تفسير: سيماهم في وجوههم من أثر السجود، وماهية العلامة على الجبهة
الراجح في تفسير سيماهم في وجوههم أنه نور الطاعة والعبادة، وليس بالضرورة أن تكون هذه العلامة من خشونة الجلد في موضع السجود.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: وقوله جل جلاله "سيماهم في وجوههم من أثر السجود" قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: سيماهم في وجوههم يعني السمت الحسن. وقال مجاهد وغير واحد: يعني الخشوع والتواضع. وقال ابن أبي حاتم: .... عن مجاهد "سيماهم في وجوههم من أثر السجود" قال الخشوع قلت: ما كنت أراه إلا هذا الأثر في الوجه. فقال: ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبا من فرعون. وقال السدي: الصلاة تحسن وجوههم. وقال بعض السلف: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار .. وقال بعضهم: إن للحسنة نورا في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الناس . انتهى.
قال عثمان رضي اللّه عنه :
" ما أسّر أحد سريرة إلا أبداها اللّه تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه "
والغرض أن الشيء الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه ، فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع اللّه تعالى ، أصلح اللّه عزَّ وجلَّ ظاهره للناس، كما روي عن عمر رضي اللّه عنه أنه قال: " من أصلح سريرته أصلح اللّه تعالى علانيته " ، وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه اللّه تعالى رداءها إن خيراً فخير وإن شراً فشر" (أخرجه الطبراني عن جندب بن سفيان البجلي).حديث ضعيف ذكره الالباني رحمه الله في السلسة الضعيفة .
وفي الحديث: "إن الهدي الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة"
(أخرجه أحمد وأبو داود عن ابن عباس)،حديث حسن ذكره الألباني رحمه في صحيح وضعيف الجامع .
فالصحابة رضي اللّه عنهم خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم،
فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره
سيماهم في وجوههم من أثر السجود "
أي : قد أثرت العبادة ـ من كثرتها وحسنها ـ في وجوههم ، حتى استنارت . لما استنارت بالصلاة بواطنهم ، استنارت بالجلال ، ظواهرهم .
وقال الشيخ بن عثيمين رحمه الله عندما سئل عن الاية وهل هي العلامة التي تظهر في الجبين .
قال رحمه الله .
سيماهم في وجوههم من أثر السجود يعني علامة كثرة الصلاة في الوجه وذلك باستنارة الوجه وكأن الصلاة كما وصفها النبي عليه الصلاة والسلام
(( الصلاة نور )) يستنير بها القلب . وإذا استنار القلب استنار الوجه ولهذا أكمل الناس نورا في الوجه هو
النبي عليه الصلاة والسلام حتى انه إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر عليه الصلاة والسلام
وهذا أمر مشاهد أن القلب إذا استنار استنار الوجه وإذا أقتم القلب انقبض الوجه ففي سيماهم في وجوههم يعني النور
الذي صار في قلوبهم خرجت علاماته على وجوههم أما العلامة التي على الجبهة فهذه ليست هي العلامة لأنه قد تكون الجبهة
رقيقة الجلد وإذا سجد عليها مرتين تأثرت وقد تكون غليظة الجلد لو يسجد مئة مرة ما تأثرت .
فالحاصل أن السيمة التي في الساجد إنما هي نور الوجه .)
فتاوى الحرم المكي