لا تصلح للأضاحي خراف "القمامة".. تصيب بالسرطان

في الماضي كنا نشاهده عند الجزارين يأكل الذرة والعلف وأوراق الشجر.. أما الآن فنراه يجول ويصول في كل الشوارع والميادين في قطيع يقتحم مقالب القمامة..انه "الخروف" الذي لا يدرك ان هذا الطعام الفاسد سيصيبه بالمرض.. ويأتي مواطن أكثر "غلباً" منه ليدفع ثمنه كأضحية دون أن يدري ان لحمه "مريض".
أغنام تأكل قمامة مريضة اللحم فاسدة الأحشاء. والمواطنون يشترونها بحسن نية كأضحية.
"الجمهورية" ترصد ظاهرة "خرفان القمامة" التي غزت كل شوارع وميادين المحافظات في محاولة للاجابة عن عدة تساؤلات هل لحوم هذه الخراف سليمة وصحية؟ وهل لها تأثير ضار علي الإنسان؟ ولماذا يلجأ الرعاة لتسمينها بالقمامة؟
جولة واسعة في شوارع محافظات القاهرة ودمياط والشرقية لنرصد الظاهرة ونحاور أطرافها الأساسية الراعي والمتخصص ورجل الدين.
يقول "عم سيد" راعي أغنام: انه في السنوات الأخيرة لجأ معظم رعاة الغنم للرعي في القمامة لأن ثمن العلف ارتفع وأصبح باهظاً وغير صحيح ان لحوم خرفان "الزبالة" مريضة وغير صالحة للاستخدام الآدمي.
وتجارتنا واسعة منذ سنوات ولم يسبق أن اشتكي "زبون" بعد طهوها وأكلها من توعك أو مرض.
لكن معظم الأمراض الفيروسية والبكتيرية الخطيرة والسموم لا تظهر بعد الأكل مباشرة ولكن بمرور الوقت إما بأعراض أو ترسبات في الجسم وقد تسبب أمراضا خطيرة.. ؟
نظر الراعي إلينا ولم يرد واكتفي بالإيماء وكأنه فقد وسيلته في الدفاع وعاد ليؤكد ان هناك فرقاً كبيراً فلحوم أكلة العلف صافية ولذيذة وسريعة الطهو وليست "زفرة" أما لحوم خراف القمامة فهي كذلك بعض الشئ ولكنها ليست مضرة.
ويضيف "عم أحمد" الراعي : قد تكون لحومها مضرة بعض الشئ ولكن ماذا فعلت الحكومة لكي لا تجبر رعاة الأغنام البسطاء والذين ينتظرون موسم عيد الأضحي بفارغ الصبر لكي توفر لهم الأعلاف بأسعار زهيدة بدلا من لجوئهم إلي القمامة كعلف ضار؟!!
وهناك بعض الرعاة من معدومي الضمير وحتي ولو كان العلف رخيصا سوف يطعمون أغنامهم بالقمامة وهم يعرفون انها تسبب أمراضاً ولكن هناك رعاة وتجارا شرفاء ونحن معظمنا من البدو والأعراب ولست أجزم بأن كل الرعاة لديهم ثقافة دينية أو فكروا في أن القمامة تلوث لحوم الأغنام فمعظمهم أميون وكل ما يهمهم أن تأكل خرافهم بنهم حتي تسمن ويرتفع ثمنها وحتي وان علموا بأنها تلوث اللحوم فليس أمامهم بديل في ظل ارتفاع أسعار العلف وتكاليف المعيشة الصعبة فلتدعم الحكومة العلف ثم تضع الرقابة سكينها علي رقاب المخالفين.
في أحدث نتائج الدراسات الأخيرة عند تحليل لحم ودماء وأحشاء خروف قمامة في قسم الانتاج الحيواني بكلية الزراعة بالمنصورة أكدت ان دماء هذه الخراف تحتوي علي نسبة عالية جداً من الرصاص والزنك بسبب أكلها للأوراق خاصة أوراق الصحف في القمامة.
هذه المعادن الثقيلة تظل فترة طويلة في الدم بدون تحلل وتنتقل من الدم إلي أنسجة لحوم الحيوان وتسبب تلفاً شديدا في خلاياها وذلك يتضح من حجم عضلة قلب خروف القمامة المذبوح والتي تفوق حجم عضلة قلب خروف العلف 3 أضعاف.
وأظهرت نتائج التحاليل ان كبد خروف القمامة يحتوي علي نسبة كبيرة من السموم والفيروسات التي تنتقل من الكبد إلي أعضائه ومن أكثر الفيروسات التي وجدها المحللون في حالة نشاط فيرو.سي الحمي القلاعية والملطية وهي تصيب الإنسان عن طريق الحيوان.
يقول د. علي فتحي عميد كلية الطب البيطري بدمياط : للأسف انتشرت تربية الخراف علي القمامة في الكثير من المحافظات خاصة مع اقتراب أيام عيد الأضحي المبارك لتسمينها وبيعها كأضاحي ويلجأ الراعي لهذا العلف غير الصحي والذي يتسبب في ضرر كبير للإنسان لتوفير ثمن العلف و"العليقة" ومنهم من يجده باهظ الثمن ومنهم من لا يرعي ضميره ويتحكم فيه الجشع خاصة التجار الكبار والجزارون.
يضيف: النتائج التي أظهرتها الدراسات الأخيرة مرعبة فالخراف آكلة القمامة تصيبه بالسرطان بسبب تناولها لمنتجات تحتوي علي الرصاص والزنك وبالتالي فعندما يأكل الإنسان منها فهو عرضة لنفس المرض لأن هذه المركبات السامة عديمة التحلل تترسب في الجسم إضافة إلي البكتيريا والفيروسات والتي تؤثر بشكل بالغ علي البنكرياس وتسبب مرض السكر.
يوضح د. علي ان البكتيريا والفيروسات التي يحملها لحم خروف القمامة وأحشاؤه تظل موجودة إذا لم تغسل وتطهي بشكل جيد جدا لأن الكثير منها يتحمل درجة الحرارة العالية كما أظهرت النتائج انه يوجد في مخ هذه الحيوانات ديدان وتحتوي أنسجتها علي الدودة الشريطية.
حول رأي الدين في أضاحي القمامة يقول دكتور حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية: إن الأغنام التي يتم تغذيتها علي القمامة تندرج تحت مسمي "جلالة" وتعرف في الإسلام انها الدواب التي تأكل الفضلات وقد أفتي بعض الفقهاء ان أكل لحومها مكروه وحرمه معظمهم نظراً لما فيها من ضرر بالغ علي صحة الإنسان لأن لحومها تكون حاملة للمرض