د . إبراهيم نصر : العالم الإسلامي يدفع جزية لأمريكا سنويا

إبراهيم نصر : العالم الإسلامي يدفع جزية لأمريكا سنويا



تقرير: خالد الطواب
- العالم الإسلامى يدفع جزية لأمريكا سنويًّا.. ويدفع لـ«واشنطن» 75 مليار دولار مقابل التسليح
- أقترح على الحكومة انتهاج خطة لزيادة تعدادنا إلى 400 مليون نسمة.. فالمستقبل للكم لا للكيف
- الطفرة الاقتصادية بالخليج ترجع إلى حرب 1973.. والمصريون يدفعون ثمنها الآن
قال د. إبراهيم نصر خبير التسويق العالمى، إن مجموعة «سيتى جروب» الأمريكية، تتوقع أن تحتل مصر المرتبة العاشرة على مستوى العالم من حيث الاستثمار العقارى فى 2050، واقترح على الحكومة انتهاج خطة محكمة من أجل زيادة تعداد المصريين إلى 400 مليون نسمة؛ إذ إن المستقبل للكم لا للكيف.
وأضاف «نصر» فى حوار مع قناة «مصر25»، أن العالم العربى والإسلامى يدفع الجزية سنويا؛ يذهب حوالى 92% منها إلى أمريكا مقابل توريد أسلحة لا يتجاوز ثمنها من 10 إلى 15 مليار دولار، وأن الطفرة الاقتصادية بالخليج ترجع إلى حرب 1973 التى دفع ثمنها الشعب المصرى.
· نريد توضيحا لمدى ارتباط الحياة اليومية بالاقتصاد المصرى؟
أولا نبدأ بتحية شهداء الثورة. إن مصر دولة لها وضع خاص بفضل خصائص الموقع والتاريخ والشعب المصرى. ودولة مثل مصر كان الناتج القومى لها يفوق 240 مليارا قبل الثورة، ومن المتوقع زيادته بعد الثورة، وإن مصر سوف تمضى بقفزات اقتصادية كبيرة.
وبالرجوع إلى حساباتى وإلى حسابات مجموعة «سيتى جروب» ـــ وهى مجموعة أمريكية تتخصص بالاستثمار العقارى، وقد أجرت مسحا لكل دول العالم التى يتوقع أن تنهض عمرانيا ويحدث بها استثمار عقارى ـــ فإن مصر فى 2050 ستكون رقم 10 فى العالم الاستثمار العقارى. وهذه الحسابات كانت قبل قيام الثورة بقليل.
· المؤشرات الاقتصادية قد تراجعت تراجعا ملحوظا خلال السنتين بعد الثورة.. ألا يؤثر هذا التراجع فى التوقعات؟
هذا لا يمكن؛ لأننا نتكلم عن دولة عمرها 8000 سنة، ولا يمكن تقييم حساب اقتصادها بالقياس بسنة أو أكثر، وفى ظروف تخبط الاقتصاد. وللمعرفة، أمريكا لها سطوة حول العالم بالجيش والأموال. أما مصر فلها هيبة بدون مال ولا جيش، بفضل الأزهر. ومن الآثار الجانبية للثورة أنه إذا أصدر شيخ الأزهر فتوى بتحريم التعامل مع أمريكا ستتأثر البورصة الأمريكية، وهذا هو سبب المساعى الغربية إلى تعطيل دور المؤسسات الأساسية للدولة ومن أهمها الأزهر.
وطبقا لنتائج «سيتى جروب»، ستصبح مصر فى 2050 عاشر اقتصاد فى العالم، ووقتها سيكون الناتج القومى 6 تريليونات دولار، تسبقها اليابان بواقع 6,5 تريليونات دولار، وستختفى دول عملاقة مثل ألمانيا وإنجلترا، ويحل محلها الدول ذات القوى البشرية الكبرى مثل إندونيسيا ونيجيريا والفلبين. ويرجع السبب إلى القوة البشرية. ومن هنا نقول إن «المستقبل للكم لا للكيف»؛ لأنه خلال الـ200 سنة الماضية استُنزفت كل طرق الكيف؛ فالمعلومة التى كانت تنتقل من أمريكا إلى اليابان فى سنوات، أصبحت الآن تنتقل فى لحظة.
وأقترح على الحكومة المصرية أن تنتهج خطة لنصل إلى تعداد سكانى إلى 400 مليون نسمة فى عام 2050؛ لأن التفوق فى الفترة المقبلة سيكون للتفوق العددى. وتقرير «سيتى جروب» حُسب على أساس 135 مليون نسمة، فتخيل إذا وصلنا إلى 400 مليون؛ ستكون الحسابات مختلفة، وكذلك الترتيب.
· ماذا عن توزيع السكان؟
الرقعة المستخدمة من المساحة الكلية لمصر هى 5%. وتصورى لتوزيع السكان يتمثل فى أن يسكن 50 مليون نسمة فى سيناء، و250 مليونا فى باقى مصر، وأن «يُصدَّر» 50 مليونا إلى إفريقيا فى دول حوض النيل، و50 مليونا إلى أمريكا وأوروبا، ومن ثم يجب أن نعمل على تصدير العمالة؛ لكى نعلى قيمة مصر فى العالم. وهو ما تفعله الصين والهند؛ إذ يُصدَّر صينيون وهنود إلى كل أنحاء العالم. فيجب أن ننشر 100 مليون، وهو الدور الذى نجحت فيه المخابرات المصرية فى الستينيات؛ لذلك يجب أن يكون للمخابرات الدور الأكبر فى هذا النشر.
· طبقا للمؤشرات والوضع الاقتصادى الذى يعانى من الأزمات.. من أين نبدأ؟
نستطيع أن نقفز كل خمس سنين ضعفى الدخل القومى، وهو ما فعله الصينيون والأمريكان وإنجلترا؛ فالصين نجحت فى تحقيق ضعف الدخل القومى 128 مرة فى 36 سنة، وهو ما نتمنى أن نفعله خلال الفترة المقبلة. وهذا ليس اختراعا، لكننا نستطيع ذلك بعد إصلاح النظام الإدارى المتخلف.
تكمن رؤيتى فى أنه لا بد من تحديد مدى سلطات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، فلا ينشغل الرئيس مرسى بالقضايا التنفيذية، مثل مشكلات المياه والكهرباء، وكذلك يجب إجراء حساب للنتائج وكيفية التعامل معها؛ لأننا إذا لم نستفد منها سيأتى غيرنا ويستفيد بها.
· ما النصيحة والمشورة التى تقدمها لصانع القرار فى مصر؟
هناك استحالة أن تكوِّن قرارا دون تحديد رؤية للمستقبل وقبل أن تطلع على الخرائط والأرقام لخطوط الزمن. الربيع العربى؛ أربيع أم غضب؟ أوقفة أم نكسة؟ وما الذى يجرى فى مصر؟ ومن العدو؟ وما خطوط الزمن؟ وكيف يتعامل المصرى مع الزمن؟
كان للمصرى القديم وعى بالأمن القومى لمصر؛ فمحمد على أحدث نهضة بعد أن نجح فى تكوين إمبراطورية من مصر والحجاز والشام، ولم تستطع دولة كبرى بمفردها أن تهزمه، ومحمد على الذى حكم مصر لسنوات لم يكن يقرأ ولا يكتب.
وقد تمثل فن الإدارة عند سيدنا عمر بن الخطاب فى وقعة «من أين لك هذا؟» مع عمرو بن العاص، وقد نجح فى حل المشكلة بخطوة إدارية عظيمة؛ هى اقتسام الثروة بينه وبين الدولة، فقضى على مشكلة كبرى بقرار صائب من الواجب أن نتخذه. فى الوقت الحالى نحتاج إلى قرار حكيم؛ فالمتهمون بقضايا فساد لا يزالون فى السجون لمدة عامين ولم نتقدم خطوة، ولو عملنا بهذا الأسلوب سنوفر 100 مليون فى أقل وقت ممكن.
فرض الادخار الإجبارى بعد التعريف «بحد الإعفاء» الذى يحدد مبلغا معينا يُحتسَب ليكتفى به فى حياته، وباقى المبلغ يُدرج فى وعاء ادخارى للمساهمة فى رفع اقتصاد الدولة. ولا يعد تأميما ولا مصادرة، ولا يتعارض مع الضرائب؛ لأنه وعاء ادخارى يُستعاد بعد وقت معين. ولا بد من تأكيد مبدأ الإدارة الرشيدة، وهو العزم والحزم والحسم.
· هل طُبِّق الادخار الإجبارى فى أية دولة؟
لا أقتنع بفكرة البحث عن تجربة سابقة قبل اتخاذ قرارات التنفيذ؛ لأنى فى ذلك الموقف أميل إلى اليابانيين الذين يؤمنون بالفكرة، سواء نفذها شخص أو دولة سابقا أو لم ينفذها أحد، وبذلك عندهم حتمية فى التنفيذ. نحن نريد وعاء ادخاريا إجباريا توضع فيه زيادات وفوائد مناسبة للمدخر. وما المانع أن يضع شخص حصل على مليون جنيه، 500 ألف فى وعاء ادخارى يجرى به إصلاح الاقتصاد المصرى بدلا من أن ينهار الاقتصاد المصرى ويأكل الأخضر واليابس؟!
إلزام السفارات المصرية بتصدير 5% من الناتج القومى والتحول إلى وحدات إنتاجية، وبذلك يجرى توفير 3 تريليونات دولار كل سنة، بدلا من أن يكون الموظفون فى السفارات مجرد تحسين حالة، ولا تهتم إلا بالاقتصاد، وبذلك تتحول السفارات من عنصر خامل إلى عنصر نشط وفعال، ومُلزم بتوفير مبلغ معين للاقتصاد القومى.
إنشاء اتحاد عربى بين المستثمرين العرب؛ فالناتج القومى للعالم العربى تريليونا دولار، وعدد السكان 350 مليون نسمة. وإذا قُورن بإسرائيل، فعدد سكان إسرائيل 7 ملايين والناتج القومى 250 مليارا.
إن العالم العربى والإسلامى يدفع الجزية سنويا، يذهب حوالى 92% منها إلى أمريكا مقابل توريد أسلحة لا يتجاوز ثمنها من 10 إلى 15 مليار دولار، وينفق 75 مليار دولار ميزانية تسليح تذهب إلى أمريكا، تتوزع كالتالى:
مصر 4 مليارات، وإسرائيل 15 مليارا، والكويت 4 مليارات ـــ وهو من الغريب؛ إذ لا يتعدى الجيش 15 ألفا ـــ وقطر 4 مليارات، والإمارات تدفع 16 مليار دولار سنويا، فى حين أن لها 3 جزر محتلة، وإيران 7 مليارات، والسعودية 48 مليارا، فى حين أن ميزانية تسلح ألمانيا 48 مليارا، وكل من الهند وروسيا 71 مليارا.
الميزانية العسكرية لمصر 4 مليارات جنيه، وجيشها يقترب من نصف مليون، وفى إسرائيل الميزانية العسكرية 15 مليارا، وتعداد جيشها 200 ألف. ويرجع ذلك إلى أن دخل العسكرى المصرى لا يتعدى 600 دولار. أما الإسرائيلى فيتعدى دخله 3 آلاف دولار شهريا؛ أى 36 ألف دولار فى السنة.
إنشاء القنبلة الذرية المصرية لن يحرر فلسطين، والقنبلة الذرية الإسرائيلية لن تمنع تحرير فلسطين. فلسطين سيحررها الفكر والمكر وتنمية الاقتصاد؛ فمصر إن كان الناتج القومى لها 250 مليارا ومع الاستقرار خلال خمس سنوات، قد يصل إلى 500 مليار ثم إلى تريليون خلال عشر سنوات.
نريد الالتفاف حول الرئيس أيا كان انتماؤه، وتفويت الفرصة على من يريدون افتعال المشكلات؛ لذلك علينا أن نقتنص الفرصة بعد النتائج التى حققناها بعد الثورة، وألا نخطئ الخطأ الذى حدث فى حرب أكتوبر 73؛ حين لم يستطع السادات اقتناص واستغلال النصر العسكرى؛ الأمر الذى أفقدنا المكسب السياسى الذى ذهب للعدو واستغله أكثر منا.
بالنسبة إلى الخطوات طويلة الأجل، فأولها «مشروع النهر العظيم»، أسوة بالنهر الأعظم فى ليبيا؛ وذلك بتوطيد علاقاتنا بدولة الكنغو التى تحتاج إلى مزيد من الدعم المالى والتقنى، وهى منطقة مطيرة لا تحتاج كثيرا إلى مياه الأنهار فى زراعاتها، فى حين أن معدل تدفق المياه فى نهر الكونغو 24 ضعف نصيب مصر من مياه النيل؛ فلو نجحنا فى إنشاء علاقات نستطيع أن نحصل على أضعاف نصيب مصر من مياه النيل، ويمكن بهذه المياه أن تكون نواة لوحدة عربية بتوصيلها إلى الدول العربية؛ فنحن إذا نجحنا فى استغلال 1/8 مياه نهر الكنغو نستطيع أن نوصلها إلى هذه البلاد فننشئ وحدة اندماجية؛ وهذا يتوقف على استغلال النتائج.
ومهمة الرئيس إجراء وحدة مع كل من السودان وليبيا وتونس؛ حتى لا يسرق الثورات الطغيان الأمريكى، ولماذا لا تقوم وحدة كاملة بين الدول الأربعة ووحدة اندماجية أو كونفيدرالية ويُوحَّد الصف والكلمة.
إذا أردت العمل على مضاعفة الدخل القومى لمصر لا بد من الاستعانة بخبراء التسويق أولا؛ حيث إن المعونة الاقتصادية الأمريكية للعالم 50 مليارا، وأموال التسليح العربى إلى أمريكا تجاوزت 100 مليار، كما لا نستطيع وضع رؤية اقتصادية لمصر بدون متابعة الخريطة الزمنية وتغير الأرقام مع الزمن؛ فالسعودية على سبيل المثال كان الناتج المحلى لها عام 1971، 22 مليارا، وفى 1975 كان 165 مليارا؛ أى سبعة أضعاف؛ فما سبب هذه القفزة الاقتصادية؟
يرجع السبب الرئيسى إلى حرب 73 التى أحدثت طفرة اقتصادية فى دول الخليج التى دفع ثمنها الشعب المصرى، لكنهم أهملوا حقوق المصريين بسبب توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل.
لا بد للمعارضة أن تتسم بالحكمة وأن تكون مرنة بحيث نستطيع أن نضع أقدامنا على أول طريق النهوض.