|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
سلسبيل عضو مجتهد
عدد الرسائل : 364 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6101 ترشيحات : 1
| موضوع: رد: تفسير سورة مريم 9/12/2008, 17:23 | |
| تنزيل الوحي يكون بأمر الله عز وجل
{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا(64) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا(65)}
{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} هذا من كلام جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين احتبس عنه فترةً من الزمن والمعنى: ما نتنزّل إلى الدنيا إلا بأمر الله وإذنه {لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} أي لله جل وعلا جميع الأمر، أمر الدنيا والآخرة، وهو المحيط بكل شيء لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة، فكيف نقدم على فعل شيء إلا بأمره وإِذنه؟ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} أي لا ينسى شيئاً من أعمال العباد {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ} أي هو ربُّ العوالم علويها وسفليها فاعبده وحده {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} أي اصبر على تكاليف العبادة {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} أي هل تعلم له شبيهاً ونظيراً؟
من شبه المشركين إنكار البعث
{وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا(66)أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا(67)فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا(68)ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَانِ عِتِيًّا(69)ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا(70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا(71)ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا(72)}
المنـَاسَبــَة:
لما ذكر تعالى طائفةً من قصص الأنبياء للعظة والاعتبار، وكان الغرضُ الأساسي للسورة الكريمة إثبات قدرة الله على الإِحياء والإِفناء، وإثباتُ يوم المعاد، ذكر تعالى هنا بعض شبهات المكذبين للبعث والنشور وردَّ عليها بالحجج القاطعة، والبراهين الساطعة، وختم السورة الكريمة ببيان مآل السعداء والأشقياء.
سَبَبُ النّزول:
عن خباب بن الأرت قال: كنتُ رجلاً قيناً -أي حداداً- وكان لي على العاص بن وائل دينٌ فأتيتُه أتقاضاه، فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث -أي تموت الآن وتبعث أمامي وهذا من باب المستحيل، قال: فإني إذا متُّ ثم بُعثتُ جئتني ولي ثمَّ مالٌ فأعطيتك، فأنزل الله {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأُوتينَّ مالاً وولداً} .
{وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} أي يقول الكافر الذي لا يصدق بالبعث بعد الموت على وجه الإِنكار والاستبعاد: أئذا متُّ وأصبحت تراباً ورفاتاً فسوف أُخرج من القبر حياً؟ قال ابن كثير: يتعجب ويستبعد إعادته بعد موته، واللام "لسوف" للمبالغة في الإنكار، وهو إنكار منشؤه غفلة الإنسان عن نشأته الأولى، أين كان؟ وكيف كان؟ ولو تذكّر لعلم أن الأمر أيسر مما يتصور {أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا} أي أولاَ يتذكر هذا المكذّب الجاحد أول خلقه فيستدل بالبداءة على الإِعادة؟ ويعلم أن الله الذي خلقه من العدم قادرٌ على أن يعيده بعد الفناء وتشتت الأجزاء؟ قال بعضُ العلماء: لو اجتمع كل الخلائق على إيراد حجةٍ في البعث على هذا الاختصار لما قدروا عليها، إذْ لا شكَّ أنَّ الإِعادة ثانياً أهونُ من الإِيجاد أولاً، ونظيره قوله {قل يُحييها الذي أنشأها أول مرة} {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ} أي فوربك يا محمد لنحشرنَّ هؤلاء المكذبين بالبعث مع الشياطين الذين أغروهم، قال المفسرون: يُحشر كل كافر مع شيطان في سلسلة {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} أي نحضر هؤلاء المجرمين حول جهنم قعوداً على الركب من شدة الهول والفزع، لا يطيقون القيام على أرجلهم لما يدهمهم من شدة الأمر {ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ} أي لنأخذنَّ ولننتزعنَّ من كل فرقةٍ وجماعة ارتبطت بمذهب {أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَانِ عِتِيًّا} أي من منهم أعصى لله وأشد تمرداً، والمراد أنه يؤخذ من هؤلاء المجرمين ليقذف في جهنم الأعتى فالأعتى، قال ابن مسعود: يُبدأ بالأكابر جرماً {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا} أي نحن أعلم بمن هم أحق بدخول النار، والاصطلاء بحرها، وبمن يستحق تضعيف العذاب فنبدأ بهم {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} أي ما منكم أحدٌ من برٍ أو فاجر ألاّ وسيرد على النار، المؤمن للعبور والكافر للقرار {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} أي كان ذلك الورود قضاءً لازماً لا يمكن خُلفه {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} أي ننجّي من جهنم المتقين بعد مرور الجميع عليها {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} أي ونترك الظالمين في جهنم قعوداً على الركب، قال البيضاوي: والآية دليلٌ على أن المراد بالورود الجثوُّ حواليها، وأن المؤمنين يفارقون الفجرة إلى الجنة بعد نجاتهم، ويبقى الفجرة فيها على هيئاتهم |
|
| |
سلسبيل عضو مجتهد
عدد الرسائل : 364 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6101 ترشيحات : 1
| موضوع: رد: تفسير سورة مريم 9/12/2008, 17:24 | |
| تنزيل الوحي يكون بأمر الله عز وجل
{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا(64) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا(65)}
{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} هذا من كلام جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين احتبس عنه فترةً من الزمن والمعنى: ما نتنزّل إلى الدنيا إلا بأمر الله وإذنه {لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} أي لله جل وعلا جميع الأمر، أمر الدنيا والآخرة، وهو المحيط بكل شيء لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة، فكيف نقدم على فعل شيء إلا بأمره وإِذنه؟ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} أي لا ينسى شيئاً من أعمال العباد {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ} أي هو ربُّ العوالم علويها وسفليها فاعبده وحده {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} أي اصبر على تكاليف العبادة {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} أي هل تعلم له شبيهاً ونظيراً؟
من شبه المشركين إنكار البعث
{وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا(66)أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا(67)فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا(68)ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَانِ عِتِيًّا(69)ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا(70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا(71)ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا(72)}
المنـَاسَبــَة:
لما ذكر تعالى طائفةً من قصص الأنبياء للعظة والاعتبار، وكان الغرضُ الأساسي للسورة الكريمة إثبات قدرة الله على الإِحياء والإِفناء، وإثباتُ يوم المعاد، ذكر تعالى هنا بعض شبهات المكذبين للبعث والنشور وردَّ عليها بالحجج القاطعة، والبراهين الساطعة، وختم السورة الكريمة ببيان مآل السعداء والأشقياء.
سَبَبُ النّزول:
عن خباب بن الأرت قال: كنتُ رجلاً قيناً -أي حداداً- وكان لي على العاص بن وائل دينٌ فأتيتُه أتقاضاه، فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث -أي تموت الآن وتبعث أمامي وهذا من باب المستحيل، قال: فإني إذا متُّ ثم بُعثتُ جئتني ولي ثمَّ مالٌ فأعطيتك، فأنزل الله {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأُوتينَّ مالاً وولداً} .
{وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} أي يقول الكافر الذي لا يصدق بالبعث بعد الموت على وجه الإِنكار والاستبعاد: أئذا متُّ وأصبحت تراباً ورفاتاً فسوف أُخرج من القبر حياً؟ قال ابن كثير: يتعجب ويستبعد إعادته بعد موته، واللام "لسوف" للمبالغة في الإنكار، وهو إنكار منشؤه غفلة الإنسان عن نشأته الأولى، أين كان؟ وكيف كان؟ ولو تذكّر لعلم أن الأمر أيسر مما يتصور {أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا} أي أولاَ يتذكر هذا المكذّب الجاحد أول خلقه فيستدل بالبداءة على الإِعادة؟ ويعلم أن الله الذي خلقه من العدم قادرٌ على أن يعيده بعد الفناء وتشتت الأجزاء؟ قال بعضُ العلماء: لو اجتمع كل الخلائق على إيراد حجةٍ في البعث على هذا الاختصار لما قدروا عليها، إذْ لا شكَّ أنَّ الإِعادة ثانياً أهونُ من الإِيجاد أولاً، ونظيره قوله {قل يُحييها الذي أنشأها أول مرة} {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ} أي فوربك يا محمد لنحشرنَّ هؤلاء المكذبين بالبعث مع الشياطين الذين أغروهم، قال المفسرون: يُحشر كل كافر مع شيطان في سلسلة {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} أي نحضر هؤلاء المجرمين حول جهنم قعوداً على الركب من شدة الهول والفزع، لا يطيقون القيام على أرجلهم لما يدهمهم من شدة الأمر {ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ} أي لنأخذنَّ ولننتزعنَّ من كل فرقةٍ وجماعة ارتبطت بمذهب {أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَانِ عِتِيًّا} أي من منهم أعصى لله وأشد تمرداً، والمراد أنه يؤخذ من هؤلاء المجرمين ليقذف في جهنم الأعتى فالأعتى، قال ابن مسعود: يُبدأ بالأكابر جرماً {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا} أي نحن أعلم بمن هم أحق بدخول النار، والاصطلاء بحرها، وبمن يستحق تضعيف العذاب فنبدأ بهم {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} أي ما منكم أحدٌ من برٍ أو فاجر ألاّ وسيرد على النار، المؤمن للعبور والكافر للقرار {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} أي كان ذلك الورود قضاءً لازماً لا يمكن خُلفه {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} أي ننجّي من جهنم المتقين بعد مرور الجميع عليها {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} أي ونترك الظالمين في جهنم قعوداً على الركب، قال البيضاوي: والآية دليلٌ على أن المراد بالورود الجثوُّ حواليها، وأن المؤمنين يفارقون الفجرة إلى الجنة بعد نجاتهم، ويبقى الفجرة فيها على هيئاتهم |
|
| |
سلسبيل عضو مجتهد
عدد الرسائل : 364 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6101 ترشيحات : 1
| موضوع: رد: تفسير سورة مريم 9/12/2008, 17:26 | |
| قصة العاص بن وائل وجحوده بآيات ربه
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا(77)أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا(78)كَلا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا(79)وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا(80)}.
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا} نزلت في العاص بن وائل، والاستفهام للتعجب أي تعجَّب يا محمد من قصة هذا الكافر الذي جحد بآيات الله وزعم أن الله سيعطيه في الآخرة المال والبنين {أطَّلَعَ الْغَيْبَ} أي هل اطَّلع على الغيب الذي تفرَّد به علاّم الغيوب؟ {أَمْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} أي أم أعطاه الله عهداً بذلك فهو يتكلم عن ثقةٍ ويقين؟ {كَلا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ} ردٌّ عليه، ولفظةُ "كلاَّ" للردع والزجر أي ليرتدع ذلك الفاجر عن تلك المقالة الشنيعة فسنكتب ما يقول عليه {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} أي سنزيد له في العذاب ونطيله عليه جزاء طغيانه واستهزائه، ونضاعف له مدد العذاب مكان الإِمداد بالمال والولد {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا} أي ونرثه ما يخلفه من المال والولد بعد إهلاكه، ويأتينا وحيداً لا مال معه ولا ولد، ولا نصير له ولا سند.
اتخاذ الكفار الأصنام آلهة ليعزوا بهم من دون الله
{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا(81)كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا(82) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا(83)فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا(84)يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا(85)وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا(86)لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا(87)}
{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} أي واتخذ المشركون أصناماً عبدوها من دون الله لينالوا بها العزَّ والشرف {كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} أي ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا فإِن الآلهة التي عبدوها ستبرأ من عبادتهم ويكونون لهم أعداء يوم القيامة {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} أي ألم تر يا محمد أنَّا سلَّطنا الشياطين على الكافرين تُغريهم إغراءً بالشر، وتهيّجُهم تهييجاً حتى يركبوا المعاصي قال الرازي: أي تغريهم على المعاصي وتحثُّهم وتهيّجهم لها بالوساوس والتسويلات {فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} أي لا تتعجل يا محمد في طلب هلاكهم فإِنه لم يبق له إلا أيام وأنفاس نعدُّها عليهم عدّاً ثم يصيرون إلى عذاب شديد قال ابن عباس: نعدُّ أنفاسهم في الدنيا كما نعدُّ عليهم سنيَّهم {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} أي يوم نحشر المتقين إلى ربهم معزَّزين مكرَّمين، راكبين على النوق كما يفد الوفود على الملوك منتظرين لكرامتهم وإِنعامهم {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} أي ونسوق المجرمين كما تُساق البهائم مشاةً عطاشاً كأنهم إبلٌ عطاش تُساق إلى الماء وفي الحديث (يُحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين، وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتُجُّر بقيتهم إلى النار، تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا) {لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ} أي لا يشفعون ولا يُشفع لهم {إِلا مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} الاستثناء منقطع أي لكنْ من تحلَّى بالإِيمان والعمل الصالح فإِنه يملك الشفاعة، قال ابن عباس: العهدُ "شهادة أن لا إله إلا الله".
|
|
| |
سلسبيل عضو مجتهد
عدد الرسائل : 364 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6101 ترشيحات : 1
| موضوع: رد: تفسير سورة مريم 9/12/2008, 17:29 | |
| محبة المؤمنين وإهلاك المعاندين
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدًّا(96)فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا(97)وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا(98)}
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدًّا} لما ذكر أحوال المجرمين ذكر أحوال المؤمنين والمعنى سيحدث لهم في قلوب عباده الصالحين محبةً ومودة، قال الربيع: يحبُّهم ويحببهم إلى الناس {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} أي فإِنما يسرنا يا محمد هذا القرآن بلسانك العربي تقرأه، وجعلناه سهلاً يسيراً لمن تدبره، لتبشّر به المؤمنين المتقين، وتخوّف به قوماً معاندين شديدي الخصومة والجدال {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ} أي كم من الأمم الماضية أهلكناهم بتكذيبهم الرسل، و"كم" للتكثير {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} أي هل ترى منهم أحداً؟ {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} أي أو تسمع لهم صوتاً خفياً؟ والمعنى أنهم بادوا وهلكوا وخلت منهم الديار، وأوحشت منهم المنازل، فكما أهلكنا أولئك نهلك هؤلاء.
|
|
| |
يسرى محمد جاد مراقب عام
العمر : 62 عدد الرسائل : 5625 بلد الإقامة : جمهورية مصر العربية احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10471 ترشيحات : 62 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: تفسير سورة مريم 10/12/2008, 03:30 | |
| الأخت الكريمة سلسبيل
نأسف بشدة للتأخر فى الرد على موضوعك القيم ونشهد بتعبك فيه وستثابين من المولى عز وجل
على هذا العمل خاصة وأنه بالمنتدى الإسلامى
و نأمل قبول العذر فكل منا عذره وربما صادفنا توقيت واحد وأنا شخصيا أعترف بتقصيرى فسامحينى
أما عن الموضوع فهو ممتاز حقا ونقل موفق بإذن الله
كل عام وحضرتك بخير وأهلا بك وبمواضيعك فى كل المنتدى وفى كل وقت
|
|
| |
رأفت الجندى المدير الإداري
العمر : 64 عدد الرسائل : 9511 بلد الإقامة : الفيوم احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 12997 ترشيحات : 29 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: تفسير سورة مريم 10/12/2008, 12:25 | |
| استاذتى الكريمة بارك الله فيك ورزقك بركة القرآن الكريم |
|
| |
صفاء الروح مراقب عام
عدد الرسائل : 3955 بلد الإقامة : أرض الإسلام احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 9574 ترشيحات : 102 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: تفسير سورة مريم 14/12/2008, 17:35 | |
| أختي الغالية سلسبيل
بارك الله فيكي و فيما نقلتي لنا
موضوع مميز و جدااا قيم اختي الغالية و مرجع لنا بالمنتدى
جعل الله القرآن الكريم ربيعا لقلبك و نورا لصدرك و جلاء لهمك و ذهابا لحزنك
و جعله لك شفيعا يوم القيامة
في انتظار قادمك
تقبلي كل الود و التقدير و الاحترام
|
|
| |
حورس مرشح
عدد الرسائل : 1604 بلد الإقامة : الكرة الأرضية احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 7934 ترشيحات : 18 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: تفسير سورة مريم 16/12/2008, 00:26 | |
| |
|
| |
سلسبيل عضو مجتهد
عدد الرسائل : 364 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6101 ترشيحات : 1
| موضوع: رد: تفسير سورة مريم 12/8/2016, 23:59 | |
| - يسرى محمد جاد كتب:
الأخت الكريمة سلسبيل
نأسف بشدة للتأخر فى الرد على موضوعك القيم ونشهد بتعبك فيه وستثابين من المولى عز وجل
على هذا العمل خاصة وأنه بالمنتدى الإسلامى
و نأمل قبول العذر فكل منا عذره وربما صادفنا توقيت واحد وأنا شخصيا أعترف بتقصيرى فسامحينى
أما عن الموضوع فهو ممتاز حقا ونقل موفق بإذن الله
كل عام وحضرتك بخير وأهلا بك وبمواضيعك فى كل المنتدى وفى كل وقت
تسلم استاذي |
|
| |
سلسبيل عضو مجتهد
عدد الرسائل : 364 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6101 ترشيحات : 1
| موضوع: رد: تفسير سورة مريم 13/8/2016, 00:00 | |
| - رأفت الجندى كتب:
- استاذتى الكريمة
بارك الله فيك ورزقك بركة القرآن الكريم
تسلم استاذي |
|
| |
|