من ريف الفيوم إلى مدينة (ماضى) سيرًا على الأقدامساحة مدينة " ماضى " تضم بقايا تماثيل وأعمدة فرعونيةانسى عطيةوحياة أبوكم أنا عامل حفر، وعايز أطلع فى التليفزيون». صرخ أحد عمال الحفر، عندما لمح كاميرات التليفزيون خلال تغطيتها افتتاح مدينة ماضى الأثرية يوم الأحد الماضى.
بملامح غطتها التجاعيد وآثار الشمس الحارقة كان يتابع ضيوف الاحتفال، مسئولين ورجال إعلام وكاميرات. «بقى لى 30 سنة شغال عامل حفر فى ماضى. من نهار ما وعيت على الدنيا والمدينة فيها شغل».
عدلى يسكن بجوار مدينة ماضى، يأتى مع باقى زملائه العمال يحملون أدوات الحفر على أكتافهم فى قطعة من القماش كل صباح من أرياف الفيوم سيرا على الأقدام، والشمس هى رفيقهم الدائم.
حضر الافتتاح كل العاملين بالمدينة وكل من محافظ الفيوم، محمود عاصم جاد ووزير الدولة لشئون الآثار، زاهى حواس، ومديرة قسم الآثاربجامعة بيزا الإيطالية ورئيسة البعثة الإيطالية، أدبرشيانى.
المصريون كانوا يتحدثون باللغة الإيطالية مع أفراد البعثة بود وألفة ملحوظة، ومن بينهم مسئول منطقة آثار الفيوم، سعيد هلال الذى قال: إن «العمل فى مدينة ماضى بدأ من سنة 1935، ببعثة من إيطاليا ساهمت فى الدراسة وبدأت أعمال التنقيب عن الآثار».
البعثة الإيطالية تمول المشروع ماديا ويتراوح عدد العمال المصريين فى الموقع بين 50 و60 عاملا، حسب الاحتياج.
مدينة ماضى الأثرية تقع على بعد نحو 35 كيلو مترا جنوب غرب محافظة الفيوم، وآخر الآثار التى اكتشفت فى المدينة كانت فى نوفمبر الماضى عن آثار شملت تماثيل وبرديات نسبت للعصر الفرعونى واليونانى، حسبما قال هلال.
العمال هنا فى المدينة هم أبطال من خلف الستار، فالمعدات المتوافرة لديهم إمكاناتها محدودة، وأدواتهم تتكون من «المسطرين» الذى يقوم بجرف التراب بليونة طبقة طبقة، وهو أول خطوة فى اكتشاف الأثر. والفرشاة التى يستخدمها العامل فى إزاحة التراب المباشر من على قطعة الآثار.
والفأس التى ترفع الرمل المخلف عن أعمال البحث من خلاله، ومنه إلى «المقطف» الذى يوضع داخله أكوام الرمال الناتجة عن الحفر، وأخيرا عربة صغيرة حديدية بعجلة واحدة تحمل الرمال بعيدا عن موقع الحفر والآثار.
وينقسم عامل الحفر إلى قسمين، قسم العمال الفنيين الذين يستخدمون المسطرين والفرشاة فقط، والأجر اليومى يصل إلى 60 جنيها، وعمال الحفر ويقتصر عملهم فى استخدام الفأس والمقطف والعربة فقط، والأجر يوميا 40 جنيها.
ويشرح سعيد هلال أن «الحفر فى أى موقع أثرى بيكون تحت إشراف المسئول عن الموقع، وبضوابط وقوانين معينة».
ويبدأ الحفر فى مربع داخل المدينة لا يتجاوز حجمه الأمتار العشرة على عمق 10 سنتيمترات، ولا يبدأ الحفر فى مربع آخر إلا أن يتم الانتهاء من المربع الأول، وهكذا حتى تنتهى عملية البحث والحفر عن آثار.
ويضيف هلال أن أى تساهل أو تجاوز فى تعليمات الحفر قد يؤدى لسرقات وخسائر مادية نتيجة سرقة الآثار.
العمال داخل المدينة يواجهون أزمة مواصلات لنقلهم من القرى إلى مدينة ماضى الأثرية. «المدينة بعيدة عن بيوتنا بنحو 7 كيلو تقريبا»، ويأتون بغدائهم من منزلهم لصعوبة وجود طعام داخل المدينة.