العيد في الإسلام معناه وحقيقته
شرع الله للمسلمين عيدين اثنين في الإسلام لا ثالث لهما ، فشرع كل عيد بعد عبادة عظيمة وركن من أركان الإسلام . أحدهما : عيد الفطر ، والآخر : عيد الأضحى .أما عيد الفطر ؛ فقد شرع في أول يوم من شهر شوال بعد الفراغ من عبادة الصيام والقيام وغيرهما من أنواع القربات ، التي يتقرب بها العباد إلى الله في شهر رمضان المبارك . أوجب الله تعالى صيام هذا الشهر المبارك وجعله ركنًا من أركان دين الإسلام ، ورتب عليه أجرًا لم يرتبه على عبادة سواها . إذ يقول الرسول - عليه الصلاة والسلام - فيما يرويه عن ربه : ( قال الله - عز وجل - : كل عمل ابن آدم له إلا الصوم ، فإنه لي وأنا أجزي به ) ، وفي رواية البخاري : ( يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) . فيا لها من إضافة ما ألطفها وما أعظم شأنها : ( إلا الصوم فإنه لي ) . إضافة تدل على إكرام الله لعبده الصائم وتشريفه إياه . إذ يضيف الرب تعالى عمل عبده إلى نفسه - عز وجل - ، ويخبر : أن الصوم له وأنه سوف يجزي عليه عبده جزاء لا يقدر قدره إلا الله - سبحانه - تفضلاً وإحسانًا . إنه جواد كريم .وقد صح عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : ( من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، كما صح عنه قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) . هكذا شرع الله لنا الصيام ورتب عليه ذلك الجزاء - جزاء الصابرين - : ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ . [ الزمر : 10 ] . كما شرع فيه قيام لياليه ؛ وهو سنة مؤكدة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .وفي ختام هذه النعمة العظيمة التي امتن الله على عباده : شرع لهم عيد الفطر . يفطرون فيه بعد أن كانوا صائمين ، ويتمتعون فيه بطيبات أحلها الله لهم ، ويخرجون إلى المصلى بأجمل ما لديهم من اللباس ، مكبرين الله تعالى ومهللين وحامدين شاكرين - هكذا - حتى يصلوا ركعتي العيد .فعيد الفطر إذًا : شكر لله تعالى على تلك النعمة الجسيمة - التي سبق أن وصفناها آنفا - هكذا يتم العيد ثم ينصرفون من المصلى بعد أن استمعوا إلى الخطبة التي تلقى بهذه المناسبة العظيمة . ينصرفون وقد غمرهم الفرح بنعمة الله تعالى . وفقهم إلى الصيام فصاموا ؛ فيسر لهم القيام فقاموا ؛ ثم أدوا صلاة العيد شكرا لله على هذا التوفيق والتيسير .نعم ينصرفون من مصلى العيد يهنئ بعضهم بعضًا بالعيد السعيد - هكذا ينتهي العيد - ليتبعوا صوم رمضان بست من شوال تطوعًا لعل الله يجبر بصوم الست من شوال ما قد يحصل من النقص والخلل في صيام رمضان ، بل ليكون الصائم بذلك كصائم الدهر . إذ يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من صام رمضان واتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر ) . ولئلا تتمادى به فرحة العيد إلى حد الإسراف والترف .هذا هو عيد الفطر ، وهذا معناه وحقيقته والله وأعلم .وأما عيد الأضحى ؛ فقد شرعه الله لنا بعد عبادة - هي بحق جهاد لا قتال فيه - ، وهي عبادة حج بيت الله الحرام ، وقد صح هذا المعنى عن النبي -