البربر الأمازيغ من وجهة نظر هولندية
ما حقيقة الأمازيغ و الأمازيغية و التيفيناغ ؟
الباحث : عبد المجيد الحمداوي
في كتابهم “تاريخ المغرب” (أنظر الصورة أعلاه) حاول باحثون هولنديون هم : هرمان ابودجن Herman Obdeijn و باولو دو ماس P. De Mas و فيليب هرمانس P. Hermans،
أن يوجزوا تاريخ المغرب ، من مئات السنين قبل الميلاد إلى القرن الواحد و العشرين . و [...] هو كتاب من الحجم الكبير، قد صدر في ثلاث طبعات عن دار “بولاك للنشر” باللغة الهولندية (الطبعة الثانية سنة 2002) .
أمازيغ أو بربر :
حاول المؤلف توضيح وجهة نظره في تفضيله استعمال كلمة “بربر” للإشارة لسكان المغرب الأقدمين رغم هجْر المغاربة شبه التام لهذا الاستعمال الذي لم يعد مستساغا في كل ربوع المملكة . و لعل أكبر الحجج التي ساقها في خضم تبريراته تلك هي حقيقة تشبث أمازيغ القبائل الجزائرية ، سواء في الداخل أو الخارج ، باستعمال لفظ “بربر” التي لا يريدون لها بديلا [...]
يقول المؤلف في الصفحة 22 : “ يسمي البربر أنفسهم غالبا ‘إمازيغن’ و يسمون لغتهم “الأمازيغية” . كلمة “بربر” أصلها لاتيني : “بربارُس” و تنحدر هي الأخرى من اللغة الإغريقية : “برباروس” . هذه الكلمة تعني في الحقيقة “أعجمي” ، أي الذي يتحدث لغة غير مفهومة ” [...]
بدايات أمازيغ شمال إفريقيا
يعترف المؤلف منذ البداية بصعوبة الحديث عن البدايات الأولى للسكان الأصليين في شمال إفريقيا عموما ، و ذلك مرده في نظره إلى قلة المراجع التاريخية التي كانت تهم المنطقة و ساكنتها . يقول : “ ينبغي أن تكون قد قامت حضارة في المغرب حوالي ألف سنة قبل الميلاد أَطلق عليها المؤرخون اسم الحضارة الليبية البربرية . ساكنة تلك الفترة التاريخية هم أجداد البرابرة الحاليين . المؤرخون لا يعرفون الكثير عن تلك الساكنة و لا عن تلك المرحلة . فأول ما دُوّن عن شمال إفريقيا قام به مدونون إغريق قدماء ، لكن تلك النصوص لم تكن دقيقة أبدا و كانت تتعلق بالمناطق الساحلية فقط . هيرودوت الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد ، هو أول من كتب فعلا عن ساكنة المنطقة . هؤلاء السكان سُموا بالليبيين أو النوميديين( أي بمعنى :البدو الرحل )”.
و يصل المؤلف إلى نقطة أكثر أهمية وهي المتعلقة بأصل الأمازيغ و بالتصنيف الأنتروبولوجي لسكان شمال إفريقيا الأقدمين ؛ إلى درجة أنه لا يستبعد بتاتا أن يكون الموطن الأصلي لجزء من الأمازيغ على الأقل ، هو الشرق الأوسط و الجزيرة العربية . يقول المؤلف : “ أصل أجداد البرابرة هو أيضا غير معروف . هل ينتمون بشكل مباشر إلى سكان العصر الحجري أم حدث اجتياح من أوروبا ؟ هل هم شعب هاجر من فلسطين ، بعد سيطرة الإسرائيليين عليها ، عبر البحر الأبيض المتوسط وصولا إلى شمال إفريقيا ، كما يذهب الى ذلك أوغوسطينوس في القرن الرابع ؟ أم أن البربر أتوا من جنوب اليمن ؟ فمن هم الأجداد الأولون يا ترى ؟ فهل تمزغ عرب بعد قدومهم إلى شمال إفريقيا ثم تعرب بعضهم من جديد ولم يتعرب آخرون ؟ ” .
المؤلف يعتقد فعلا أن هناك هجرات متعددة قديمة حدثت من المشرق العربي إلى شمال إفريقيا ، إذ يواصل : “ ستة آلاف قبل الميلاد حدثت هجرات جديدة قادمة من المشرق . أجزاء من أواني طينية و بقايا عظام تشير إلى أوجه التشابه بين المناطق الشرقية لشمال إفريقيا و الشرق الأوسط “
. و يتطرق أيضا للنصوص التاريخية العربية و اليهودية ، يقول : ” حسب ابن خلدون (1332-1406) فإن البربر من سلالة كنعان بن شام حفيد نوح . قد يكونون فروا من فلسطين بعد أن هزم داود غريمه جوليات . هذه النظرية نجدها أيضا في النصوص اليهودية القديمة . ربما يكون ذلك نتيجة للتواجد الطويل للفينيقيين في شمال إفريقيا . و يبقى من المؤكد في كل الأحوال أن هناك الكثير من التأثيرات الشرق أوسطية في المنطقة . فهناك تشابه للمخطوطات التي وجدت على لوحات القبور الحجرية في مصر و بلاد النوبا و الجزيرة العربية و شمال إفريقيا .
ثم أضاف الباحثون : إنه لمن المثير للانتباه أيضا التشابه الموجود بين طرق البناء في كل من اليمن و جنوب المغرب ” .