد .. حياة اللعب واللهو بحلقات الذكر والقرآن .. حب البنات بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. صحبة السوء برفقة الخير التي تأخذ بيديه لطريق الله عز وجل .. أستبدل الأغاني بالذكر والتسبيح .. أستبدل الإنحراف بالإستقامة.

تاب أيمن عندما عرف ربه، ونحن أيضًا نحتاج أن نعرف ربنا. قد تتغير حياتك في لحظة يتنزل فيها المولى عز وجل على قلبك بالرحمة فتحسُن خاتمتك وتكون مثل كثير من الصالحين الذين ظهرت العجائب في الأنفاس الأخيرة لهم ورُزقوا حسن الخاتمة.