مفهوم الاستراتيجية العسكرية

مفهوم الاستراتيجية العسكرية

للاستراتيجية مجموعة مقدرة من التعريفات فقد عرفها كلاوزفتر بأنها (الاستخدام المرتبط بأغراض الحرب) ولكن بعد استخدام هذا التعريف لمدة أكثر من ثلاثين عاماً أصبح مفهوم القوة العسكرية العام هو أنها عبارة عن وسيلة من الوسائل المتفردة والتي يمكن للدولة أن تمارس بها قوتها على الآخرين.. ورغم تعاريف الاستراتيجية المتباينة والمتعددة فإن الاستراتيجية هي التي يقع عليها العبء في شؤون الحرب والقتال كما أنها هي التي تقوم بتحديد العقيدة العسكرية القتالية التي يجب أن تتبعها الدولة وكذلك هيئة وشكل وبناء القوات المسلحة والوحدات القتالية للدولة واتجاهات تطويرها فارتباط الاستراتيجية بالأمور العسكرية وشؤون الحرب لم يمنعها من ممارسة فنونها وأفكارها في اتجاهات أخرى ومن هنا تزايد العبء على الاستراتيجية التي أصبحت تغزو كل الأبعاد والجوانب التي تخص الحياة وأهمية تلك الجوانب والأبعاد في حركة الحياة كالبعد الاقتصادي والسياسي والإعلامي والتكنولوجي والاجتماعي ..الخ فالتعريفات التي يطلقها بعض الاستراتيجيين والعسكريين تجاه الاستراتيجية تقتضي فكرة أو حدثاً من نوع ما في زمن ما وذلك وفق التصويب العقلي الفكري تجاه تلك الاستراتيجية التي تعلن عن هدفها وفق معطيات معينة وظروف معينة قد لا تتحقق في ظروف أخرى، فالاستراتيجية العسكرية اليوم وفي ظل الوميض النووي قد عملت على تغيير جلدتها وكسر أفكارها السابقة والرجوع عن استخدام القوة الخشنة والردع غير المتوازن والمعتدل في الحروب (فالاستراتيجية العسكرية الحديثة) اليوم هي التي يقع عليها الأمر في اهتماماتها الجوهرية بمنع وقوع الحرب كما تتعامل الاستراتيجية العسكرية الحديثة مع استخدام القوات العسكرية في السلم كما في الحرب وفي جميع الأوقات الحرجة وذلك بهدف استخدام القوة العسكرية المتوازنة وتوظيفها التوظيف الأجدى والأمثل لمنع تفاقم الأزمة والصراع أو التحكم فيه إذا فشل المنع أو تحديد وتوجيه الصراع إذا لم يكن من الممكن السيطرة عليه وكبح جماحه حتى لا يصبح إخطبوطاً تصعب السيطرة عليه وكما هو معلوم عن الاستراتيجية بأنها فن التخطيط للحرب أو الوصول الى هدف أو غاية ويستوجب هذا الأمر الآلية والأدوات التي يمكن من خلالها مباشرة الاستراتيجية عملها الفعلي والعملي الحركي تجاه بلوغها الهدف المعني وفن اللا حرب يعني العلم الإبداعي الذي يعمل على توظيف وتحضير الأعمال القتالية وتحضير أدواتها وآلياتها وكل احتياجاتها وتنفيذها على اختلاف المستويات والأبعاد كما أن العلم الذي يقوم بعملية استنباط مجموعة السبل والأساليب القتالية الأكثر فعالية والأقل زمناً لبلوغ الهدف أما فن العمليات فهو الذي يقوم بالبحث عن مجموعة المبادئ والأسس والقواعد النظرية للعمليات القتالية المشتركة والمستقلة وكيفية وعمل تحضيرها بالمستوى الذي يضمن كفاءتها وقدراتها القتالية العالية والمقدرة واسلوب قيادتها من قبل مجموعة القوات المسلحة بكل وحداتها البرية والجوية والبحرية وذلك لتحقيق هدف عملياتي محدد له التأثير على مجرى إحداثيات الأعمال القتالية والمعارك أو الحرب بكلياتها أما التكتيك فهو الفن الذي يقوم بالبحث في مجموعة الأساليب التي تتناسب وتعطي النجاح للتحضير للمعركة وتنفيذها من قبل الوحدات العسكرية المختلفة والتشكيلات القتالية كما يقوم التكتيك بدراسة قضايا التأمين القتالي والإداري والفني التي من شأنها إنجاح المعركة واستمرارها ونلاحظ بأن الاستراتيجية العسكرية لها عدة تعريفات تنطلق من أسلوب فن إدارة المعارك كوسيلة للوصول الى هدف الحرب أو أنها إجراء الملاءمة العملية لمجموعة الوسائل التي يتم وضعها تحت تصرف القائد لبلوغ الهدف المطلوب كما تضم التعريف القائل بأنها فن توزيع واستخدام كافة الوسائط العسكرية لتحقيق الهدف الذي حددته السياسة كما نطلق على الاستراتيجية العسكرية ويؤكل لها عملية النشاط العملي للقيادة العسكرية العليا إذاً مفهوم الاستراتيجية العسكرية من المفاهيم التي تتعلق بالأفكار والآراء نحو الحرب وذلك وفق الزمان والمكان ونوعية الأدوات والآليات وفوق كل هذا نوعية السلاح والذي يعتبر من أهم مقومات وركائز الاستراتيجية العسكرية وعبر التاريخ الإنساني المتواصل والحروب التي خاضها الإنسان منذ فجر التاريخ نلاحظ تلك التطورات والتغيرات التي طالت الاستراتيجية العسكرية وجعلتها تتغير في ملامحها ووسائلها وأساليبها وذلك وفق المنظور الذي تكون في إطاره بصورة واحدة في الحرب ولكن تختلف الأطر التي تحددها القيم الحضارية للإنسان والتطور الحضاري للإنسان.