الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبير عبد القوى الأعلامى
نائب المدير الفني
نائب المدير الفني
عبير عبد القوى الأعلامى

انثى
عدد الرسائل : 9451
الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 111010
العمل : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية Unknow10
الحالة : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية Mzboot11
نقاط : 17685
ترشيحات : 33
الأوســــــــــمة : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 13156210

الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية Empty
مُساهمةموضوع: الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية   الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية I_icon_minitime8/10/2009, 07:48

الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية بالإقليم .
مستويات التجربة في بعديها الذاتي والعام .

بقلم : سميرالفيل



* توطئة :
الكتابة في نسقها الأول هي عنصر أساسي من العناصر التي تعكس تجربة الحياة وتشابكها وتنوعها بكافة أبعادها الذاتية والجمعية. ولما كانت الكتابة تطرح ما يعتور الواقع من تبدلات وتحولات وانكسارات وجدناها صدى حقيقيا لكل ما تحمله الذاكرة الوطنية من أشكال مقاومة وصلابة وتحدٍ ، ومواجهة لكل القوى التي تحاول النيل من حريتها واستقلالها ،وتخلصها من كل ما يعوقها كي تتقدم بقوة لتحقيق أهدافها والتخلص مما يكبل حركتها .
والأدب كما نعلم جميعا يرسل خطابه الذي يخاطب به الشعور في ذات الوقت الذي يخاطب فيه العقل ، وهذا لصيق الصلة بما يستثيره الوعي من محفزات لتثوير الواقع وتغييره والقيام بدور ضروري لفكرة التنوير بمعناها الواسع بما يقربنا من مفهوم ترسيخ الجمالي عبر الفكري فبكليهما يقترب المبدع من تحقيق هدفه تأثيرا في المتلقي ، وجذبه نحو نصه بكل ما يحويه من بلاغة وتخييل وأنساق واقعية.
النص الأدبي مفهوم مركب ينهض على اقتناص ما تحمله الذاكرة من مادة معرفية عبر عملية ديناميكية جدلية بحيث يكون حاملا لبصمات الواقع ، راصدا لملامحه ، مشكلا في الوقت ذاته مرجعية لها أبعادها التاريخية والاجتماعية والسياسية ، وهو يستبطن كافة المحددات والضوابط والمعاني التي تؤطر ما يموج به المجتمع من حراك لا ينقطع لحظة.
أحسب أن الكتابة السردية تقوم بعملية توثيق غير مقصودة في حد ذاتها لسير وأمكنة وأزمنة ذات علاقة قوية بفكرة الوطن ، وما يتصل به من بنيات جمالية تقترب من مفهوم الرصد الدائم لملامح وأنساق ودوائر الفعل في أحواله المختلفة.
يبدأ النص الأدبي دائما من نقطة معلومة في قلب الواقع أو هوامشه ، وينطلق بعد ذلك في حركة يتلاشى معها ذلك الحد الفاصل بين مادة الحياة وبنية المخيلة وترديدات النفس في تتبعها الإنساني لما هو مستقر وكامن في التجربة المعاشة بكل ثرائها وتعددها وتنوعها اللانهائي .
أتصور أن الذاكرة الوطنية بهذا المفهوم تتسع لتتضمن كافة حقول المعرفة التي مرت بها الجماعة الشعبية وكل التجارب الإنسانية والجمعية والذاتية التي لها عمق أصيل وراسخ في حياة الناس ؛ لأنها تمس قناعاتهم وتتجذر في سلوكهم وتنعكس على حركتهم ومعايير القيمة لديهم.
من العناصر التي تشتبك مع الذاكرة مفهوم الوطن والكرامة والاستقلال ،وقيم العدل والمساواة والحرية ، ولكنها بالقدر نفسه تتصل بعلاقة الشخص بأرضه وتاريخه وتراثه ، بل وتعامله اليومي مع معطيات الماضي وسمات الحاضر وصولا إلى إرهاصات المستقبل.
إن الجماعة أو الناس لهم مصالح وأنماط معيشة ومنظومة من السلوك المشترك والأفكار القبلية ، ومهمة السارد أنه يقدم لنا كشوفا جمالية ربما لا يتطرق لها المؤرخ حول هذه النطاقات وهنا يقوم بعملية فرز دقيقة للقيم والعادات والتقاليد ، وكل المعايير الاجتماعية حتى في مراحل التحول وصولا إلى فهم الجذور العميقة لكافة التصرفات والتحركات وأنماط السلوك التي ينهض عليها الفعل الإنساني ؛ ذلك أن البنى المادية التحتية تكون نتيجة حالة جدل مستمر مع البنى الفوقة الفكرية والثقافية ، والعكس صحيح.
في مواجهة حالة التعقيد والتشابك والتباين في الرؤى والمفاهيم التي تشيع في مجتمعنا المصري سيكون توجهنا الأساسي هو تلمس الأصداء الإبداعية لتلك الذاكرة التي تنشط حينا وتخمل حينا آخر في مجال السرد مع التأكيد أن ما نقوم به هنا ليس بالقطع رصدا نهائيا وكليا وشاملا لما سقناه من مفهوم حول تبديات الذاكرة الوطنية من مفاهيم ورؤى ومسارات لكنها بدايات مشاكسة لتلمس السطح البادي للعيان مؤكدين على أن ما نقدمه ما هو إلا محاولة قد تصيب أو تخيب للإجابة عن سؤال يبرز كرأس سهم في أدبياتنا المعاصرة، وهو : ماذا يمكن أن تقدمه القصة القصيرة المصرية ـ في إقليم شرق الدلتا ـ من تجارب يمكنها أن تكشف عن مستويات بعضها ظاهر وبعضها الآخر مضمر للذاكرة الوطنية بالمفهوم الذي حاولنا أن نوضحه في مقدمة البحث ؟

* مقاومة واضحة الدلالة :
هناك علاقة ظاهرة لا تخطأها العين بين فن القصة القصيرة وظاهرة الجنوح إلى الحديث عن ذاكرة مدججة بالأبعاد التاريخية دون السقوط في شرك الكتابة الجاهزة. هنا تعيدنا لمسة الفن الساحرة إلى أجواء واقعية ذات شحنة وجدانية متحفزة كما نجد في نصوص محمد عبدالله الهادي ، وقد فضلت أن أبدأ به لأن القصة التي اخترتها له بطلها طائر أبيض صغير ، يستيقظ من نومه مفزعا ، على صوت طلقات الرصاص ويظل يتنقل بين أفرع الشجر خائفا مذعورا فيكتشف وجود جنودا غرباء يطلقون الرصاص الحي على البشر. الطائر نفسه يكون عرضة لإطلاق الرصاص عليه ومع وجود الخطر البادي في خطوات الجنود الغزاة نعرف أن ثمة محنة تمر بهؤلاء الناس الذين أحبهم ، يهبط الطائر باتجاه امرأة عجوز، تنتظر عودة ابنها لكن يبدو أنه قد سقط دفاعا عن مدينه. تظل المرأة تخاطب الكتاكيت ، والطائر يراقب المشهد حتى يهاجم الغرباء الكوخ ، ونشعر بمدى الخراب الذي يسببه الجنود .
يعالج السارد فكرة الاحتلال دون أن يحدد عدوا بعينه فالهدف من النص أن يصور لنا همجية الاحتلال عبر طائر يرتبط تحليقه بالتحرر من كل قيد . لذا فإن أسر العجوز واستجوابها يقربنا من فهم الدلالات الكامنة وراء النص فهو يبحث عن مرجعية يستند إليها الحكي فتنشأ بالتالي فكرة المقاومة بعد أن رأينا كم العنف والموت الذي جاء به هؤلاء الأغراب: " وجاء ليل ، استيقظ فيه الطائر الأبيض مفزعا ، على صوت طلقات رصاص تشق الفضاء . نهض مذعورا ، تطلع من فوق السقف . رأى في عتمة الظلمة الجنود الغرباء ينتشرون حول الكوخ ، ويدفعون الباب المتداعي ، وسمع صراخ العجوز ، وواحدا منهم يصرخ فيها بعربية مكسورة الحروف : أين هم .. نحن نبحث عن المطلوبين الذين يهاجمون الجنود " (1)
أنسنة الطيور نهضت للتخلص من قيود المكان ومحدودية الزمن وقد وظفها القاص بمهارة كبيرة ، وأعاد تأويل الأحداث ، ولم يجعلها جزءا من الماضي بل هي حاضرة ، وتتشكل في اللحظة الراهنة ، وهو ما يؤكد ما نذهب إليه من كون النص استخدام التقنيات في مسارات تعطي أبعادا متتالية ؛ لشحذ الذاكرة الوطنية فنحن حين نشاهد الموقف في راهنيته تنتقل إلينا هذه المساحة من الرفض ، وهو ما يلامس تجربة الكاتب الذي اغترف من فن القص الشفاهي حيث يمكنه التحرك بسهولة عبر مناطق متنوعة في تاريخ مصر الراهن وربما الأقطار العربية التي اكتوت بنار العدوان غير أن النظرة المتهملة تجعلنا ننحاز لرؤية القاص حين ينهي المشهد بصورة العجوز وقد عادت للطائر بعد أن نجت من الموت : " وعندما اقترب منها ورأت جرحه انزعجت ، راحت تنظفه بالماء وتطهره ، وتلفه بقطعة قماش ، ثم حملته بيدها ونهضت ، أمام باب الكوخ المحطم . جلست وهي تحتضنه بكفيها ، وتتطلع لقرص الشمس الذي يشرق عند حافة الكون البعيد " (2) .
يتبدى حنان العجوز في مواجهة غطرسة العدو وهمجيته ، والقاص يواري الصوت الصريح ويتجه بقوة من خلال إشاراته نحو استبطان هاديء لمعنى المقاومة من خلال ثالوث مختلف قليلا عن الشائع: الغائب ابراهيم ، والطائر البيض ، والعجوز. ربما جاء البياض هنا لفضح السواد وتعريته سرديا.

* فضح علني للعدوان:
إن نزعة الاسترجاع تواجهنا بشكل سافر ومباشر مع نصوص محمد خليل الذي يقدم أعماله موثقة عبر مواقف درامية تقترب من لغة المسرح كما نجد في " الذئاب تلهو في المدينة " وقد تولدت فكرتها من أجواء حرب الخليج بعد الحرب بستة أشهر تقريبا استلهاما لخبر تم نشره في إحدى الصحف.
سوف نجد بعض المشاهد الدامية التي تدين العدوان وتبسطه في شكل سردي عالي النبرة ، فلا مكان للبلاغة والإضمار حين يجوس البرابرة في شوارع المدينة ليقتلعوا الأخضر واليابس . طفلة تلهو مع عروستها ، وفي لحظة يموت الأب .فعل القتل يبدو شيئا عاديا ضمن طقس الحرب الذي لا يعرف الرحمة لكننا ننتبه للذئاب وهم يهتكون براءة الطفلة بما يعنيه ذلك من فقدان الطمأنينة والأمان : " انشقت الأرض عن دبابة مسرعة كادت تسحقها تحت جنازيرها .. في ربكة الفرار سقطت العروسة ، وانسحقت تحت جنازير الدبابة .. انفجرت عقيرتها صراخا لفقدها ، وألما من ضغط ذراعي أبوها على عظامها .. وإذ يتحرك في كل اتجاه يتقدم ويتقهقر .. وكل جسده ينتفض هلعا وحسرة .. أحس بقامته تترنح ويتهاوى بصدره فوق طفلته التي راحت تصرخ من فرط شعورها بثقل الجسد " (3) .
ينتهي المشهد بالموت لكن خبرة الكاتب بالحرب ومفرداتها تجعلنا أمام بنية فنية تعكس مشاعر الأسر والعائلات العربية أمام خطر الموت . الحرب ليست مبتوتة الصلة عن دوائر الفزع والخراب التي تحيط بالوقائع التي تبدو من الخارج أقرب للشكل الوثائقي وهو ما يؤدي لخفوت الصوت الدرامي الداخلي الكامن في ترتيب الأفعال وردودها التلقائية لكن القاص يعوض ذلك بالتسلل لمناطق مؤلمة تستحضر لنا الماسأة بكل ظلالها السوداء .
وهو نفس ما يفعله في نص آخر عنوانه " مشاهدة تحت السلاح لمشهد في فصل من مسرحية واقعية جدا" . العنوان كما نرى طويل جدا ، لكنه يكشف عن طريقة محمد خليل في الكتابة ؛ فهو يفضل الدفع بالحدث في لحظات الذروة ، ولما كان النص يمثل أدب الحرب تمثيلا جيدا كما تحدث عن ذلك الدكتور سيد حامد النساج فإننا ينبغي ألا نسقط في فخ المواصفات الجاهزة ، وسنعالج النص بوصفه انعكاسا لما تحمله الذاكرة الوطنية من مشاهد غاية في القبح والعدمية خاصة لمن تابع مجازر صبرا وشتيلا. يوقعنا القاص في وهم التمسرح حين يخلي مسرح الأحداث لصورة الأم وهي تحتفل بعيد ميلاد صغيرها ، ويجيء الاحتفال على ضوء شمعة خابية الضوء ، تحاول الأم تعليم صغيرها كيفية إمساك البندقية والضرب بها غير أن الموت يعاجلها ، وهي نهاية حتمية أمام طوفان الرعب الذي يخترق النص عرضا وطولا: " وقبل أن ينقطع الخيط الأخير من حياتها كانت تحاول التقاط البندقية ، وهي تردد بصوت في طريقه إلى البعيد القريب : امسك البندقية وصوب يا ياسر. ولكن البندقية كانت بعيدة عن يدها . من حسن حظي أو سوئه ـ لست أدري ـ قد نجوت. كيف ؟ ..أيضا لست أدري .. مددت يدي إلى ثديها ، وأخرجته بينما الضحكات المعربدة لاتزال تدوي وتعربد. وضعت الثدي في فمي ورحت أرتشف في نهم ، ولكن ومع الأسف الشديد كنت أرتشف دما ممتزجا بغبار الأنقاض ورائحة الدمار " ( 4) . إن دموية المشهد توقعنا في إشكالية الرصد الفوتوغرافي للواقع وهو ما يحاول القاص التغلب عليه باللغة الشاعرية رغم جسامة الأحداث وربما كان المناخ المأساوي هو سبب تلك اللغة الفخمة التي حاولت التعبير عن فداحة الجرم فلجأت لأسلوب لغوي مهيب فيما الموت يدعونا لنوع من الشجن الحزين المتمهل، هاديء الإيقاع ، خافت الصوت .

* مس المفاهيم مباشرة :
إذا كانت بعض النصوص قد نسجت هذا التوازن الفني بين ملامح الوطن وبين أحداث تاريخية لها بعدها الواقعي فإن ثمة أعمال تختار مادة حكائية أقرب للوثائقية كما نرى عند إبراهيم عطيه حيث يبرز إلى السطح البعد الكامن داخل المواطن البسيط حيث تختفي مفاهيم مثل الوطن والدفاع عنه خلف غلالات فنية تطمرها الألفة ، وهو ما يتبدى في قصة محزنة لرحيل محمد عبدالعاطي صائد الدبابات ـ كنت قد قابلته في الاسماعيلية سنة 1974 وخيري بشارة يخرج فيلما عنه ـ وها قد حدثت تغيرات جذرية في الواقع يذهب إليه الراوي ليفاجأ بأنه قد رحل في مستشفى أميري فقير ، ولا أحد يعرف كيف يبلغ الأسرة عن وفاته . القصة عنوانها " أبناء النهار" والعنوان يلخص الفكرة التي يحاول القاص القبض عليها ، وقد كشف الإهداء الرغبة الملحة في تثبيت المشهد فهو يهدي النص " إلى أرواح الشهداء الطاهرة ، الذين ضحوا في سبيل تحرير تراب الوطن" ، وقد رصد القاص اللحظة الأخيرة في حياة البطل ولم تكن في ساحة القتال : " وصلت غرفة العناية المركزة المعلق على بابها لافتة ( ممنوع الدخول ) وطرقت الباب نقرات خفيفة حتى لا أزعج المرضى ، ففتحه العامل الواقف خلفه ، وطل برأسه. ممنوع الزيارة يا أستاذ .. وممنوع دخول حد العناية المركزة .. أظهرت له (الكارنيه ) كما هو معتاد ، إلا أنه أصر على رأيه.. ـ مع احترامي يا أستاذ للصحافة لكن تعليمات صريحة وبنفذها .. آسف" (5). الموت هنا يعلن عن موت معنوي آخر هو انتهاء عصر النضال والدفاع الصريح عن الأرض المقدسة . لم يكن اختيار القاص لتلك اللقطة مصادفة ولا عبثا . إنه يحاول دق ناقوس خطر لأجيال قادمة سوف تنسى الأبطال وربما تتناسهم في زحمة الحياة . مثل هذا الهاجس القوي يجعل السارد في قصة أخرى ، هي " تحية العلم " يبسط ملمحا تعليميا بسيطا ليوضح للقاريء مفهوم العلم ؛ فهو يعني الكثير لمن قدر له أن يغترف من المعرفة . المعلم ينقل خبرته لطلابه ، فتسري روح الانتماء في نفوسهم الغضة ، وتنتعش قلوبهم بالعزة والكرامة : " ولما خرج من الفصل ، قمت وراءه إلى الطرقة المطلة على حوش المدرسة ؛ أنظر العلم الواقف فوق عمود الصاري والنسر الذهبي يرفرف محلقا في السماء عاكسا خيوط الشمس الذهبية ، وقفت فاردا طولي في وضع انتباه ؛ ناظرا ناحيته معظما بكف يدي اليمنى فوق جبهتي اليمنى ، ورحت أردد تحية العلم .. تحيا جمهورية مصر العربية " (6) .
القاص يمس المفاهيم مباشرة ، ويهمه في تلك المساحة السردية أن يبث خطابه بمنتهى الوضوح والإبانة ؛ فهو يدرك أنه من الأهمية بمكان أن يؤكد على الفكرة المحورية بانتماء هؤلاء الطلاب لوطنهم عن فهم ودراية.

* ظلال شبحية :
تتميز قصص حسام المقدم بأنها تكسر خط الترتيب السردي ، فتتحرر من الترابط المنطقي للأحداث ، كما أنها تقتحم مناطق سردية فيها ولوج رقيق وخفي لمفهوم الذاكرة الوطنية التي لا تتحدد فقط بوقائع كبرى بل من خلال تفحص هاديء لمسارات الحياة بلا طنطنة أو زعيق. تبدو نصوصه في حالة من حالات المحو والإظهار فثمة بعد خفي يؤثر في سير الأحداث، لا يظهر، وهنا اعتماد على البعد السيكولوجي لدى الراوي . نراه في قصة " الزوايا" يعالج فكرة خريطة الوطن وما يمكن أن يجري فيه من تبديلات تشي بتحولات السياسة ، فكل الخرائط منبعجة ، والمدرس يدهش لما يحدث وهاهي حسناء قادمة من الشمال الشرقي لتعانقه فينفر منها ويتأكد من وجود مؤامرة بشكل ما . لكنه في المنام يوافق على ما رفضه في اليقظة ، وهكذا يصبح التغيير في الخريطة شيئا مألوفا. والقلقلة التي تتسرب إلينا بعد قراءة النص معناها أن القاص نجح في توجيه أنظارنا لهذا الخطر الذي يتسلل بهدوء قاتل للمنطقة : " في كل ليلة كانت تجيء فيها الحسناء كنت لا أنظر للخارطة بعدما أصابها مرض الانبعاج المفاجيء ، بالأمس فعلت مع الأمس كل ما يفعل.. احتويتها بين ذراعي ، وأصبحنا كلا في واحد ، وأبصرت الخارطة فألفيتها قد تغيرت!! كانت تبدو كأنها هكذا منذ رسمت أول مرة ، لم يعد الانبعاج يثيرني " (7) .
يولد النص عادة مجموعة من المحددات فهو يبسط خطابا فكريا كما يقدم تشكيلا جماليا يعبر عن المأزق الذي يعانيه أبناء هذا الجيل . سوف تظل طبيعة الحوار على هذه الشاكلة من الريبة والتوجس وسوء الظن . في قصة " الآن أحسست أنها بعيدة " استعادة متمهلة لزمن التلمذة في مدرسة عمر الفاروق الابتدائية ، ويعكس الحوار الداخلي ما يموج من مشاعر في صدر هذا الطفل الذي أصبح مدرسا لكنه مشحون بمفهوم قار في النفس وهو أن يبث في نفوس صغاره شيئا من القيم الوطنية : " في بعض الأحايين تريد أن تكسر حدة الجفاف الذي تفرضه الرياضيات على الجو .. كنت تحدثهم رغم صغرهم عن الثورة والملك الفاسد ورحيله غير مأسوف عليه ، وحرب أكتوبر وعظمة الجندي المصري .. وحين كنت تكتشف أنك تؤذن في مالطة تعرج على حكايات لطيفة مفيدة تحفظها من طفولتك. عقلة الإصبع . سعفان الكسلان. الأسد والذئب . كانت وجوههم نيرة. تمنيت في داخلك أن لو كانت عقولهم مثل وجوههم الغضة .هي أيضا نيرة ! " ( Cool .
يكتمل الشرط السردي بالدفع بصورمتتالية من ذاكرة متعبة لقلب الحدث فيمتزج الماضي بالحاضر في نصوص قصصية نلمس فيها حرفة الكاتب وقدرته على أن تكون أعماله قادرة على توليد الدلالات مع عنفوان القص ورصانته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com/montada-f27/
هويدا رأفت الجندى
مراقب عام
مراقب عام
هويدا رأفت الجندى

انثى
عدد الرسائل : 4821
الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 111010
العمل : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية Collec10
الحالة : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 2210
نقاط : 9975
ترشيحات : 11
الأوســــــــــمة : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 1111110

الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية   الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية I_icon_minitime8/10/2009, 11:42

شكـــــــ وبارك الله فيكِ ـــــــراً

أستاذة عبيــــــــــــــر

يسعدنى متابعة موضوعاتكِ المتميزة

لا حرمنا الله منكِ ولا من جود قلمكِ المتميز

الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 01uqfdh3t7
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبير عبد القوى الأعلامى
نائب المدير الفني
نائب المدير الفني
عبير عبد القوى الأعلامى

انثى
عدد الرسائل : 9451
الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 210
بلد الإقامة : مصر
احترام القوانين : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 111010
العمل : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية Unknow10
الحالة : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية Mzboot11
نقاط : 17685
ترشيحات : 33
الأوســــــــــمة : الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 13156210

الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية   الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية I_icon_minitime26/10/2009, 04:11

هويدا رأفت الجندى كتب:
شكـــــــ وبارك الله فيكِ ـــــــراً

أستاذة عبيــــــــــــــر

يسعدنى متابعة موضوعاتكِ المتميزة

لا حرمنا الله منكِ ولا من جود قلمكِ المتميز

الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 01uqfdh3t7





الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية W6w_w6w_2005042602232895cb29c6


الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 16670520ne3


الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية 4efd1d2b843au

الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية Jarro
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alalamy1.yoo7.com/montada-f27/
 
الذاكرة الوطنية وانعكاسها في النصوص السردية
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إسم نهر النيل في النصوص المصرية القديمة
» أهمية البلاغة في فهم النصوص والوقوف على أغراضها
» " تداخل النصوص في الكتابة للأطفال " بقلم أحمد سويلم
» ندوة الوحدة الوطنية والاخاءالدينى
» بدأ تدريبات المنتخبات الوطنية للكاراتيه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات الأدبية :: المنتديات الأدبية :: منتدى الدراسات النقدية والبلاغة-
انتقل الى: