من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس

من أدوات الكتابة العربية:
مهما، النون، نعم، نعم وبئس

٣٠ آذار (مارس) ٢٠١٠بقلم يوسف
الصيداوي

مَهْمَا

اسمُ شرط يجزم فعلين. ويقول المعربون: تُعْرَب مفعولاً به، إذا تلاها فعلٌ لم
يَستَوفِ مفعولَه، وإلاّ أُعربَت مبتدأً. ففي نحو: [مَهما تصنعْ أَصنعْ مثلَه] هي
مفعول به [1]، وفي نحو: [مهما تقرأْهُ يُفِدْكَ] و [مهما
تَتأَخَّرْ ننتظرْك] هي مبتدأ [2].
النون

تأتي النون على أربعة وجوه:
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

الأول: نون
التوكيد ثقيلةً وخفيفة، وقد اجتمعتا في قوله تعالى ]لَيُسجَنَنَّ ولَيَكونَنْ من
الصاغرين[. وتلحقان الأمر والمضارع، ولا تلحقان الماضي مطلقاً.
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

الثاني:
التنوين. وهو نون ساكنة، تُلفظ ولا تُكتب، نحو: [خالِدُن = خالِدٌ]. وإنما تُنوَّن
الأسماء، وأما الأفعال والحروف فلا. وقد يكون التنوين تعويضاً من حرف أو اسم أو
فعل.
فمثال التعويض من الحرف: [جوارٍ و عوادٍ] = [جواري - عوادي] [3].
ومثال التعويض من الاسم: ]تلك الرسُلُ فَضَّلْنا بعضَهم على بَعْضٍ[ = [بعضَهم
على بعضِهم]
ومثال التعويض من الجملة - ويكون ذلك بعد (إذْ) -: ]وأَنتم حينئذٍ تَنظُرون[ =
[وأنتم حين إذ (بلغت الروح الحلقوم) تنظرون].
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

الثالث: نون
النسوة. نحو: [الطالبات يدرسْنَ].
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

الرابع: نون
الوقاية: وتفصل بين ياء المتكلم وما ينصب هذه الياء، فعلاً كان أو حرفاً من الأحرف
المشبهة بالفعل [4] نحو: [أكرَمَني - يُكرمني - أكرِمْني، إنني - أنني
- لكنني إلخ…]
ويَفصل أيضاً بين الياء وحرفَي الجرّ [مِنْ و عنْ] فيقال: [منّي - عنّي]،
وبين [لَدُنْ] والمضاف إليه بعدها، نحو: [لدنّي].
نَعَمْ

حرف جواب، يفيد الإثبات في الجواب عن السؤال المثبَت، والنفيَ في الجواب عن
السؤال المنفي.
ففي جواب: [أسافر خالد؟]، إن قيل: [نعم]، فالمعنى: نعم سافر.
وفي جواب: [أما سافر خالد؟]، إنْ قيل: [نعم]، فالمعنى: نعم ما سافر.
فائدة: لا يكاد كتاب في النحو يخلو - عند البحث في [بلى] و [نعم] من إيراد
المسألة التالية:
قال تعالى: ]ألست بربكم قالوا بَلَى[ (الأعراف 7/172). فقال ابن عباس معلّقاً،
لو قالوا: [نَعَم] لكفروا.
ووجه ذلك أنّ [نَعَم] - كما ذكرنا آنفاً - لا تُغَيِّر من النفي والإثبات شيئاً؛
فلو أجابوا قائلين: [نَعَم]، لكان تأويل ذلك: [نعم لست ربّنا]، ولكان ذلك
كفراً.

نِعْمَ وبِئْسَ

[نِعْمَ و بِئْسَ]: كلمتان جامدتان (لا تتصرّفان). الأولى للمدح نحو: [نِعْمَ
الرجلُ زهيرٌ] والثانية للذمّ نحو: [بئس الرجلُ خالدٌ]. ويسمي النحاة كلمة [زهيرٌ]
اصطلاحاً: [المخصوص بالمدح]، وكلمة [خالدٌ] المخصوص بالذم(1).
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

تراكيبهما:
آ- أن يكون بعدهما اسم:
فإن كان محلّى بـ [ألـ]، (أو مضافاً إلى محلّى بها) فهو مرفوع أبداً، نحو: [نِعم
الرجلُ زهيرٌ]، (أو نعم صديق الرجل زهيرٌ)].
وإن كان نكرة [غير محلّى بها] فهو منصوب أبداً، نحو: [نِعم رجلاً زهيرٌ].
ب- أن يكون بعدهما [ما]، وذلك ثلاث حالات:
الأولى: ألاّ يكون شيءٌ بعد [ما]، نحو: [غسلت الثوب غسلاً نِعِمّا] (‎أي: نِعْمَ
الغسل؛ إذا مدحتَ غسلَه).
الثانية: أن يكون بعد [ما] مفرد(2) نحو: [نِعمّا هو] (أي: نِعْمَ ما هو).
الثالثة: أن يكون بعد [ما] فعلٌ نحو: [نعمّا تفعل] (أي: نِعْمَ ما تفعل).
تنبيه:
قد تلحقهما تاء التأنيث، ومنه الحديث:[مَن توضّأ يوم الجمعة فبِها ونعمَتْ].
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

المخصوص بالمدح
أو الذمّ:
قد يتقدّم الاسمُ المخصوص بالمدح أو الذمّ نحو: [زهيرٌ نعم الرجلُ + خالدٌ بئس
الرجلُ]، وقد يُحذف إنْ دلّ عليه دليل، نحو: ]نعم العبد[ (أي: نعم العبدُ
أَيّوب).

نماذج فصيحة من استعمال [نِعم
وبئس]
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

قالت ليلى
الأخيلية تذكر تَوبَة:
ونِعْمَ الفتى يا تَوبُ كنتَ لخائفٍ أتاكَ لكي يُحمَى، ونِعْمَ المُنازِلُ
[نِعمَ المنازلُ]: الاسم بعد [نِعم] محلّى بـ [ألـ] مرفوع، على المنهاج. ومثل
ذلك طِبقاً، قولها في أول البيت: [نعم الفتى]، غير أن الضمة لم تظهر على آخر
[الفتى] لأنه اسم مقصور.
ثم إنّ في البيت مسألة أخرى هي أنّ الأصل في مدح الشاعرة لتوبة هو: [نعم الفتى
أنت، ونعم المُنازِلُ أنتَ]، لكنها حذفت المخصوص بالمدح وهو [أنت]، لدلالة السياق
عليه.
- [نِعم الثوابُ وحسُنَتْ مُرتفَقاً] [5]
[نِعم الثوابُ]: الاسم بعد [نعم] محلّى بـ [ألـ] مرفوع حُكماً، على المنهاج. ثمّ
إنّ الأصل: [نعم الثواب الجنة]، لكن حُذف المخصوص بالمدح وهو [الجنة]، لوجود ما
يدلّ عليه في سياق الآية.
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

قال الشاعر [6]
لَنِعْمَ موئلاً المولى إذا حُذِرَتْ بَأْساءُ ذي البغيِ واستيلاءُ ذي
الإحَنِ
(الإحَن: جمعٌ مفرده إحْنَة، وهي الحقد).
[لنعم موئلاً]: الاسم (موئلاً) بعد [نِعم] متجردٌ من [ألـ] (نكرة) وما كان كذلك
فحقّه النصب، جرياً مع القاعدة.
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

[إنّ اللهَ
نِعِمَّا يعظكم به] [7]
[نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه]: في الآية إدغام الميم في الميم [نعمّا = نِعْمَ ما]،
ومجيءُ الفعل بعد [ما] هو أحد تراكيب نعم وبئس. ومثله قوله تعالى ]بئس ما اشتروا به
أنفسَهم] [8]
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

[إنْ تُبْدُوا
الصدقاتِ فنِعِمّا هي] [9]
[نعمّا هي]: إدغام الميم في الميم هاهنا، مطابق لنظيره في الآية السابقة، [نعمّا
= نِعْمَ ما]. ومن تراكيب [نِعْمَ] مجيءُ اسم مفردٍ بعدها، سواء أكان ضميراً - كما
في الآية - أم غير ضمير. نحو: [بئسما تزويجٌ ولا مَهْر].
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

قال ابن
المعتزّ:
غرائب أخلاقٍ حباني بحفظها زماني، وصرفُ الدهرِ نِعمَ المؤدبُ
الأصل أن يأتي الشاعر بالمخصوص بالمدح بعد نِعم والاسمِ المرفوع بعدها، فيقول:
[نعم المؤدِّبُ صروفُ الدهر]، لكنه اختار أن يقدّم المخصوص بالمدح، وهو [صرف
الدهر]، وكلاهما جائز.
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

قال زهير بن أبي
سلمى [10]:
ولَنِعْمَ حَشْوُ الدِّرْعِ أنتَ إذا دُعِيَتْ نَزَالِ، ولُجَّ في الذعْرِ
الضمير [أنت] هو المخصوص بالمدح. والأصل أن يقول الشاعر: [نعم الحشوُ أنت]،
فيكون بعد [نعم] اسم مرفوع لأنه محلّى بـ [ألـ]، لكن لما كانت كلمة [حشو] مضافاً،
وكان الاسم لا تجتمع عليه الإضافة والتحلية بـ [ألـ]، انزلقت [ألـ] إلى المضاف إليه
حكماً.
هذا، على أنّ الإضافات قد تتعدّد، فتُزحلَق [ألـ] إلى آخر مضاف إليه، ومن ذلك
قول أبي طالب [11]
فنِعْمَ ابنُ أختِ القومِ غيرَ مُكَذَّبٍ زهيرٌ، حساماً مفرداً مِن
حَمَائِلِ
فقد أُضيفت كلمة [ابن] إلى [أُخت]، ثم أُضيفت كلمة أُخت إلى [القوم]، فكان أنْ
زُحلِقت [ألـ] إلى المضاف إليه الأخير. ومَن أراد، ظلّ يزحلقها ما استقام له
الكلام، فكان يقول مثلاً: فنعم ابنُ أختِ سيّدِ أمراءِ القوم !!
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

[بئس
الشرابُ] [12]
حُذِف المخصوص بالذمّ، أي: الماء الذي يُسقَونه.
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

[نعم دارُ
المتقين] [13]
حُذف المخصوص بالمدح، أي: الجنة. وزُحلِقت [ألـ] إلى المضاف إليه.
من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Puce_rtl-58b6b

نعم العبدُ [14]
حُذف المخصوص بالمدح، أي: نِعْمَ العبدُ أيوب.

حواشي

[1]
[تصنعْ]: فعلٌ متعدٍّ لم ينصب مفعولاً به، ومن ثَمّ تكون [مهما] هي مفعولَه.

[2]
[تقرأْ] فعل يطلب مفعولاً به، وقد استوفاه إذ نصب هاء الضمير، وأما فعلُ [تتأخّرْ]
ففعلٌ لازمٌ لا ينصب مفعولاً به أصلاً، ومن ثَمّ تكون [مهما] مبتدأً في
المثالين.

[3] لا
التفات إلى أنّ ياء الاسم المنقوص من حقّها الحذف هنا، فالمقام مقام تبيين وإيضاح،
لا مقام فصاحة وإعراب !!

[4]
للتذكير بالأحرف المشبهة بالفعل نقول: هي: (إنَّ - أنَّ – كأنَّ – لكنَّ – ليت –
لعلّ)، وأما (لا) النافية للجنس فلا تنصب ياء المتكلم أصلاً.

[5]
(الكهف 18/31)

[6]
(شرح ابن عقيل 2/162):

[7]
(النساء 4/58)

[8]
(البقرة 2/90)

[9]
(البقرة 2/271)

[10] (الديوان /89)

[11] (الديوان /36):

[12] (الكهف 18/29)

[13] (النحل 16/30)

[14] (ص 38/44)

جزاك الله خيرا ياأستاذ الوتر الحزين

جزاكم الله خيراً

شكرا لك وبارك الله فيك وجزاك الخير

من أدوات الكتابة العربية: مهما، النون، نعم، نعم وبئس Do

» من أدوات الكتابة العربية (لا)
» من أدوات الكتابة العربية: مع، مَن، من
» من أدوات الكتابة العربية: الهاء، ها، هل
» من أدوات الكتابة العربية: ليس، ما، متى، مذ ومنذ
» من أدوات الكتابة العربية: هلاّ، الهمزة، هو، واو، وا، يا