الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبير عبد القوى الأعلامى
نائب المدير الفني
نائب المدير الفني
عبير عبد القوى الأعلامى

انثى
عدد الرسائل : 9451
العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية 111010
العمل : العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية Unknow10
الحالة : العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية Mzboot11
نقاط : 17692
ترشيحات : 33
الأوســــــــــمة : العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية 13156210

العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية Empty
مُساهمةموضوع: العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية   العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية I_icon_minitime1/3/2010, 08:37

العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية


دراسة موشحة أبي بكر الداني


تحديد المكان بدقة يعطي القصة إيهاماً بالواقع
إشارة
تقوم موشحة الوزير أبي بكر الداني، أحد شعراء بني عباد الأندلسيين في القرن الخامس الهجري، على حكاية قصة عاطفية رويت نظماً. وسنحاول التعرف على القصة وسماتها وعناصرها بغض النظر عن كون النص منظوماً أو منثوراً، وإنما سيفيد ذلك في وصف طبيعة القصة عندما ترد في القصيدة، لا سيما وأن كثيراً من الشعراء منذ العصر الجاهلي قد اتخذوا الشعر وسيلة لرواية القصص. والمهم هنا التصرف على أسلوب تقديم القصة، أي كيفية بناء الحدث من جهة، وعلى سمات القصة من حيث عناصرها كالشخصية والزمن والمكان والراوي والوصف والحوار من جهة أخرى.
مكونات النص
تتكون الموشحة من ستة وعشرين بيتاً عمودياً -حسب نام القصيدة القديمة- موزعة على تسعة مقاطع مختلفة الطول حيث تحوي أربعة مقاطع، وهي التي تسمى "دوراً" وعلى أربعة أبيات. في حين تحوي خمسة مقاطع أخرى على بيتين وهي المسماة "قفلاً"، تبعاً لنظام توزيع الموشحة ما بين دور وقفل. وسنحاول التعرف على مضمون كل مقطع وعلى علاقته بالمقاطع الأخرى، ثم مدى أهمية ترتيب المقاطع على البحر الذي وردت فيه إمكانية إعادة ترتيبها، مع ملاحظة أثر ذلك على القصة.
والنص هو:
في نرجس الأحداق * * * وسوسن الأجياد
نبت الهوى مغروس * * * بين القنا الميّاد
وفي نقا الكافور * * * والمندل الرطب
والهودج المزور * * * بالوشي والعصب
قضب من البلور * * * حمين بالقضب
نادى بها المهجور * * * من شدة الحب
أذابت الأشواق * * * روحي على الأجساد
أعارها الطاووس * * * من ريشها أبراد
كواعب أتراب * * * تشابهت قدّا
عضّت على العنّاب * * * بالبرد الأندى
أوصت بي الأوصاب * * * وأغرت الوجدا
وأكثر الأحباب * * * أعدى من الأعدا
تفترُّ عن أعلاق * * * لآلئ أفراد
فيه اللمى محروس * * * بألسن الأغماد
من جوهر الذكرى * * * أعطى نحور الحور
وقلّد الدّرا * * * سلالة المصور
جاور به البحرا * * * واخرق حجاب النور
وقل له شعرا * * * بفضلك المشهور
جمعت في الآفاق * * * تنافر الأضداد
فأنت ليث الخيس * * * وأنت بدر الناد
خرجت محتالا * * * أبغي سنا الرزق
أقطع أميالا * * * غرباً إلى شرق
مؤملاً حالا * * * يكون من وفقي
فقال من قالا * * * وفاه بالصدق
دع قطعك الآفاق * * * يا أيها المرتاد
واقصد إلى باديس * * * خير بني عبّاد
يلاحظ أن النص من مجزوء بحر الرجز حيث يتكون الشطر من تفعيلتين (مُسْتَفْعلنْ مستفعلن)، مع اختلاف حروف الروي في القافية، ورغم تكرر قافية الدال بعد كل أربعة أبيات (الدور) إلا أن حرف الدال الساكن لم يحمل إيقاعاً موسيقياً مختلفاً عن إيقاع القوافي المتحركة أو الساكنة الأخرى، وإن كان يقصد به إزالة الرتابة عن أذن المتلقي. كما يلاحظ كثرة مفردات الطبيعة الحسية سواء الحية كالنرجس والسوسن والكافور والغصن، أم الموجودات الجامدة كالسيف والبلور والهودج والرمح والبرد والدرر.. الخ. ويستعين النص بعناصر خارجية لها دلالة وجدانية كالبحر.
عناصر القصة في الموشحة
سنحاول التعرف على عناصر القصة من حدث وشخصية ومحيط زماني ومكاني، إضافة إلى صوت الراوي الذي قدم هذه القصة، وكذلك على عنصري الحوار والوصف باعتبارهما من أساليب صياغة القصة.
1-الشخصية
تقوم هذه القصة على شخصية محورية هي ضمير المتكلم الذي تروى القصة من خلاله؛ إذ تمثل شخصية رجل عاشق يسرد معاناته، كما توجد شخصيات أخرى مثل شخصية المحبوبة وهي شخصية رئيسة، وكذلك شخصيات ثانوية مساعدة مثل صاحبات محبوبته، والحاكم من بني عبّاد، والرجل الذي دعاه إلى الحاكم.
وترد سمات شخصية العاشق النفسية دون سماته بسبب أنه هو الذي يروي عن نفسه بواسطة تيار الوعي(2)، فتتكشف سماته النفسية والعقلية، في حين ترد سمات المحبوبة المظهرية دون النفسية نظراً لان الراوي يقدم ما يعلمه فقط عنها من أوصافها الجسدية، ولا يعلم عن نفسيتها شيئاً سوى عن طريق الحدس والتخمين.
ويلاحظ أن العاشق مضطرب نفسياً لدرجة أفقدته السيطرة على ذاته وعلى لغته فصار ينادي بصوت يرجح أنه عال، لكنه لا ينادي أحداً محدداً وكأنه بذلك ينفث حرقة في صدره ويلقي بها في الهواء:
نادى بها المهجور * * * من شدة الحب
وهذا يكشف عن الرواسب السابقة لهذا السلوك مع مرور الزمن بعد أن فقد الأسباب الموصلة إليها وانقطعت السبل لعودتها، وكأنه بهذا السلوك يعلن فشله النهائي من القيام بأي سلوك آخر سوى هذا النداء المفرّغ من معناه، وهو عجز عقلي بين التشاؤم والضياع الروحي الذي تعيشه الشخصية هذه اللحظة، مما يفسر خلوة الآن من الأشواق التي هاجرت مع محبوبته وطارت روحه في إثرها وبقي هو ريشة في مهب الريح خالياً من أي إرادة تماماً كالريشة الخفيفة التي تتقاذفها الأعاصير:
أذابت الأشواق * * * روحي على الأجساد
أعارها الطاووس * * * من ريشها أبراد
ون هنا فإن مظهره قد يكون كالطاووس الذي يكون جماله مقصوراً على شكله، فربما يبدو متماسكاً يخبئ أحزانه في داخله، أي أن مظهره الثابت خلاف لباطنه المتضعضع.
كما تتسم شخصية العاشق بالمرض العضوي والنفسي الذي لا برء منه:
أوصت بي الأوصاب * * * وأغرت الوجدا
وإقرار هذه الشخصية بالمرض يشير إلى رغبة مكبوتة للعلاج، أي إرادة الخلاص من الداء، وهذه سمة إيجابية نحو الأمل -خلاف ما سبق- ويعتبر الاعتراف بالمرض جزءاً من العلاج(3)، والبحث عن العلاج هو إيمان بالمستقبل وثقة بان الظروف ربما تتغير فيلقى محبوبته، وكون الشخصية تعيش تحت تأثير هذا الوعي المستقبلي فذلك بعني أنها تتطور وليست راكدة كما يبدو لنا من سماتها الأولى. ولهذا نجد الشخصية تعيش حلماً مستقبلياً تجسد فيه آمالها الإيجابية وأحلامها المثالية التي تتمنى تحقيقها، فتحلم الشخصية بأنها صارت ثرية تملك الدرر وتقلدها لكل الحور اللاتي يشبهن المحبوبة، وهي حياة سعادة يجعل الشخصية لا تفكر في شيء، تحب كل الناس وتكرم لأجل عين واحدة ملايين العيون، وتفخر على البحر إذ تحوي أعظم منه، كما تتكبر على النور وتتحداه جمال المحبوبة وتقول الشعر وسط تلك البهجة الطويلة:
من جوهر الذكرى * * * أعطى نحور الحور
وقلّد الدرّا * * * سلالة المنصور
جاور به البحرا * * * واخرق حجاب النور
وقل له شعرا * * * بفضلك المشهور
وهو حلم يسعى بواسطة الشخصية للهروب من الواقع الآني الذي تعيشه، وقد سبق بيان هذا الواقع البائس. وسيكون لهذا الحلم دلالة التعويض عن الواقع بالمثال مما يحفز النفس على العيش وانتظار الغد، كما قد يكون له دلالة القمع والقهر حيث تصطدم الرغبات والأحلام بالواقع فيستسلم لهذه الحالة ويستكين لسيطرتها ويقف في مكانه. لكن الدلالة الأولى هي الأرجح إذا اتخذت الشخصية من هذا الحلم محطة للتزود من وقود الأمل والثقة بالمستقبل، فراح يبحث عن حل، وخرج من أسره راغباً في العلاج:
خرجت محتالا * * * أبغي سنا الرزق
لكن الاضطراب والفزع الذي يمكن أن يكون سببه الخوف من أمله قد سيطر عليه حتى بلغ الذروة التي تنبئ بحصول نهاية عاجلة:
أقطع أميالا * * * غرباً إلى شرق
مؤمّلاً حالا * * * يكون من وفقي
يلاحظ مما سبق أن شخصية العاشق معقدة إذ تعتمد في تجربتها على لحظة واحدة تتحرك في نطاقها بين الماضي (الذكريات التي يرى فيها محبوبته) والمستقبل (الأحلام التي يحقق فيها رغباته المكبوتة) وهذه من خصائص القصص النفسية، ولا نستطيع التنبؤ بما ستفعله الشخصية انطلاقاً من معرفتنا لسماتها، فقد كانت سماتها متناقضة، إذ تستسلم في البداية للظلام الدامس وتموت آمالها نهائياً لفراق المحبوبة وما تلبث أن تعود للتذكر والأحلام والبحث عن العلاج والخروج عن العزلة والاختلاط بالناس وطلب الرزق، لكنها لا تزال تحت تأثير الضياع النفسي. ومن هنا يتساوى لدينا التوقع أن تعثر الشخصية على حل إيجابي تتحقق فيه أحلامها بالالتقاء بالمحبوبة وأن تقع في حل سلبي تنتهي به حياتها. ولعل اضطراب الشخصية وعدم استقرارها يكشف عن كونها شخصية متحركة (دينامية) ذات مغامرات حتى مع عقلها ونفسها، وتدعو حركة الصراع والتموج النفسي المتتابع إلى الانهيار، وهذا يمثل مرحلة الهيام وهي مرحلة متقدمة في سلم الحب (كما في نظرية الحب)، إذ تختل موازين الانضباط والسيطرة على الذات ويهيم العاشق على وجهه دون هدي أو وعي غافلاً عن العالم المادي، يستدعي صوراً مبعثرة ولا يستقر على حالٍ.
أما شخصية المحبوبة فقد ذكر الراوي سماتها المظهرية، فهي ذات عينين نرجسيتين أي ذابلتين ناعمتين مطرقتين إلى أسفل، ولها عنق طويل لين له رائحة جميلة كالسوسن:
في نرجس الأحداق * * * وسوسن الأجياد
إضافة إلى أن كل شيء تمسه يصبح عطرياً مترطباً بالكافور النابع منها:
وفي نقا الكافور * * * والمندل الرطب
كما أن جمالها يضئ في كل اتجاه إذ يشع منه النور كالبلور:
قضب من البلور * * * حمين بالقضب
وهي فتاة ناضجة في مقتبل عمرها:
عضّت على العتاب * * * بالبرد الأندى
ويظهر جمالها من خلال أسنانها التي شبه البرد في بياضها تتخللها فرجة بين الثنايا –وهي رمز للجمال في ذلك العصر- إذ تتعلق الأسنان كاللؤلؤ الفردي:
تفترّ عن أعلاق * * * لآلئ أفراد
كما يبرز جمال فمها بشفتيها الحمراوين التي تزينت فيها الشفة السفلى باللمة الداكنة في منصفها:
فيه اللمى محروس * * * بالسن الأغماد
ويمكن التعرف على سمات المحبوبة النفسية والعقلية "شخصيتها" ضمناً من خلال مظهرها، فعيناها النرجسيتان ترمزان لانشغالها بذاتها عن الآخرين، أي أنها امرأة متمنعة لا تسمح لأحد باختراق حدودها والورود عليها، كما أنها لا تطلب أمراً ولا تحتاج من أحد شيئاً فقد اكتفت بنفسها عن الغير، ومن هنا فإن عينيها تمثلان موئلاً تحط إليه الأبصار وتطلبه القلوب وتنتهي به دون الظفر بشيء، والعين النرجسية هي التي تقطع الاتصال بالغير وإن كانت لا تقيم أي اتصال مطلقاً إلا مع ذاتها، ولهذا سيكون التعامل معها من طرف واحد، وهذه سمة نفسية تدل على انعدام الحوار وغلبة الصمت المطبق وهذا يستدعي سلوكين مختلفين لهما الدرجة نفسها: إما اليأس من العلاقة بسبب عدم الاتصال، أو الطمع في العلاقة بسبب عدم الرفض، فالصمت الذي تمارسه العينان يجلب الاحتمالين المتضادين ولا يرجح أياً منهما، ومن هنا نستطيع القول بأن محبوبته وحدها تملك سعادته وشقاءه معاً دون أن تحسم العلاقة لأي منهما وهذا ما يجلب له العذاب والحيرة التي سبق بيانها. وعندما "عضت على العناب" أي على شفتها السفلى لما رأته فقد تنازلت عن عرشها وخاطبته بهذا السلوك الذي جعله يفسر هذا الفعل ويؤوله كما يشاء –وهذه من سمات الشخصية القلقة التي دمرها الوسواس نتيجة لتفاقم المرض- ويمكن تفسير هذا التصرف بأنه دعوة منها إليه أو أنه ندم، على معرفته أو ه... كل ذلك محتمل، ولا يمكن الجزم بأي من تلك التأويلات التي تستدعيها ذاكرة العاشق حيث يربطها بحياته وذكرياته، في حين أنها قد لا تعني لغيره أي شيء ولا تدل على معنى نفسي وربما يكون عض الشفة سلوكاً طبيعياً لا يرتبط بحالة عقلية أو نفسية، لا يرتبط بحالة عقلية أو نفسية، وإنما هو –أي العاشق- الذي بنى هذه المعاني وصدقها.
كما نلاحظ الربط بين السيوف وبن المحبوبة سواء عندما سافرت على الهودج:
قضب من البلور * * * حمين بالقضب
أم عندما تبتسم فتظهر أسنانها من بين شفتيها:
فيه اللمى محروس * * * بالسن الأغماد
وهو ربط بين الموت وبين الاقتراب من الجسد، وقد يكون الموت معنوياً أو حسياً فالمحبوبة تمثل للعاشق الحب الكامل الذي يموت من يصل إليه ولا يرغب في الحياة بعد ذلك، فصارت الشفة رمزاً للموت الرائع الذي يبحث عنه العاشق ويود الهلاك على شطآنه.
أما الشخصيات الثانوية الأخرى فقد جاءت عرضاً باعتبارها مساعدة لغيرها كما في شخصية صاحبات محبوبته اللاتي كن يمشين معها ويشبهنها في القوام وفي العمر، أو الحوار اللاتي قلدهن الدرر، فلم يهتم الراوي برسم هذه الشخصية الثانوية ولا نستطيع أن نعرف عنها أي شيء. وذلك شخصية الرجل الذي ظهر للعاشق أثناء حيرته وأراد إنقاذه باعتباره حكيماً:
فقال من قالا * * * وفاه بالصدق
دع قطعك الآفاق * * * يا أيها المرتاد
ومثله شخصية الحاكم الأندلسي الذي لا يعرف عنه سوى أنه من بني عباد:
واقصد إلى باديس * * * خير بني عباد
ويعود السبب في إغفال سمات هذه الشخصيات الثانوية إلى كونها جلبت لمساعدة الشخصيتين المركزيتين في القصة: العاشق والمحبوبة، واقتصر دور تلك الشخصيات الثانوية على تطوير الحدث القصصي دون أن تستقل بصفة أو حدث معين، ويلاحظ أنه بالإمكان استبدالها بغيرها دون أن يؤثر ذلك على القصة. في حين تركزت الإضاءة على شخصية العاشق وشخصية المحبوبة مع اختلاف سماتها واختلاف طرق الكشف عن تلك السمات.
2-الزمن
ليس من الضروري –من وجهة نظر النقد أن يتطابق تتابع الأحداث في القصة مع الترتيب الطبيعي لأحداثها (المفترض أنها حصلت تبعاً له)؛ لأن الراوي لا يستطيع أبداً أن يروي عدداً من الأحداث في آن واحد، وهكذا فإنه يمكن التمييز بين زمنين في القصة: "زمن السرد" و "زمن القصة".
زمن القصة: هو المدة التي استغرقتها الأحداث كما حصلت فعلاً في الواقع.
زمن السرد: هو مدة قراءة القصة أو تلقيها، وهو اختصار للوقت قد تستغرقه القصة في عشر سنوات فيمكن تقديمه في سطرين، وقد يكون توسيعاً للوقت الذي قد تستغرقه القصة في دقائق يمكن تدوينه في عشر صفحات.
ويهمنا من الزمن هنا طريقة تديم القصة ومدى مراعاة زمن السرد لترتيب الأحداث كما هي في زمن القصة من تقديم وتأخير، وسنحاول التعرف على زمن القصة ونربطه بزمن السرد فيما يأتي:
ليس للقصة بداية محددة قامت بها العلاقة بين العاشق والمحبوبة، لكن لها أحداث منها رؤيته للمحبوبة مع صاحباتها ذات يوم وهي تعض شفتها السفلى، ثم سفرها مع أهلها وبكاؤه على فراقها ثم ما تلا ذلك من أمراض وأسقام اعتبرته على إثرها إلى تفاقم عليه الأسى وراح يجوب الأرض حتى أنقذه رجل بان دله على الحل بالذهاب للحاكم.
وقد رويت القصة أي زمن السرد على النحو الآتي:
ترتيب الأحداث حسب زمن السرد
1-سفر المحبوبة
2-النداء
3-رؤية محبوبته مع صاحباتها
4-عضت على شفتها السفلى
5-مرض لذلك
6-يقلد الحور درراً
7-يفخر على البحر والنور
8-يخرج باحثاً عن حل
9-يمشي في تملق وحيرة
10-يناديه شخص
11-يدله على الحاكم
ترتيب الأحداث حسب ضمن القصة
1-(الحدث الرابع)
2-(الحدث الخامس)
3_(الحدث الأول)
4-(الحدث الثاني)
5-(الحدث الثالث)
6-(الحدث العاشر)
7-(الحدث الحادي عشر)
8-(الحدث السادس)
9-(الحدث السبع)
10-(الحدث الثامن)
11-(الحدث التاسع).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com/montada-f27/
عبير عبد القوى الأعلامى
نائب المدير الفني
نائب المدير الفني
عبير عبد القوى الأعلامى

انثى
عدد الرسائل : 9451
العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية 111010
العمل : العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية Unknow10
الحالة : العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية Mzboot11
نقاط : 17692
ترشيحات : 33
الأوســــــــــمة : العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية 13156210

العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية Empty
مُساهمةموضوع: رد: العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية   العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية I_icon_minitime1/3/2010, 08:38

ويمكن تحديث زمن السرد بأنه:
-بدأ بالزمن الحاضر حيث سافرت المحبوبة وما تلاه من نداء أصدره العاشق.
-ثم يعود الزمن للماضي (ذكرى) أي استرجاع أحداث سابقة عندما رأى محبوبته مع صاحباتها.
-ثم يقفز إلى زمن مستقبلي (أحلام) أي استباق لأحداث متوقعة في المستقبل، إذ يرى نفسه يقلد الحور درراً.
-ثم يعود إلى زمن الحاضر حيث يكشف عن حالة العاشق واضطرابه ثم حضور شخص يدعوه للذهاب إلى الحاكم.
كما يلاحظ في زمن السرد وجود استراحة أو قطع أو خلاصة حيث ينقطع سير الزمن عندما يلجأ الراوي إلى وصف المحبوبة في أكثر من حدث، ويمكن التعرف على هذه الإيقاعات الزمنية في القصة كما يأتي:
1-استراحة (حيث وصف المحبوبة وصفاً حسياً لعينيها وعنقها).
2-حدث في الحاضر (إذ سافرت المحبوبة، وما تبع ذلك من نداء).
3-استراحة (وصف للمشاعر التي مر بها العاشق).
4-حدث في الماضي (رجوع) (صورة المحبوبة مع صاحباتها هي تعض شفتها السفلى).
5-خلاصة (تلخيص لحبها بأنها قتلته أعنف من الأعداء).
6-استراحة (وصف حسي لشخص المحبوبة من حيث أسنانها وشفتيها).
7-قطع (عدم اتصال الزمن الماضي بالحاضر، مما يسرع بالزمن).
8-حدث في المستقبل (توقع) (حيث يرى نفسه ثرياً يملك الدرر ويقلدها للحور..).
9-استراحة (وصف المحبوبة وصفاً معنوياً يكشف عن جمعها للجمال والخوف).
10-حدث في الحاضر (إذ يخرج باحثاً عن حل لازمته ويقطع الطرقات حتى يأتيه رجل يدعوه للحاكم).
11-مشهد (هو مقطع الحوار الذي صار بين العاشق وبين الرجل الذي دعاه للحاكم).
يلاحظ مما سبق أن الزمن متداخل ولا يمكن رسم حدوده بالدقة المطلوبة، وما يمكن التوصل إليه ما هو إلا محاولة تسندها الفرائض في النص، وبالإمكان أن يكون زمن السرد متتالياً يبدأ بسفر المحبوبة ثم رؤيته لها بعد ذلك تعض شفتها ثم وقوفه أمام المنصور الذي يقلد الحور درراً ثم ذهابه إلى الحاكم، وهذا التصور يجعل القصة ممزقة لا ترتبط بشروط الواقع، إذ لا يمكن أن يعرف مكان سفرها ليذهب إليها ولم يوضح ذلك في النص، كما لا يوجد دليل على كون المنصور هو الحاكم، ولو صح ذلك فغن القصة ستتحول إلى مجموعة أحداث مرصوفة بشكل فوضوي، وقد كانت هذه محاولات لإثبات خلافه من خلال تحليل زمن السرد وزمن القصة كما سبق، بحيث تغدو القصة منسجمة ذات حدث واحد وشخصية محورية يقع عليها الثقل وتدور حولها الأحداث الجزئية.
3-المكان
أي المحيط المادي الذي جرت فيه أحداث القصة، ويلاحظ أن سمات المكان في هذه القصة غير واضحة إذ لم تحدد القصة له إطاراً أو مسافة يمكن معرفتها وبالإمكان أن نتعرف على سمات المكان ضمنياً من خلال النص على النحو الآتي:
-يتوقع أن يكون المكان في المدينة حيث ترد أسماء نباتات كالنرجس والسوسن والكافور التي تنمو في البساتين ولم يذكر أسماء نباتات صحراوية كالخزامى والشيح...
-يمكن أن يكون في طرف المدينة حيث كانت المحبوبة مع صاحباتها، وهذا ما يستبعد غالباً في الصحراء، وكذلك خروج العاشق وسيره في الطرقات باحثاً عن حل ورزق ودعوة الرجل له ليقابل الحاكم، وهذا لا يكون في الصحراء التي لا يستنكر فيها مشي الناس كيفما شاؤوا.
ولكن ما دلالة عدم تحديد المكان في هذه القصة؟
من المعلوم بالضرورة أن تحديد عناصر المكان بالدقة يعطي القصة إيهاماً بالواقع وهو شرط تسعى القصص الاجتماعية والتاريخية إلى تحقيقه من خلال تحديد الفضاء المكاني، إلا أن موضوع القصة عندما يكون عاماً فلا يكون حينئذ لتحديد المكان ميزة، فمثلاً موضوع هذه القصة نفسي عاطفي، يصور لحظة فراق المحبوبة، ومن هنا صار المكان مفتوحاً يصلح فيه أي مكان سواء أكان صغيراً أم كبيراً؛ لأن العواطف لا ترتبط بالموقع أكثر من ارتباطها بالأشخاص والأحداث.
وإذا كانت قد وردت بعض الأمكنة في القصة كالبحر والأفق والبدر فقد جاءت على سبيل الاستدعاء للمقارنة أو التذكر دون أن تكون محلاً لأحداث معينة، ليبقى المكان بدون هوية محددة.
ولو بحثنا عن الأثاث في القصة باعتباره من الأشياء التي تشكل المحيط المكاني لوجدنا أن هناك عناصر كثيرة وردت في القصة مثل: الزهور والبلور والسيوف والطاووس والريش والجواهر والدرر، وكلها تنتمي إلى طبقة غنية تكشف عن الثراء الاجتماعي الذي يهتم أهله بالتنميق والتعامل مع القطع النفسية على أساس أنها جزء من الشخصية وهذا النمط من الحياة هو الذي اشتهر به أهل الأندلس، وتكون القصة بذلك قد عكست حياة الرفاهية التي تحيط بالمجتمع آنذاك، حيث لم تذكر أوان أو أدوات بسيطة ومتواضعة.
أما من حيث مدى انسجام الأثاث وترتيبه بحيث يعطي صورة جمالية بغض النظر عن القيمة المادية لمكوناته فإن القصة استفادت من دلالات الزهور لربطها بالمحبوبة بحيث صارت عيناها نرجسيتين وعنقها سوسناً وجعلت وجهها يشع نوراً كالبلور، كما أن شفتيها كالسيوف القاتلة... مما يعني أن الأثاث لم يكن معزولاً عن الوصف، وهو أثاث بالمعنى التقليدي الذي نراه مجسداً، في حين أنه أثاث لا وجود له مادياً، وإنما تم توظيفه للدلالة الرمزية التي تستخدمها القصة بأسلوب شعري (الاستعارة والتشبيه).
4-صوت الراوي
الراوي شخصية وهمية تقدم القصة، فقد يكون موقعه خارجياً وقد يكون داخلياً، أي أن الزاوية التي يرى من خلالها الأحداث ويقدمها للمتلقي لها دور في صياغة القصة وفي استعمال الضمائر(4).
ويلاحظ أن القصة قد قدمت بأكثر من راوٍ وهم على النحو التالي:
أ-الراوي الخارجي: الذي ينظر للحدث من بعيد، وبروية بضمير الغائب، وقد قام هذا الراوي بوصف السمات المظهرية للمحبوبة وعرض شخصها في بداية النص، ثم وصف الرحلة وما تلاها من حالة مرّ بها العاشق.
ب-الراوي الداخلي: المشارك في الحدث، وهو هنا بطل القصة الذي تقع وتصدر منه مجمل الأحداث، ويروي القصة بضمير المتكلم حيث يقدم الأحداث التي تقع عليها عينه من الخارج، في حين يقدم الأحداث التي في نفسه من الداخل، وقد بين هذا الراوي السمات النفسية للعاشق بضمير المتكلم:
أذابت الأشواق * * * روحي على الأجساد
ثم يعود هذا الراوي للظهور في آخر القصة، حيث تختتم الأحداث به عندما أتاح للشخصية الأخرى فرصة الحوار معه:
خرجت محتالا * * * أبغي سنا الرزق
ج-تعدد الرواة: حيث تشترك مجموعة عن الرواة في تقديم الحدث، ويأتي المقطع الذي تقدم به الأحداث المستقبلية ممثلاً للرواة، إذ يبدأ الراوي الخارجي بتقديم الحدث:
أعطى نحور الحور
وقلد الدرا
سلالة المنصور
ثم يتولى الراوي الداخلي الذي يخاطب ذاته –في صراع مع الوعي الذاتي للشخصية- تقديم الحدث:
جاور به البحرا * * * واخرق حجاب النور
وقل له شعرا * * * بفضلك المشهور
ويعود الراوي الداخلي لمخاطبة المحبوبة في صراع آخر مع ذاته:
جمعت في الآفاق * * * تنافر الأضداد
ورغم تداخل ضمائر المتكلم بالمخاطب لدى الراوي الداخلي إلا أن ضمير المخاطب المستخدم هنا يكشف عن أعماق الشخصية/ الراوي، من خلال هذا الاستعمال.
يلاحظ مما سبق أن اختلاف الرواة الذي قدموا القصة قد ساهم في عدة معطيات منها:
1-الكشف عن سمات الشخصية المظهرية بواسطة الراوي الخارجي الذي يستخدم ضمير الغائب، ثم استعمال الراوي الداخلي بضمير المتكلم الذي يكشف عن سمات الشخصية النفسية ويستبطن أعماقها وذلك أقرب لواقعية والثقة في الراوي لأنه أعرف بنفسه من سواه، واستعمال ضمير المخاطب كذلك في الراوي الداخلي يكشف عن صراع الشخصية عندما تتحدث مع نفسها في الوعي.
2-الإطلاع على مسرح الأحداث من جانبين: الجانب المادي الماثل أمام أعيننا وهو الذي يقدمه الراوي الخارجي سواء عندما يذكر سمات المحبوبة أم الأحداث التي جرت، والجانب الخفي هو عبارة عن أفكار موجودة في عقل الشخصية، كانت تدور في ذهنه تلك اللحظة. وهذا ما يؤكد التلازم بين الوقائع المادية والوقائع الذهنية أي ما تتركه الأحداث الخارجية من انطباعات وأحلام في باطن الشخصية، استطاعت القصة أن تكشفه لنا في حينه، حيث تم إسقاط الحالة النفسية والفكرية للبطل بشكل غير مباشر.
3-تجمع هذه القصة بين السيرة الذاتية وبين المذكرات الشخصية وبين القصيدة الغنائية وبين الانطباعات العاطفية والخواطر والتداعيات، وحيث يمكن اعتبارها سيرة ذاتية تتخذ من الوقائع التاريخية سنداً للأحداث؛ لكن لا يمكن اتخاذها وثيقة تاريخية أبداً، بل إنها قصة استفادت من نظام السيرة الذاتية في نقل "ما كان" مع إضافة "ما سيكون" عليه بحيث يغدو خيالياً، ويمكن أن نلاحظ علاقتها بالمذكرات الشخصية من خلال تسجيلها الأحداث المتتالية، لكن زمنها مفتوح، والتداخل فيه –كما سبق- ينأى بها عن المذكرات، وربما يكون تردد نغمة "الأنا" في النص يجعلها قصيدة غنائية في بعض مقاطعها، ومع هذا فإن هذا النص يشكل تداخل وتناص مجموعة من الأجناس والأشكال الأدبية التي يمكن أن تلاحظ (وتحتاج إلى دراسة مستقلة ليس هذا موضعها).
5-الوصف
يقصد بالوصف ما يحدد الشخصية أو الحدث أو المحيط أو الأشياء، وهو قسمان: الوصف الخالص، أي المطلق من التحديد الزماني والخالي من الحركة تماماً، ويوجد في القصة للتهيئة للمكان والتمهيد للحدث، ويكثر هذا النوع في القصص التقليدية(5).
والقسم الثاني: الوصف السردي، أي الذي يشخص الحركة والحالة ويعيش الأشياء في المكان حيث لا يخلو من الشخصية والزمن.
والقسم الأول يعد "شيئاً فقط" في حين يعد القسم الثاني "حركة مع شيء" وسنحاول تعيين الوصف في الموشحة وبيان نوعه فيما يلي:
أ-هناك وصف خالص يكون الغرض منه جمالياً يصف العين بأنها نرجسية والعنق بأنه سوسن، كما يصف الكافور والمناديل وشكل الهودج والبلور والسيوف.. وكأنها أشياء معزولة عن الحدث، وليس لها ارتباط بالزمان ولا بالمكان ولا بالشخصية، ومثلها وصف الكواعب مع محبوبته ويغلب على هذا الوصف كثرة الأسماء دون الأفعال. ونلاحظ عند دراسة هذا النوع من الوصف أنه يقوم بدور معين في القصة يتمثل في التفسير والتوضيح، حيث يعتبر هذا الوصف الخالص رمزاً دالاً على معنى معين في إطار سياق القصة، ولنأخذ مثلاً دلالة النرجس في العين أو دلالة السوسن في العنق أو الرطوبة أو الكافور، فهذه تشير إلى سمة خاصة في المحبوبة تتضمن الإيحاءات للأوصاف السابقة، فيشير النرجس إلى الغرور الداخلي والحب من طرف واحد الذي يتجول في حلقة دائرية تبدأ بها وتنتهي إليها، كما يمكن اعتبار النرجس رمزاً للعلاقة المثلية التي تعجب بذاتها وبما هو مثلها ولا تقبل سواه. كما يدل السوسن على التبدل والتغير باعتباره ليناً تحركه الرياح كيفما شاءت مما يعني إمكانية تغير سلوك المحبوبة وتبدل عواطفها، إضافة إلى أن رائحتها الزكية ذائعة في كل اتجاه سواء أكانت غاضبة أم فرحة ولكن راحتها لا تظهر لكل شخص بل تقتصر على من اقترب منها وأمسك بزهرة السوسن بيده وهكذا المحبوبة، وتدل الرطوبة مع الكافور على طبيعة العرق الصادر من المحبوبة بأنه عطري نابع من أصل جسدها، وهذا يشير إلى أنها تخاف وتفزع وتشفق وتنتهج، وما العرق الذي ينضح به جسدها إلا ردة فعل عاطفية، أما كونه كافوراً فيدل على بطئه وهدوئه وامتداد تأثيره إلى الآخرين.
ومن هنا يعتبر الوصف الخالص الذي اشتمل عليه النص ذا وظيفة توضيحية من خلال ما ترسل إليه من معاني، ولأن الوصف يسبق الحدث والمعنى فإنه يعمل على التمهيد للمعنى الذي يليه، فهو يشكل مرحلة نحو المعنى، ولا يمكن أن يكون دالاً على المعنى بذاته وإلا لاحتاج الوصف للتصريح بذلك المعنى مباشرة، ولكنه ظل خاضعاً لمضمون القصة من خلال التأويل الذي سبق بيانه.ب-الوصف السردي الذي هو عبارة عن فعل يتضمن حركة وزمناً وشخصية حيث تقوم الشخصية بالحركة في زمن ما، وذلك كله في فضاء مكاني وحول أشياء معينة، فمثلاً نلاحظ أن قوله:
عضّت على العنّاب * * * بالبرد الأندى
يتضمن حركة العض الصادر من المحبوبة، وقد قام بهذا العض كل من الأسنان والشفة السفلى، وهنا نجد في هذا المقطع شخصية تتحرك أي تفعل فعلاً في زمن ما ومكان ما وعلى هيئة ما، وهذا الوصف السردي متحرك داخل الحدث بحيث إن الوصف هو الحدث وهو الدلالة النفسية للشخصية ويمثل الوصف السردي في النص مساحة أكثر من الوصف الخالص، إذ يرد في مجمل القصيدة بنسبة (1:4)، ومنه:
خرجت محتالاً * * * أبغي سنا الرزق
فشخصية العاشق هنا تقوم بفعل وهو الخروج في مكان ما وزمن معين حيث يكشف الفعل "خرج" والفعل "أبغي" عن (الزمن+الحركة)، كما يكشف الاسم المشتق "محتالاً" –وهو يصلح أن يكون اسم فاعل أو اسم مفعول- عن (الحركة + الذات "الشخص") في حين لا يتضمن الاسم "سنا" والاسم "الرزق" أي حركة ولا زمن زلا ذات. ولكن الذي جعل هذا الوصف سردياً هو الأفعال والمشتاق، ولو كانت الأسماء هي التي تسيطر عليه الصار الوصف خالصاً كما مر معنا من قبل.
ويسمى هذا النوع من الوصف لدى النقاد بالوصف "الخلاق" لأنه يشيد المعنى وحده أو بالأصح يشيد معاني متعددة، ويعتبر هذا النوع من سمات القصص الحديثة(6).
ويلاحظ أن الوصف الخالص يقيم عزله بين المحيط وبين كل من الشخصية والحدث على أساس أنه يصور واقعاً موجوداً من قبل حيث يهيئ المتلقي لفهم الحدث مباشرة ويجعل المتلقي يفهم من خلال الحدث بحيث تكون القصة نسيجاً متماسكاً لا يمكن حذف أي مقطع منها.
6-الحوار
هو الحديث الذي يجري بين شخصين أو أكثر داخل الحدث، وهو عنصر يمكن أن تستغني عنه القصة لكن لا يمكن أن تقوم المسرحية بدونه، بيد أن وجوده في القصة يكسبها إطاراً واقعياً ما دامت الشخصيات قد خلي بينها وبين المتلقي، وكذلك يجعل المشهد درامياً أي معروضاً كالمسرحية أمام المتلقي دون تعليق من الراوي.
ونلاحظ بالنظر في الحوار الوارد في نص الموشحة، وروده على لسان راوٍ داخلي يقدمه من الخارج حيث ابتدأه بقوله:
فقال من قالا * * * وفاه بالصدق
فوصف القول قبل الشروع به بأنه صدق، وهذا يكشف عن مدى حاجته لهذا الكلام ما دام المتكلم –وهو العاشق- مريضاً بحاجة لعلاج، والكلام الذي قيل هو:
دع قطعك الآفاق * * * يا أيها المرتاد
واقصد إلى باديس * * * خير بني عبّاد
ولكنه حوار من طرف واحد لا نجد رداً عليه، ولا نعرف طبيعة استقباله سوى ما ذكره سلفاً، وقد جاء هذا الرد في ختام القصة بحيث يسمح للنص أن يمتد بإضافة أخرى يتوقها القارئ أو تفاصيل إضافية تحتملها القصة دون أن يختم القصة بنهاية محددة(7).
الخاتمة (بناء القصة في الموشحة)
تبدأ القصة بحديث بسيط هو "سفر المحبوبة" ثم تولدت الأحداث الأخرى من هذا الحدث الرئيس، بحيث تكون كل الأحداث والتأثيرات الأخرى مرتبطة بهذا الحدث باعتباره يمثل تصميم القصة التي تعتمد على منظر واحد هو قمة الأزمة أو الصراع، وتستشف من خلاله مقدمة القصة أي علاقة العاشق بالمحبوبة، كما يمكن أن تلمح إلى المرض ومحاولة الهروب منه.
ويلاحظ أن الحكاية في الموشحة قد تكونت من مجموعة عناصر استطاعت أن تجعل من الحدث قصة، فلو جاءت الأحداث معزولة عن الشخصية، أي عندما يصور الكاتب الأفعال دون التركيز على الفاعل فهذا يكون مجرد خبر يزودنا بالمعلومات، ولو نقل الحدث كما كان دون إكماله بحيث اقتصر على كونه لقطة سريعة من الحياة لكان أقرب إلى التأريخ وهو ما يسمى بـ "القصص التسجيلي".
وسوف نحاول التعرف على طريقة بناء القصة عامة ودراسة هذه القصة خاصة فيما يلي:
قسم أرسطو وحدات القصة إلى بداية ووسط ونهاية، حيث ينشأ الحدث من موقف بسيط يكون ساكناً في الغالب، ثم يتطور بنمو الأحداث نمواً طبيعياً وتترابط أجزاؤه بحيث يؤدي كل جزء إلى ما يليه حتى يبلغ الحدث الذروة وهي مرحلة "القمة" أو "الصراع" وغالباً ما يكون الصراع بين مبدأين أو عواطف أو مواقف..الخ.
ثم يأتي "الحل" الذي تنتهي به القصة، وتسمى اللحظة التي تنكشف فيها الأحداث على بعضها وتتخذ الشخصية بعد ذلك موقفاً نهائياً بـ "لحظة التنوير". وهذه هي طريقة بناء القصص الكلاسيكية الرائعة التي تستقطب القراء والجماهير، وتسعى هذه القصص للإجابة على الأسئلة الثلاثة المهمة: متى وقع الحدث؟ وأين وقع؟ وكيف وقع؟ وبعضها يجيب عن سؤال رابع هو: لماذا وقع هذا الحدث؟ أي البحث في دوافع الشخصيات وغرائزها.
أما الطريقة الحديثة في بناء القصة فإنها تعتمد على تقديم منظر واحد للحدث يبدأ في لحظة الصراع، وتدور حوله الأحداث سواء التي يتم استدعاؤها من الماضي، أم التي يتم توقعها في المستقبل –عن طريق الذاكرة- مع ربطها بالحدث المادي الآتي، بحيث يكشف الشخصية في قمة صراعها وهلاكها أو خمولها وتعاستها، ثم يقف الحدث عند لحظة حاسمة تمثل نهاية ما.
ويختلف الكتاب في الوصول لهذه النهاية التي قد تصلح أن تكون بداية، وتجيب هذه الطريقة في بناء القصة عن الأسئلة الأربع السابقة، إضافة إلى تصورها الدوافع النفسية وكأنها واقعة كالحركات المادية سواء بسواء، ويسمى هذا النوع من القصص بـ "القصص التحليلية" حيث يكشف هذا النوع من القصص الحياة الداخلية للإنسان نفسرها كما نريد أن تجبرك القصة على اتجاه بعينه.
ولتوضيح الفرق بين الطرفين يلاحظ أنه يتم ترتيب الحكاية(Cool في الطريقة الأولى ترتيباً منطقياً يراعي ارتباط السبب بالمسبب بحيث يمكن أن يعرف معنى القصة من الحكاية، في حين تكون الحكاية في الطريقة الأولى عبارة عن حدث متوقف، وتسمى القصة للتعرف على سبب وجود هذا الحدث وتتوقع كيفية سيره، ولا يكون لهذه الحكاية معنى محدد إلا من خلال القصة باعتبارها –أي القصة- كياناً ذاتياً لا يمكن تجزئته.
ويمكننا التعرف على منهج بناء القصة في الموشحة بأنها قد استفادت من الطريقة الحديثة من حيث البداية والنهاية، إذ لا نستطيع الجزم بموضع البداية أو النهاية، فقد بدأ الحدث بلحظة الصراع، وليس في القصة لحظة سكون تبدأ بها -كالقصص التقليدية- إلا ما يأتي على سبيل "الذكرى".
والسكون -أي الاستراحة- موظف لخدمة الصراع بحيث توجز القصة لحظة واحدة لحدث له معنى كبير في جانب من جوانب الحياة وهو العلاقة العاطفية، بيد أن هناك مقاطع وصفية أوقفت السرد -كما مر سابقاً- تعتبرها القصة الحديثة شوائب ينبغي التخلص منها.
وعموماً فقد ساعدت طريقة الموشحة القصة في الوقوف على التفاصيل التي سبق بيانها، دون أن يكون النظم الشعري عائقاً في كشف الحدث والصراع، إلا أن النظم قد اشطر المؤلف لأن يورد أشياء على سبيل الحشو لكي يستقيم الوزن والقافية، ومن ذلك تقريره لـ:
أكثر الأحباب * * * أعدى من الأعدا
فهذه وجهة نظر لا تتناسب مع شخصية العاشق في القصة، وكذلك قوله "سلالة المنصور" و"بفضلك المشهور" فهذه العبارات يمكن حذفها دون أن يفقد النص معناه، وهناك أبيات وردت للتوضيح أو للتعريف بشيء معروف مثل:
مؤمّلاً حالا * * * يكون من وفقي
فهذه قد عبرت عنها الأبيات السابقة:
خرجت محتالا * * * أبغي سنا الرزق
ولا ضرورة لها هنا.
كما أن كلمة "الخيس" وكلمة "باديس" مما جلب للقافية فقط، ومع هذا فبالإمكان تلافي أثر هذا الحشو ما دام لا يبعد المعنى إلى جهة يصعب إعادته منها.
الهوامش
2-يقصد بتيار الوعي: أي كشف الشعور الباطني للشخصية سواء الأحاسيس أم الأفكار أم الرؤى أم التخيلات عن طريق التذكر للماضي أو التنبؤ بالمستقبل.
3-انظر فرويد، علم النفس التحليلي. ص27.
4-الراوي يختلف عن المؤلف، فالمؤلف يمثل شخصية مادية لها اسم مكتوب في بداية أو نهاية النص أو على غلاف الكتاب، وليس له علاقة بالراوي الذي يقدم القصة رغم أن المؤلف هو الذي ابتكر الراوي أو الرواة، من هنا ينبغي عدم الخلط بين المؤلف والراوي حتى وإن كان الراوي هو ضمير المتكلم فإن الراوي أسلوب فني وليس حقيقة مادية.
5-انظر: جيرار جينيت، التشخيص ص188، وجان ركاردو، قضايا الرواية الحديثة، ص166.
6-انظر: آلان روب غرييه، نحو رواية جديدة، ص166.
7-أما بالنسبة للحوار النفسي المسمى بـ "المنلوج الداخلي" وهو الذي تعيشه الشخصية، وقد أشير إليه في صوت الراوي وليس هو المقصود بالحوار هنا، فأكثر الدراسات تعني بالحوار في القصة الكلام المادي المنطوق بلغة الشخصية، وهناك من يتوسع في مفهوم الحوار ليشمل الانطباعات والوساوس والأفكار الباطنية التي تدور في ذهن الشخصية. انظر: جون هالبرين، نظرية الرواية، ص439.
8-وهي جذر القصة التي لا يمكن الاستغناء عنه.


د. مزنة صالح التميم
نشر بتاريخ 31-01-2007
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com/montada-f27/
 
العناصر القصصية في الموشحات الأندلسية
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فن الموشحات الأندلسية
» الموشحات الاندلسية
» تاريخ الدولة الأندلسية
» موقع فيديو العناصر الكيميائية
»  ما هي العناصر التي تسبب تلوث المياه ؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات الأدبية :: المنتديات الأدبية :: منتدى الدراسات النقدية والبلاغة-
انتقل الى: