الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبير عبد القوى الأعلامى
نائب المدير الفني
نائب المدير الفني
عبير عبد القوى الأعلامى

انثى
عدد الرسائل : 9451
من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 111010
العمل : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Unknow10
الحالة : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Mzboot11
نقاط : 17671
ترشيحات : 33
الأوســــــــــمة : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 13156210

من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Empty
مُساهمةموضوع: من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي   من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي I_icon_minitime1/3/2010, 08:28

مدخل:
قد يكون من نافلة القول أن نشير -في هذا المدخل- إلى كثرة الدراسات التي عنيت بالتراث العربي القديم، والشعر منه بخاصة، وإلى حقيقة أن هذه الكثرة لم تأت على كل ما في هذا الشعر من جوانب إنسانية وفنية تستأهل الدرس، وتستدعي النظر، فالنبع منه ما زال ثراً معطاء، وعطاؤه هذا لا يقف على عصره الذي مجد فيه، ولا زمنه الذي ولد فيه.
ومن كل ذلك -مثلاً- كانت صلاحيته لان تدرس فيه أو من خلاله بعض الظاهر أو المصطلحات الأدبية والنفسية المعاصرة، ومن هذه المصطلحات: مصطلح: "الاغتراب" النفسي، الذي يشير في الأعم إلى حالة من عدم التوازن النفسي، بسبب سيطرة مجموعة من النوازع المتناوحة على الإنسان، والتي يكون من أبرزها مثلاً: إحساسه بالجهل أمام قوى الطبيعة والعجز تبعاً لذلك عن فهم أسرارها، وذلك بسبب غياب النص الديني الهادي، وشعوره بالضعف أمام الظرف الاجتماعي الضاغط بقوة تكاد تكون ساحقة ماحقة، إذ يكون من بين مخلفات ضغط هذا الظرف مثلاً أن يشعر الإنسان بإحساس الفقد، فقد الإلف والأتراب والأنداد أو النظراء على المستوى الاجتماعي والفكري، وذلك على النحو الذي ألمح إليه قول أبي حيان التوحيدي متحدثاً عن بعض أسباب شعوره بالاغتراب في مجتمعه ومشيراً إلى الغصص التي انتابته نفسياً واجتماعياً، فأسلمته إلى الشعور بالانبتار عن هذا المجتمع، يقول: "لأني فقدت كل مؤنس، وصاحب، ومرفق مشفق، والله لربما صليت في الجامع، فلا أرى إلى جنبي من يصلي معي، فإن اتفق فيقال أو عصّار.. و.. فقد أمسيت غريب الحال غريب اللفظ..الخ"(1).
ويشير بعض كلم أبي حيان ها هنا إلى أن من بين أسباب الاغتراب اجتماعياً أن يفقد الإنسان كل "مرفق ومشفق" وإطلالتنا هذه تسعى إلى رصد بعض مواقف من عاشوا هذا الإحساس من الشعراء الذين نزل الشيب بساحة حياتهم، وتقاضتهم الأيام ما كانت أسلفتهم إياه في أيام الشباب، فأسلمهم كل ذلك إلى التحسر على هذه الأيام، وتذكرها بكل الأسى والإحساس بالفقد، فقد من كانوا يشعرون بينهم بالتواصل.. ويناظر ذلك كله أن نقول: أسلموا إلى حالة من الاغتراب قاتلة.
وقد كان ذلك أوضح ما يكون في الشعر الجاهلي حيث كان المجتمع إذ ذاك يضع الأشيب في ركن منه مهمل لا يوليه فيه إلا الذل والهوان، أن صار ولا نفع فيه، وهو مثلاً-ما جعل ديننا الحنيف- في شأن بناء العلاقة بين الأفراد-يولى علاقة الابن بأبيه اهتماماً بالغاً، فكانت عبارة: "وبالوالدين إحساناً"(2) ذات حضور واضح في القرآن الكريم، كما كان النص الإلهي صريح في تجذير هذه العلاقة، إذ قال تعالى: "فلا تقل لهما أفً ولا تنهرهما، وقل لهما قولاً كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة.."(3) وهو ما يعني أن إحساس الأشيب في المجتمع الجاهلي بالإحباط والعزلة وكل مظاهر الاغتراب النفسي كان من الطغيان والشدة بحيث اقتضى كل هذه المعالجة المكثفة .
وتسعى الأسطر التالية إلى تسجل هذا الإحساس أو ذلك اللهيب النفسي وقد صب في قالب شعري معبر، قذفت به أفئدة أضناها الألم، فأسلمها إلى الشكوى الحارقة، وحديث ذلك ذو شجون.
إذا ما انقضى القرن الذي أنت منهم وخُلّفْتَ في قرْن فأنت غريبُ(4)
تلك صرخة شعرية أطلقها أحد من آلمهم الإحساس بالتوحّد والغربة النفسية، والعزلة التي جلبها الشيب، فكان على صاحبها أن يملأه الإحساس بافتقاد الوفاء، وتنكر الأقربين لهم، وتولي الخلان عنهم، وهم في أشد الأوقات حاجة إليهم، أو هذه صرخة واحد ممن نزل بهم هجير الشيخوخة والكبر، فانطوت نفوسهم بأثر ذلك وغيره على أحاسيس العزلة، وامتلأت جوانحهم بمشاعر الهوان والغربة في المجتمع . والقريب إلى الأذهان ها هنا تصوُّرُ أن الأشيب يعجز عن القيام بما كان يقوم به في مجتمعه إذ كان شاباً، فلا يجد إلا الإطراح والنبذ والإهمال، فإذا أضفنا إلى ذلك أن الموت يكون -في الأغلب- قد تخطف أقرانا له، كان يشعر بينهم بالانسجام النفسي وقفنا على مدى إحساسه بالغربة في الحياة عامة وفي محيطه الاجتماعي خاصة.
والأخبار التاريخية والنصوص الشعرية تتزاحم لتؤكد على هذا الذي نشير إليه، وخاصة في المجتمع الجاهلي، فقد "..كان من عادة العرب-في الجاهلية-إذا أسن فيهم كبيرا أن يتركوه ملقى في الدار كالمتاع، ويجرون عليه طعامه، وشرابه، فإذا رحلوا حملوه، وإذا حطوا ألقوه هملاً، دون توفير.."(5)، وقد كان ذلك-على هوله-شيئاً هيناً إذا عرفنا أنه كان مخصوصاً بأيام الخير والخصب، أما في غيرها فكما يقول الخطيب التبريزي: "كانت العرب-في الجاهلية-إذا أقحطوا عمدوا إلى الشيخ الكبير فخنقوه وقالوا: يموت ونحن نراه خير له من أن يموت هزالاً، كانوا أيضاً إذا رحلوا إلى مكان وفيهم شيخ تركوه حتى يموت مكانه"(6)، ثم استدل التبريزي على هذه العادة بقوله عن الشاعر الذبياني:"وإنما سمي مزرِّداً بقوله:
فقلت: تزَرَّدْها عُبيْدُ، فإنني لدُرْدِ الشيوخِ في السنين مُزَرِّدُ
مُزرِّدُ =مُخَنِّقَ"(7).
بهذه القسوة كان الكبير يعامل من قبل مجتمعه لا لذنب جناه، ولكن لأنه وعن غير رغبة منه بلغ مرحلة سماها الله تعالى"أرْذَل العُمرُ" "النحل: آية 70، والحج:آية5 " مما كان يفتح المجال أمام الإحساس بالضياع لينسرب إلى نفسه، وخاصة أنه-فيما نتصور-كان حين يمارس آلام الحاضر يتذكر الماضي (الشباب وظله الوارف) الميئوس من رجوعه، فيحدث ذلك في نفسه شعوراً بالانفصال عن هذا الحاضر ومقته والناس فيه، وتأزماً نفسياً لذهاب الماضي السعيد، وتولي أيامه النديات النضيرات، ويخلف ذلك كله حالة من الاغتراب القاتل .
وليس ذلك كله من باب التصور أو التخيل، فبجانب ما تحدثه تلك المرحلة من آثار عميقة في خلقة الإنسان وخلقه فإنها تحدث انقلاباً خطيراً في نظرة المجتمع الإنساني للشيخ، حيث بات أفراد المجتمع الصغير (الأسرة) والمجتمع الكبير (الدولة) يعاملون الشيوخ على أنهم كمٌّ مهمل، وعبءٌ ثقيل ملقى على كواهلهم، بعد أن كانوا -بالأمس القريب- ملء السمع والبصر، فبدلوا بالحفاوة بهم ضجراً منهم، وبالإقبال عليهم إدباراً عنهم، وبالرغبة فيهم نفوراً منهم، وكراهية لصحبتهم، وازدراءً لهم، ورميهم بالخرف، في الوقت الذي كانوا يعانون فيه من هجير الشيخوخة، حيث سطا الزمان على حواسهم فأبلاها، وعلى قواهم فبددها، فبدلوا بعزهم ذلاً وهواناً بين أهليهم وذراريهم .."(Cool.
وبدهي أن يكون المردود النفسي لذلك كله واضحاً في أشعارهم، إذ ذهبوا ".. يعرضون شكواهم على أبنائهم في ذلك وانكسار، استدراراً للعطف، ونيلاً للرضا والتوقير، وكانوا -في هذا- يألمون أشد الألم نفسياً وعضوياً.."(9)، وذلك أن الرجل حين تبدو نجوم الشيب بليل رأسه تنقطع السبل بينه وبين المسرات الحسية والمعنوية التي كان قبلاً يمارسها، لكن ذلك لم يكن -على هوله- إلا بعض ويلات الشيخوخة وآلامها، فهناك آلام أخرى كثيرة يجرها عليهم ضعفهم، وذهاب قوتهم، وأقل هذه الآلام مثلاً ذلك الإحساس بالتوحش والغربة في الحياة.
والملموس إلى يومنا هذا أن الإنسان إذا بلغ مرحلة الشيخوخة فإنه يعيش بين أجيال جديدة عليه، يصير هو بفكرة ومزاجه النفسي وعاداته غريباً وسط أبناء هذه الأجيال، فتراه يستوحشهم ويشعر بالغربة بينهم، فيملهم ويملونه، ولذلك ترى الأشيب أبداً يتمثل في نفسه انقلاب الموازين وتبدل المعايير، وتغير الزمان، ومن هنا يحتوي كل شيء ولا يرى من سبيل للخلاص من الواقع الممض إلا بالتخلص من هذا الواقع مثلاً عن طريق الهرب منه، ممتطياً في ذلك صهوة الفعل أو الجملة "كنت" أو ما شابه، وقد صرخ ثعلبه بن كعب الأوسي أن صار معمراً يعيش بين من لا يشعر بينهم بالتواصل النفسي، إذ يخطف الموت من كان يشعر معهم بالتواصل والقرار، فصار كئيباً، منطوياً على نفسه، بائساً من كل خير...:
لقد صاحبت أقواماً، فأمسوا خفاتاً، ما يجاب لهم دعاء!
مضوا قصد السبيل، وخلفوني فطال عليّ -بعدهم- الثواء
فأصبحت الغداة رهين بثي، وأخلفني من الدهر الرجاء
هي إذن صرخة من انفرد به السأم واليأس واستولى عليه الشعور بالغربة، وكل ذلك أن تخطف الموت أترابه ونلحظ ها هنا أن الشاعر لم يحتج إلى الخيال كثيراً، استغناء منه في ذلك بما يعمل في الصدر من لهيب حارق فأصحابه وأترابه ما بقى منهم إلا الإخبار عنهم بماذا؟ بجملة أمسوا خفاتاً، بما تحمله الكلمة "أمسوا" من عوامل النقيض النفسي، إذ المساء وقت الظلام، كما لم يبق منهم أيضاً إلا الإخبار عنهم بأنهم: "مضوا" بما يحمله ذلك اللفظ من إعلان واضح عن انفلات السعادة من بين يديه.. وليس ذلك إلا مجرد إلماح إلى بعض ما تحمله ألفاظ الأبيات من طاقة إيحائية، فالجمل ها هنا كلها تطرح من الظلال ما يكفي لتمثل مصابه، وقف معي مثلاً عند جملة "خلفوني" ثم تأمل ما تحمله من الإعلان عن إحساس الشاعر بالغربة، والضياع واليأس من الحياة، وتمنى الموت "اللحاق بمن خلفوه".
والشاعر لأنه -كما أشرت- لا يسعفه الموقف بركوب متن الخيال، ولأنه يرسم واقعاً حقيقياً ممضاً تكتوي نفسه بناره وأواره تراه يستعمل من صيغ الفعل صيغة الماضي: ( أمسوا، خلفوا، مضوا، طال، أخلفني) ليرمي إليك -فيما أرى- بحقيقة أن هذه أموراً وقعت، وانتهت، وها هو ذا يعالج آلامها وويلاتها، وليس في ذلك كله ادعاء ما، فالرجل تلفت فإذا بعضاً من كله قد غاب، هذا البعض -في ناظريه- هو الحياة كلها، الذاتي منها والجماعي، الخاص والعام، الشباب والقوة والفتوة، ومن قبل ذلك كله الأنس والانسجام النفسي الذي كان يؤهله لخوض غمار الحياة في استبشار، والمعهود غالباً أن ".. الشيخ حين يفقد أترابه ويحيا بين غير جيله يشعر بالاغتراب"(10)، ويعني ذلك أنه فقد محيطه الاجتماعي الذي كان يشعر معه بالتواصل والانتماء، فلا يجد إزاء ذلك إلا محاولة الهرب النفسي من هذا الواقع البغيض إلى الماضي وأيامه النظرات، تخففاً من هجير الحاضر الممقوت، أو تمني الموت، ياساً، وتلك قمة الاغتراب(11).
وربما كانت عملية الارتداد النفسي هذه إلى الماضي، نزوعاً من الأشيب إلى الزمن الذي كان فيه الجيل المحبب إلى نفسه هي المرادة من قول الله تعالى اسمه -في شأن الشيخ المعمر-: "ومن نعمره ننكسه في الخلق.." (يس 688) إذ الانتكاس هو الارتداد والانقلاب(12)، وذلك أن زمن الشيخ الحاضر يشكل في نفسه حدة الوعي وأساه وتوتره، على حين يكون زمنه الماضي هو الزمن الذي يأسى بحرقة على فقدانه، ولذلك كله قيل في شأن الأشيب قديماً إنه الرجل الكنتى، إذ يكثر من الحديث عن الماضي مبتدئاً كل حديث بصيغة: "كنت".
ومن هنا وجدنا الكثير منهم لم يكن يحلو له أبداً أن يرى نفسه وقد استبدلت بالشباب وصبواته حكمة الشيوخ ووقارهم، مع أن الحكمة والوقار كانا من مؤهلات الزعامة والريادة، ذلك أن ما يجلبه الشيب كفيل في عمومه بتحويل الحياة إلى قطعة من العذاب النفسي والجسدي في آن، ولذلك تعلو دوماً نبرة اللهفة إلى الشباب الذي أدبر والجيل الذي قضى، وكل ذلك مستخلص من واقع شعر عمرو بن قميئة، فهو يقول(13):
يا لهف نفسي على الشباب، ولم أفقد به إذ فقدته أمما
قد كنت في ميعة أسر بها، أمنع ضيمي، واهبط العصما
وأسحب الريط والبرود إلى أدنى تجاري، وأنفض اللمما
لا تغبط المرء أن يقال له: أمسى فلان لعمره حكما
إن سره طول عيشه، فلقد أضحى على الوجه طول ما سلما
إن من القوم من يعاش به، ومنهم من ترى به دسما
إنه يمارس معنا في هذه الأبيات عملية البوح أو البث، ويتخذها وسيلة للتطبب من ويلات إحساسه بالفقد ذلك الإحساس الذي دمغ معجمه اللفظي ولونه بلونه، وأعني بالفقد هنا فقد النمط الحياتي الذي كانت تألفه نفسه زمن الشباب والانسجام النفسي مع المحيط الاجتماعي كله.
وينهض البيت الأخير ها هنا بإعلان حالة واضحة من الشعور بالانفصال والعزلة استولت على الشاعر كمردود نفسي طبيعي يتحسسه في حناياه من كان يعيش بين أناس هم -في عينيه الدسم: (الوضر والدنس). وتحظى في غير شعر ابن قميئة بالمواقف والأحاسيس عينها، وهذا أحد الذين أدركهم الكبر، فأحال نور العبيدي(14) الذي قتل الشيب فيه كل إحساس بالتواصل مع الحياة والأحياء فيها، فاندفع يقول:(15)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com/montada-f27/
عبير عبد القوى الأعلامى
نائب المدير الفني
نائب المدير الفني
عبير عبد القوى الأعلامى

انثى
عدد الرسائل : 9451
من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 111010
العمل : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Unknow10
الحالة : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Mzboot11
نقاط : 17671
ترشيحات : 33
الأوســــــــــمة : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 13156210

من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Empty
مُساهمةموضوع: رد: من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي   من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي I_icon_minitime1/3/2010, 08:31

كفى حزناً أن لا أرد مطيتي لرحلي، ولا أغدو مع القوم في وفد
وإن أفرعت قريان نجد، ونوّرت من البقل لم أنظر بعيني في نجد
وأن أسأل الأوغاد: ما كان شأنهم، ولا اشهد الشورى لغى ولا رشد
وقد كنت أعطي السيف -في الروع- حقه حياءً إذا جرّدت سيفي من الغمد
إنه يطلعك على مستويين من آثار الشيخوخة أترى في أولها تلك الندوب التي حدثت في نفسه بسب حرمانه من القدرة على ممارسة النشاطات التي كان يسعد بممارستها من قبل، وترى في المستوى الثاني صورة من التمزق النفسي والضجر الروحي القاتل أن أسبح مهمل الشان، ضائعة، إذ لا يقيم له أحد من عامة الذين يحيطون به -فضلاً على خاصتهم- وزناً، لا يسأل ولا يُسأل، فهو معزول عن الناس، وترجمة هذا الضجر تتضح من وقوفك بدقة على عبارة: "وأن أسأل الأوغاد" إذ ترسم لك كلمة الأوغاد" الصورة التي كونت في وجدان الشاعر عن الشريحة الاجتماعية التي كان يعيش بينها، فمثل هذه اللفظة تجسد أمامك نفس هذا الشاعر وقد ملأها الحقد والكره لهذا المجتمع، وهو حقد مدمر، وكره قاتل، وذلك أنه حقد وكره العاجزين، الذين لا يجدون لتجاوز آثارها الفاعلة سبيلاً إلا بالصراخ شأن كل المصدورين من المعمرين الذين أبرزوا في شكواهم ".. ما آلت إليه أحوالهم من ضعف، جر عليهم هواناً بين أهليهم، ومجتمعاتهم التي يعيشون فيها، مقارنين بين حالتهم هذه، وما كان لهم أيام التنعم بالشباب، والاستظلال بظله الوارف.."(16).
وكل ذلك يقف بنا على دور البيت الأخير في عملية التّطبب التي أشرنا إليها سابقاً، كأن الشاعر أمام عجزه القاتل واغترابه المدمر لم يجد ألا التذكر-وسيلة المهزومين من المكروبين-تذكر أنه كان فارس الهيجا الذي ترتجف لسيفه-يسل من غمده-قلوب الفرسان المغاوير .
أقول أن التذكر ها هنا ذو أهمية نفسية بالغة في مجال التخفف من بعض ويلات الإحساس بالاغتراب لأنه يلم بعضاً من شتات النفس الممزقة برفض الأهل لها، وتولي المجتمع عنها خاصة وأن هذا الرفض وذلك التولي قد يأخذان بعداً آخر أعمق في ممارسته وبالتالي في أثره، هو بُعد الاستخفاف إلى أبعد صور الاستخفاف، وهذا دريد بن الصمة الجشمي يفرده قومه في مكان معزول عن البيوت، رغبة عنه، ونفوراً منه، وكراهية لوجوده على قيد الحياة، ويوكلون به أمه أن تقوم على أمره، فإذا هي الأخرى تغدو غير عابئة به، ولا محتملة له، إذ كانت تقيده بقيد الفرس ثم تسير لحاجتها بعيداً عنه، ومر يوماً -عليه بعض رجال قومه، فسأل عن حاله، فأنشأ يقول :(17)
أصبحت أقذف أهداف المنون، كما يرمى الدريئة أدنى فوقه الوتر
في منصفٍ من مدى تسعين من مائةٍ كرمية الكاعب العذراء بالحجرا
في منزلٍ نازح م الحي منتبذٍ كمربط العير، لا أدعى إلى خبر
كأنني ضرب جزت قوادمه، أو جثةٍ من بغاتٍ في يدي هصر
يمضون أمرهم دوني، وما ققدوا مني عزيمة أمر ما خلا كبري
ونومةٍ لست أقضيها، وإن متعت، وما أمضى قبل من شأوي ومن عمري
وأنني رابني قيدٌ حبست به، وقد أكون وما يمشي على اثري
إن السنين إذا قربن من مائةٍ لوين مرة أحوال على مرر
من هذا الذي يبكي؟ إنه دريد بن الصمة الذي قال عنه عمرو بن معد يكرب الفارس المشهور: "لو طفت نطعينة أحياء العرب ما خفت عليها، ما لم ألق عبديها وحريها، يعني بالعبدين عنترة بن شداد العبسي، والسليك بن السلكة، والحرين: دريد بن الصمة، وربيعة بن مكرم.."(18)*، فهو أحد المعدودين أو كان أحد الموهوبين في الجزيرة كلها... ولن تجد أقسى من دموع مثل هذا الطراز من الرجال.
لقد كان سؤال هذا الرجل إياه فرصة عزت وندرت، حتى وجدناه يهتبلها، فيطيل الشكوى، ويفصل القول في الشأن الذي آل إليه، والحال التي صار إليها. ملمحاً إلى أخبار فروسيته وسط هذا الكرب، عل هذه الإلماعة تكون المخرج الذي ينتشله من صيروته هدفاً لنوائب الدهر وناسه، إذ الكل يقذفه بسهامه، حتى لكأنهم أطفال يتلهون برميه، لكنه لا يبعد في هذا الأمل كثيراً، وذلك أن الإحساس بالتلاشي والانهيار بأثر العزلة المفروضة عله، والهوان الذي كان ينبث إلى جوانحه كان أعتى وأكبر، ومن هنا وجدناه يعلن -في إطار شكواه هذه- أنه قد فقد القدرة بأثر ذلك على الإحساس ينفع ما يأتي أو يذر، حتى أن لحظات النوم لم تعد ذات أثر في النفس ولا في الجسد، بل إن التذكر لم يعد له ذلك الأثر السحري في إزاحة بعض الهموم عن النفس.
إنها -على وجه العموم- انكسارة حزينة لنفس شاعر فارس صال وجال، ثم آل أمره إلى حيث صار هين الشان حتى عند الأمة التي تلقى عليه قيداً لا يكون إلا للأنعام، تحبسه به عن الحركة، ولهذا جاء البيت الأخير نفسه مصدور، تقرر واقعاً مريراً لا تحتمله النفس:
إن السنين إذا قربن من مائةٍ لوين مرة أحوال على مرر
ومثل هذا التبرم الضائق بالعجز عن دفع النوائب والتضيع تراه عند ساعدة بن جؤية الهذلي، إذ يعلن لك أن الندم، والتحسر على مضي السباب ليس بدافع صاحبه أمام قهرية نزول الهرم والكبر، وأمام حقيقة أن الشيب -على حد تعبيره-: "داء نجيس لا دواء له".
وذلك إعلان يرسم الانهزام النفسي أمام ذلك الشيب الذي يصيب الجسد بالذبول والوهن، والحواس بالضعف والخور، حتى ليصير الإنسان غير قادر على فعل ا يجلب له الدفء في علاقته بالمجتمع، الذي لم يكن يرعى للكبير حرمة، فهو يقول:(19)
يا ليت شعري، ألا منجي من الهرم أم هل على العيش بعد الشيب من ندم؟
والشيب داء نجيس، لا دواء له للمرء كان صحيحاً صائب القحم
وسنان، ليس بقاضٍ نومةً أبداً لولا غداة يسير الناس لم يقم
في منكبيه، وفي الأصلاب واهنةٌ، وفي مناصله غمزٌ من القسم
إن يأته في نهار الصيف لا تره إلا يجمع ما يصلى من الحجم
حتى يقال: وراء البيت منتبذاً: قم -لا أبا لك- سار الناس، فاحتزم
فهو يشعرك بتفلت حرارة الشعور بالتواصل مع الآخرين، من خلال الإعلان عن نظرة هؤلاء الآخرين إليه على أنه عبء ثقيل، وعضو مرفوض منبوذ، ويرسم لك البيت الأخير دائرة الإهمال التي كان يطرح فيها وأمثاله من أبناء المجتمع.
وينقل إلينا أحد المعمرين وهو مسافع بن عبدالعزى الضمري صورة نابضة لما كان يدور بين الأشيب وغيره إن جمعه به مجلس، حيث ترى صورة للتبرم النفسي والتأزم أو الضيق بهذه العزلة التي كانت تفرض من قبل المجتمع عليه وأترابه، فيقول:(20)
جلست غدية، وأبو عقيل، وعروة -ذو الندى- وأبو رياح
كأنا مضر حيات برضوى ينؤن -إذا ينؤن- بلا جناح
يرانا أهلنا لا نحن مرضى، فنكوى، أو نلد، ولا صحاح
ولا نروى العضال إذا اجتمعنا على ذي دلونا، والحفر طاح
فالمجتمع يشعرهم بأنهم جزء منه يجب بتره، لا تقديم الدواء له، إذ هو جزء فقدت لرغبة في بقاءه وذلك على الرغم من أن نفوس هؤلاء قد طويت على خلال تؤهل أصحابها للمشاركة الإيجابية، لولا إباء المجتمع ورفضه، وذلك نفهمه من تصوير الشاعر نفسه ومن معه على تلك الحال بالمضرحيات (الصقور)، التي سلبت أجنحتها، وهي قوتها ووسيلتها لممارسة مهامها في الحياة.
لكأن الشاعر يرمز إلى ما فرض عليه وأترابه من عزلة اجتماعية بغيضة هادمة للأمل في النفس بهذه الصورة البيئية المعبرة...
وقد كان الشاعر ها هنا مترجماً لواقع ممض للنفس، مبيد لكل اقتدار على التماسك حين أعلن أن المجتمع مبالغة في الإذلال يضعه وأصحابه في منطقة الأطراف من احتفاله واهتمامه:
يرانا أهلنا لا نحن مرضى، فنكوى، أو نلد، ولا صحاح
لقد كانت الشيخوخة سبة وسوءة في نظر المجتمع على ما يبدو، بل كانت سبباً وجيهاً لدى من يطعمون في المكانات الاجتماعية، كي يتمكنوا بها من عزل الشيوخ، لا عن الدور الاجتماعي القيادي الذي يمارسونه حسب، ولكن عن الحياة الاجتماعية كلها، ويصادفنا في هذا المجال موقف ذي الإصبع العدواني، وكان له باع عريض في السيادة والقيادة والحكمة والشعر، ولكنه صار كبيراً، وتلك -في نظر المجتمع أو بعض أبناءه- سبة كافية لسلبه مكانته، ولم يجد الرجل إلا الصراخ الذي يعلن عن نفس أضناها هذا التنكر، بل الإجحاف، ولا يجد إلا تذكير المجتمع بأياديه، وإعلان قصر باع من سلباه هذه المكانة، طمعاً منهما فيها عن أن يبلغا في ميدان المحامد مبلغه(21)
إنكما صاحبيّ لن تدعا لومي، ومهما أضع، فلن تسعا
إنكما- من سفاه رأيكما- لا تجنباني الشكاة، والقذعا
إلا بأن تكذبا علي، ولن أملك أن تكذبا، وأن تلعا
إن تزعما أني كبرت، فلم أُلْفَ بخيلاً نكسا، ولاورعا
أجعل مالي دون الدَّنا غرضا وما وهى م الأمور، فانصدعا
كما هو معلوم ملموس من واقع حياة البشر فإن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند، ولهذا ترى أن سورة الألم النفسي والشعور باجتواء الحياة كلها كانت تشتد حين يستشعر الأشيب الإذلال ممن يتوقع منهم التوقير والإجلال، وهم أبناؤه أو الخاصة من أقربائه، إذ يسكن نفسه إذ ذاك الإحساس بخيبة الأمل، وذلك إحساس قاتل يسلم إلى حالة من الاغتراب النفسي التي تصل بالأشيب إلى تمني الموت .
ويحدث ذلك غالباً حين يجد الأشيب أولاده أو حفدته كارهين لوجوده، يبغضون رؤيته، ويتأففون من كلامه، ويرمونه الخرف، وينهرونه عن الحديث حين يهم به، وقد تعرض كعب بن دارة النخعي لمثل ذلك كله فصرخ:(22)
لقد ملني الأدنى، وأبغض رؤيتي، وأنبأني أن لا يحل كلامي
على الراحتين مرة، وعلى العصا أنوء ثلاثاً، بعدهن قيامي
فيا ليتني قد سخت في الأرض قامةً، وليت طعامي كان فيه حمامي
وفي هذه الصرخة ترى ذل الرجل مجسداً يكل برأسه من بين كلمات كل جملة ها هنا، ليعلن لك أنه لا خير في العيش بعد الشيب والكبر، وتجربة هذا الرجل حميمة الصلة بتجارب كثيرة ما زلنا حتى اليوم نراها، ويصل إلى أسماعنا نبأها بين لحظة وأخرى، فلا ترى النفس موقفاً ابغض من موقف يكون فيه الأشيب على تلك الحال من الإذلال.
على أنه قد يخفف من غلواء الإحساس بالإذلال والامتهان في مثل هذه التجربة أن يكون الأشيب من عامة الناس، أو ممن لم تكن له في السابق مواقف فاعلة في حياة المجتمع، أما أن يكون قائداً ورائداً وسيداً، ثم يمر بهذه التجربة فإن وقع ذلك في نفسه يكون على النحو الذي يلجم الأقلام وقبلها الألسن، إذ ليس بالهين أن تسقط كل هالات المجد وشاراته أو تنهار كل صخرة واقعي اجتماعي بغيض أو إنساني مرذول.
وقد تعرض لهذه التجربة القاسية عدي بن حاتم فارس الفتوحات، وصاحب راية طيء في صفين وحامل لواءها.. لكنه كبر ورق عظمه، فإذا العامة يتولون عنه قبل الخاصة، ويتحول الكل من الإعظام إلى التضييع والإهمال، فيصير الرجل في حاجة إلى أن يستدر عطف القوم عليه، وبرهم به، وحنوهم عليه.
لقد أسن الرجل فاستأذن قومه في وطاءٍ، يجلس عليه، ومت إليهم في ذلك الطلب بكبره ورقة عظمه فقالوا: ننظر، فلما أبطأوا عليه ملأه الإحساس بالإهمال والتضييع، وأنه صار كهلاً، فأنسأ يقول:(23)
أجيبوا يابني ثعل بن عمرو، ولا تكموا الجواب من الحياء
فإني قد كبرت، ورق عطمي وقلّ اللحم من بعد النقاء
وأصبحت الغداة أريد شيئاً يقيني الأرض من برد الشتاء
وطاءً! يا بني ثعل بن عمرو، وليس لشيخكم غير الوطاء
فإن ترضوا به فسرور راضٍ، وإن تأبوا فإني ذو إباء
سأترك ما أردت لما أردتم وردك من عصاك من العناء
لأني من مساءتكم بعيدٌ كبعد الأرض من جو السماء
وإني لا أكون بغير قومي فليس الدلو إلا بالرشاء
أسمعت عن أثر أقوى من هذا الأثر تحدثه الشيخوخة بالنفس؟ إن الرجل كان بالأمس القريب يحمل اللواء ويرن بذكر اسمه وسمع الزمان، ولا يصدر القوم في كبير ولا صغير إلا عن رأيه ومسورته قد عذا هكذا، لإيجاب دعاء، ولا يسمع له توسل، ولا يتحقق له رجاء، مع أنه يحدثهم بانكسارة الضعفاء المحزونين، معلناً لهم أن الشيخوخة قد جعلت آماله في الحياة تنحسر، وتنحسر، حتى صارت لا تتجاوز مجرد الحاجة إلى شيء هين هو الوطاء، وليس غيره، ثم هو يطلب هذا الشيء الهين في تودد وتذل وإعلان أن الأمر كله وقفاً على رضاهم، إذ هو قد فقد القدرة على الإلزام، حتى ليصدق عليه تماماً مضمون قول عدة بن الطيب(24)
إن الكبير إذا عصا أهله ضاقت يداه، بأمره ما يصنع
بل إنه أعلن لهم عن هذا المضمون حين قال لهم:
سأترك ما أردت لما أردتم وردّك من عصاك من العناء
وأيضاً حين أعلن أنه من مساءتهم بعبد، كعبد الأرض من جو السماء، وذلك إعلان يشف عما تحته، إذ يشير إلى أنه قد غدا بالشيب لا حيلة له، فنفسه مترعة بالتأزم والشعور بخيبة الأمل، وهو شعور مهلك للنفس التي يسكنها أو يكاد، خاصة إذا كان صاحبها يعيش في مرحلة الشيب.
ولعل هذا التصور هو الذي أسس لوجود هذا البيت الأخير، الذي يعلن الشاعر فيه عن الانتماء لقومه إلى ابعد ما يكون الانتماء:
وإني لا أكون بغير قومي فليس الدلو إلا بالرشاء
غير أن ذلك الانتماء الذي ابعد الشاعر في إعلانه ليس إلا انتماء في الظاهر حسب، حتى ليصبح أن نسميه احتماء، احتماء من آلام الاغتراب التي تكاد تعصف بالنفس عن طريق الاندفاع إلى إعلان الانتماء، وتلك بلا شك مفارقة عجيبة في معالجة الموقف النفسي التي عاشها الشاعر، وقد كان الشاعر فيها محنكاً، أو استدعاه الموقف أن يكون كذلك، ومن هنا تراه قد استخدم كثيراً من ظلال الألفاظ في هذا الاتجاه، اتجاه تذكيرهم بواجبه عليهم، وحقه قبلهم، حتى تمكن في النهاية من تحقيق بعض ما كان يود تحققه وحدوثه، إذا انعطفت إليه بعض القلوب، "فأذنوا له أن يبسط في ناديهم، وطابت به أنفسهم، وقالوا: أنت سيدنا شيخنا وسيدنا، وما فينا أحدٌ يكره ذلك، ولا يدفعه.."(25)
وكثيرة هي التصورات التي يمكن أن نعزي إليها نجاح الشاعر في التوصل عند نهاية تجربته إلى مبتغاه وعلى راس هذه التصورات أن شاعر هذه التجربة كان إذ ذاك يعيش في الإسلام، وهو الذي كان قد هيأ النفوس لإجلال ذي الشيبة المسلم، وفيما وقفنا عليه من تجارب في هذا المجال ما يدعم ذلك، فالأشيب الذي صرخ من وقع الشيب على نفسه في المجتمع الجاهلي لم يكن يحصل من شكواه على طائل أبعد من ارتداد صدى هذا الصراخ إلى نفسه ليضاعف ذلك من آلامه، ويزيد من ضيقه وتأزمه، ويعمق -بالتالي- من شعوره بالاغتراب النفسي في محيطه، ولذلك نجد أن كل واحد منهم اصطفى لنفسه أسلوباً يتمكن من اجتياز أزمته النفسية أو على الأقل يخفف به من حدة وقعه على نفسه، حين لم يجد لشكواه صدى في نفوس أبناء مجتمعه، ومن هنا وجدنا اللذين يسلكون سبيل الاستسلام وإظهار الانهزام، إلى جوار الذين يعلنون عن بعض التجلد والتماسك، وعدم التضعضع أما ريب الدهر، إلى جوار الذين أعلنوا التمرد والغضب، والرفض لبلادة المجتمع تجاه مصابهم كما وجدنا الذين لم يستطيعوا هذا ولا ذلك فاتخذوا من النزوع إلى الماضي، والهرب النفسي من الحاضر سبيلاً للانفلات من وقع الإحساس بالغربة في المجتمع، فضلاً على الذين امتلكهم اليأس والقنوط فلم يجدوا إلا تمني الموت، كي يتخلصوا من لهيب الحاضر الذي أصبحوا فيه يقادون كما تقاد المطايا وهو ما يمكن عرضه على النحو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com/montada-f27/
عبير عبد القوى الأعلامى
نائب المدير الفني
نائب المدير الفني
عبير عبد القوى الأعلامى

انثى
عدد الرسائل : 9451
من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 111010
العمل : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Unknow10
الحالة : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Mzboot11
نقاط : 17671
ترشيحات : 33
الأوســــــــــمة : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 13156210

من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Empty
مُساهمةموضوع: رد: من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي   من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي I_icon_minitime1/3/2010, 08:35

-محاولة التماسك والتجلد :
وتلك سبيل سلكها البعض حين أدرك أن لا أحد لشكواه بسامع، وأن أهوال الشيب تتهدد كيانه كله فأخذ يظهر شيئاً من التماسك والتجلد، غير أنه تماسك أو تجلد يأخذ خاصية الذلة والانكسار، إذ لم يعد لهم قوة الفتيان ولا اقتدارهم على التماسك، فأي"تظاهر للشيخوخة بالتماسك والهور هو تظاهر منكسر، فالمفقود ليس شيئاً غير ذي بال، إنه الشباب الذي يبكي أحر البكاء .."(26)، وها هو ذا أحدهم وهو دريد بن الصمة الجشمي يظهر شيئاً من الاعتصام بالتجلد، كي لا تأكله أنياب الاغتراب التي جلبها الشيب نفسه، فيقول مخاطباً هند، وهي فيما نرى ضمير المجتمع الذي بدأ ينبذه لكبره : (27)
يا هند لاتُنْكري شيبي وكبري فهمَّتي مثل حدّ الصارم الذَّكر
ولي جنانٌ شديد لو لقيت به حوادث الدهر ما جرت على بشر
فما توهمْتُ أني خضت معركةً إلا تركت الدّما تنهل كالمطر
كم قد عرفت من الأيام نائبةً، حتى عرفْتُ القضا الجاري مع القدر
ولا يخدعنك بريق هذا التعالي على الواقع البغيض، فليس ثمة إلا تماسك المنكسرة قلوبهم بوقع الشيب تراه ينقلب، فيعلن عن انهزام بأكثر مما يشى باحتمالهم وتجلدهم، أو قدرتهم على الصمود فالرجل لم يتجاوز رسم قوة متخيلة له إذ فقد القوة في عالم الواقع، ولذلك مثلاً أتت عبارته: الشأن يقدمها إلى نفسه كي تعتصم بالتجلد أمام هذه النكبة التي حلت (الشيب) كسابق عهدها مع المسلمات السابقة.. لكأنه يزعم لنا ولنفسه من قبل أن نوائب الشيب -بما أنه اعتاد معالجة أمثالها في سابق عهده- لم تؤثر فيه، لكن الأثر على رغمه يبدو. فالأبيات كما ترى تحاول رسم صمود بطولي أمام ويلات الشيب من خلال الإعلان في مبالغة واضحة عن قوة نفسية وجسدية عالية، والمبالغة في تصوير الشيء وإلحاقه بالنفس دليل-كما يقول علماء النفس- على الشعور بالنقص فيه، ومن ثم فإن تجلد الشاعر ها هنا ليس إلا وسيلة تعويضية .
-النزوع إلى الماضي :
وهو تروع يترجم عن حقيقة أنه لا بد للمصدور من نَفْثَةٍ، يتجفف بها من بعض لأوجاعه، ولا متنفس للأشيب أجمل أثراً من الحلم الذي يقوم على التذكر أو اجترار الماضي، بل إنه (التذكر) وسيلة أصحاب الهموم، فلا "خطاب في مشغلة من المشاغل إلا إذا قام أولاً على وظيفة التذكر..(28)، وبه يقضي الأشيب ساعة بين واحة الماضي، متخلصاً من بعض الأوشاب التي جثمت على النفس في الحاضر وقد رفدنا تراثنا العربي القديم بصور نابضة تترجم شعور الشيوخ بالإحباط وخيبة الأمل، والغربة النفسية ، كنتيجة لعجزهم الجسدي عن القيام بواجبات العيش لأنفسهم ومجتمعاتهم، أو لعجزهم عن الانسجام مع الأجيال الجديدة التي لا تلتقي معهم في الفكر أو المزاج النفسي وكان من سبلهم للتخفف من بعض أثار هذه المشاعر أن يهربوا نفسياً إلى زمن القوة والفتوة والصبا،زمن الشباب، وهذا أحدهم وهو هاجر بن عبد العزّي الخزاعي، ينزع في شيخوخته إلى الماضي فراراً من الحاضر:
بليتُ، وأفناني الزمان، وأصبحت هنيدة قد أنضيت من بعدها عشراً
وأصبحت مثل الفرخ، لا أنا ميتٌ فأسلْى، ولاحيِّ فأصدر لي أمرا
وقد كنت دهراً أهزم الجيش واحداً، وأعطي فلا منّا عطائي، ولانزراً
وقد عشت دهراً لاتُجِنّ عشيرتي لها ميتا حتى أخط له قبراً (29)
إنه يقدم لك نفسه في صورتين، صورة في حاضره الذي آل إليه، وأخرى لماضيه الذي كان فيه، يقدم الأولى ثم ينتقل إلى الثانية بقوله: "وقد كنت.. وقد عشت" وهي صيغة لا تجدها في الأغلب ذات حضور إلا على لسان من تولت من حياتهم ساعات الصفو، وأسباب المسرة.
وفي الصورة الأولى تراه يكاد يجسد لك إحساسه بالوحدة والوحشية وانفصال محيطه عنه، إذ لا يشعره أحد من هذا المحيط بأنه حي فيشركه في أمور الحياة، ولا يأتيه الموت فيريحه- فيما ظن-من ويلات الحاضر البغيض، ثم يسلى أو ينسى، والملاحظ هنا أن الشاعر يرسم نوازعه ببراعة، إذ يريك منه إحساسا بخيبة الأمل في الحاضر والمستقبل ، حين رماه الكل بالخرف فلا يستمع له أحد، وهو ما عناه بقوله: "ولا أنا حيٌ فأصدر لي أمراً " كأنه يعد المشاركة في الأعمال الاجتماعية، والحضور الفاعل فيها والموجة لها هو الحياة بعينها ، إذ الفراغ من الشواغل الجادة لمن قطع حياته في الجد يكون قاتلاً، وذلك هو ما جعل الشيوخ أمثاله أبداً"يرن الحاضر ظلاً ثقيلاً على (حيواتهم)، فهو مقترن بعجزهم عن السعي وراء الرزق أو الحرب أو الحب.."(30)
ولذلك ترى الشاعر قد أقام كلامه على رسم المفارقة العجيبة بين حالة في الحاضر وشلأنه في الماضي، الذي كان القوم فيه لا يصدرون في شأن من شئون حياتهم إلا عن رأيه، وتعبيره عن هذا كله بقوله:
وقد عشت دهراً لاتجن عشيرتي لها ميتا حتى أخط له قبرً
تعبير عجيب في قوة دلالته على التحسر والتأزم النفسي، وذلك على الرغم من أنه يعبر عن معنى نرى إطاره متصوراً عند كل نفس لأنه من الحقائق النفسية اللازمة للإنسان، وأعني أنه مارس معنا تلك اللعبة"التي مارسها الإنسان في كل مكان وزمان، ليبعد عن وطأة الحاضر والمستقبل، ليهرب من ذاته، ويغذي النزيف الذي يجري في شرايينه ويتخذ شكل ذكريات تلح عليه أن يموت في ظلالها، فيتخلص من واقع متعب، ومن مستقبل يتخيله مرعباً"(31) ..
إنها إذا لعبة المكرود بآلام الشيخوخة، لا يجد إلها خاصة إذا كان يعيش في عصر كالعصر الجاهلي الذي لم يكن الأبناء فيه يجدون من يزرع فيهم يقيناً بأن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة .
وهذا دريد بن الصمة الجشمي فارس العرب، ينبذ لكبره، ويطرح لشيبه، ويهون على أهله حتى ليغدو على ما قال هو : "رهينة قعر البيت كل عشية" كأنه الطفل في المهد، فيصرخ مضطراً ذكريات الماضي(32) .
فإن يكُ رأسي كالثغامة نسله يطيف لي الولدان أحدب كالقرد
رهينة قعر البيت كل عشية، كأني أوارى أن أصوب في مهد
فمن بعد فضل في شباب وقوة، ورأس أثيث حلك اللون مسود
إنه يذكرنا ويذكر نفسه لتخف عنه بعض وطأة الحاضر.. غير أن هذا التذكير أو التروع إلى الماضي لم يكن يغني في نزع الإحساس بخيبة الأمل تماماً من النفس، ومن هنا كان الطريق يظل مفتوحاً أمام اليأس والإحباط ثم تمنى الموت ليترع نفوس الكثيرين منهم .
3-اليأس وتمني الموت :
والمعروف أن اليأس هو طريق من فقدت كل الحلول قيمتها في نفسه، وأحسب أن أصحاب هذا الاتجاه قد لجأوا إلى الماضي ونزعوا إليه كثيراً، لكن ذلك لم ينفعهم كثيراً، خصوصاً أمام ويلات الشيب، ومن هنا امتلكهم اليأس، ونجتزيء ها هنا ببعض الأبيات التي ترسم أحدهم ، وهو مصاد بن جناب، إذ يقول:(33)
ما رغبتي في آخر العيش بعدما أكون رقيب البيت لا أتغيب؟!
إذا ما أردت أن أقوم لحاجةٍ يقول رقيبٌ حافظٌ:أين تذهب؟
فيرجعه المرمى به عن سبيله كما رد أفراخ الطائر المتربّبُ
والإحساس باليأس في مثل هذه الأبيات أوضح من أن يدل عليه بتحليل، فهو يطل برأسه، ويكفي أن نقف على دلالة الاستفهام الذي حمله البيت الأول فتراه يجسد لنا من زهد نفس الشاعر في حياة لا يشعر فيها بذاته، ولا ينسجم نفسياً فيها مع واقعه. وكثيرة هي التجارب التي تعري بالدرس، وتدفع إلى التناول والطرح(34)، وكلها يؤكد على حقيقة أن الاغتراب النفسي واقع ملموس في حياة المعمرين، والجاهلين عامة، والشعراء منهم خاصة وأن هذا الشعور كان من الثقل بحيث جعلهم يتلفتون أبداً، بحثاً عن مخرج يخرجهم من وطأة هذا الشعور، فحاول بعضهم التماسك والتجلد، فكان نصيبه الانكسار، ولجأ بعضهم إلى ممارسة الهرب من الواقع بالفرار إلى خضرة الشباب ونضرته، فما رجع بكبير ينفع، ثم كان اليأس وتمنى الموت، تحولاً نفسياً عن حياة صار فيها الإنسان ليس بذي أيدٍ ولا غناء .
الهوامش
(1)الصداقة والصديق.لأبي حيان التوحيدي.شرح وتعليق: علي متولي صلاح ص8-9. المطبعة النموذجية.
(2)الآية36 النساء، والآية 151 سورة الأنعام، والآية 23 من الإسراء، وانظر الآية 8 من سورة العنكبوت، والآية 15 من سورة الأحقاف، والآية 14من سورة لقمان.
(3) الآية 23 من سورة الإسراء .
(4)البيت للحسن بن عمرو.ديوان شعر الخوارج. جمع وتحقيق د.إحسان عباس ص260 طبع دار الشروق، الرابعة 1402هـ/1982م، وبهجة المجالس للقرطبي 1/226، وبدون لمز في الأشباه والنظائر للحالدين2/215.
(5)المعمرون والوصايا لأبي حاتم السجستاني. تحقيق/عبد المنعم عامر ص(ف) طبع الحلبي.
(6)شرح المفضليات للتبريزي(421-502هـ) تحقيق/علي محمد البجاوي1/243.دار نهضة مصر 1970م.
(7)السابق ذاته.ودرد: جمع أدرد، والأدرد: الذي كبر حتى سقطت أسنانه، والأنثى:درداء. وفي كون معنى المزرد:المخنق انظر:لسان العرب(زرد) .
(Coolالشباب والشيب في الشعر العربي حتى نهاية العصر العباسي د/عبدالرحمن هيبه 1/73 طبع الهيئة المصرية العامة 1411هـ -1981م.
(9)المعمرون والوصايا. للسجستاني ص ف من المقدمة.
(10)الشباب والشيب في الشعر العربي د/عبدالرحمن هيبه1/81.
(11)انظر: المواقف الإنسانية في الشعر الجاهلي د/حسني عبدالجليل يوسف. دار الثقافة 1989م ص102، ولتحديد مصطلح الاغتراب يمكن الرجوع إلى: الاغتراب سيرة مصطلح د/محمود رجب. دار المعارف الثالثة 1986م، مفهوم الاغتراب في الأدب د. نبيل راغب، مجلة الفيصل، العدد 69، ابن ماجه وفلسفة الاغتراب. د/محمد الفيومي، دار الجيل 1408هـ، الاغتراب النفسي د/إبراهيم عيد، طبع الرسالة الدولية 1990م.
(12)لسان العرب (نكس).
(13)ديوان عمرو بن قميئة.تحقيق/حسن كامل الصيرفي 488-52نشر معهد المخطوطات العربية 1385هـ-1965م، والأمم:الشيء اليسير أو الحقير، والعصم الوعول تكون في أعالي الأرض، والدسم:الوضر والدنس .
(14)قشير بن عطي العبيدي: أحد بني ديسق بن معاوية بن قشير، جاهلي مقل، امتد به العمر حتى عمى ومل الحياة.انظر 1/314من: شعراء بني قشير في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي.د/عبد العزيز الفيصل طبع:عيس الحلبي 1398هـ/1978م.
(15)التعليقات والنوادر لأبي علي زكريا بن هارون الهجري1/223طبع دار الشؤون الثقافية-بغداد بتحقيق د/حمودي الأمير الحمادي، القريان جمع:قريٌ وهو مجرى الماء.
(16)الشباب والشيب في الشعر العربي.د/عبد الرحمن هيبة 1/119.
(17)ديوان دريد بن الصمة الجشمي.تحقيق/محمد خير البقاعي ص66طبع دار قتيبة1401هـ-19881م، والخرب: ذكر الحبارى، جزت فوادمه :قصت وسائل الحركة فيه. انظر الحيوان5/449.
(18)ديوان دريد بن الصمة الجشمي ص14-15.
(19)شرح أشعار الهذليين. ضنعة السكري. تحقيق/عبد الستار فراج، مراجعة. الشيخ شاكر3/1122-1124 طبع المدني1384هـ- 1965م، الداء البخيس: الذي لا يكاد يبرأ من الأدواء والعسم:أليس سيصيب المفاصل، والحجمة: حر النار.
(20)ديوان دريد بن الصمة الجشمي ص14-15.
(21)شرح المنضليات للتبريزي 2/574-575، تجنباني: تتجنباني، تلعا: تكذبا، والنكس: الجبان.
(22)المعمرون والوصايا لأبي حاتم 93، ولهذا المعنى نظائر في الشعر الأموي، انظر على سبيل المثال: شعراء أمويون د/نور القيس 3/309 ق26 من شعر طريح الثقفي.
(23)المعمرون والوصايا ص46-47، وفي خبر مكانة عدي في قومه، انظر: تاريخ الرسل والملوك 5/9. وعدي بن خاتم الطائي، الجواد بن الجواد، محي الدين ميتو.
(24)شرح المفضليات للتبريزي 2/452، وعبده بن الطبيب شاعر مخضرم، له إدراك وإسلام، وكان من المجيدين.
(25)المعمرون والوصايا لأبي حاتم ص47.
(26)الزمن عند الشعراء العرب قبل الإسلام/عبدالإله الصائغ 161-162. دار الشئون الثقافية -بغداد 1986م.
(27)ديوان دريد الصمة الجشمي. تحقيق: محمد خير البقاعي 125. وانظر أمثلة لذلك في: مالك بن حريب الهمداني حياته، وما تبقى من شعره. صنعه د/مهدي عبيد جاسم. ص169م، المورد.ع3 من المجلد 188، وديوان تميم بن مقبل ص74-75. تحقيق د/عزة حسن. دمشق 1962.
(28)قراءة ثانية لشعنا القديم. د/مصطفى ناصف 55، وانظر هذا التصور: قراءة في الأدب القديم د/محمد أبو موسى ص219، 220- دار الفكر العربي، : الزمان بين الاتصال ولانفصال، الدكتور زكريا إبراهيم. مقال بمجلة العربي يوليو 1986م، و: الزمن عند الشعراء العرب قبل الإسلام د/ عبد الإله الصائغ 49.
(29)المعمرون والوصايا لأبي حاتم ص92، هنيدة: اسم للمائة من الإبل، استعارها الشاعر ها هنا للمائة عام.
(30)الزمن عند الشعراء العرب قبل الإسلام د: عبد الإله الصائغ 239.
(31)الشعر والزمن. جلال خياط، وزارة الإعلام العراقية. سلسلة: الكتب الحديثة "88" ص18.
(32)ديوان دريد بن الصمة الجشمي ص54، الثغامة: شجرة تبيض كأنها الثلج.
(33)المعمرون والوصايا لأبي حاتم ص30.
(34)على سبيل المثال انظر تجربة المستوغر بن ربيعة في: طبقات فحول الشعراء لابن سلام 1/34-35، وأمالي المرتضي 1/34-35، ولسان العرب (جما)، وتجربة الجعشم بن عوف التيسي في المعمرون والوصايا لأبي حاتم ص41، وتجربة زهير بن جناب الكلبي في حماسة العنزي 102، الشعر والشعراء 1/379، وشرح ما يقع في التصحيف والتحريف للعسكري ص427.

د. شوادفي أحمد السيد علام
مجلة رؤى .. نشر بتاريخ 31-01-2007
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com/montada-f27/
طارق البورسعيدي
عضو متقدم
عضو متقدم
طارق البورسعيدي

ذكر
عدد الرسائل : 660
من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 210
بلد الإقامة : بورسعيد
احترام القوانين : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 111010
العمل : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Unknow10
الحالة : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي 710
نقاط : 6982
ترشيحات : 5
الأوســــــــــمة : من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Awfeaa10

من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Empty
مُساهمةموضوع: رد: من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي   من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي I_icon_minitime5/7/2016, 08:59

من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي Do
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من حديث الشيب والإغتراب في الشعر الجاهلي
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الشعر الشايب - الشيب المبكر - الشعر الابيض للشباب والبنات
» القرآن في الشعر الجاهلي
» شفوية الشعر الجاهلي
» قيمة الشعر العربي الجاهلي
» المبالغة في الشعر الجاهلي بين الأنا الفرد والأنا الجمعي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات الأدبية :: المنتديات الأدبية :: منتدى الدراسات النقدية والبلاغة-
انتقل الى: