الغجر

موضوع: الغجر 13/8/2009, 10:04

حول الغجر المعيشة... واللغة... والعادات

مي المدلل :

من الغريب ان التاريخ لم يذكر قط شيئا عن ان جماعة بشرية مثل الغجر طافت بقاعاً عديدة

وانتشرت في ارجاء كثيرة ومنذ زمن طويل امتد لاكثر من 1000 سنة دون ان تدعي انتماءها

الى وطن او بقعة جغرافية محددة.

وقد انتشر الغجر في بلاد كثيرة بدءً من الهند التي يقال انها موطنهم الاصلي الى افغانستان

شرقاً, مروراً بايران والعراق وبلاد الشام ومصر واسبانيا ومعظم دول اوربا الشمالية

والوسطى, وفرنسا والمملكة المتحدة عبورا بالاطلسي باتجاه الولايات المتحدة ودول

اميركا الجنوبية.

ولا احد يجزم ولا حتى الغجر انفسهم فهم ليسوا بقايا شعب وليسوا جنسا ولا حزبا ولا طائفة

ولا اتباع ديانة قديمة والمعروف عنهم عشقهم الكبير للترحال المستمر والحرية المطلقة

وولعهم بالغناء والرقص.

تراهم يقرؤون الطالع ويصلحون الاسلحة وهم ايضاً تجار غريبو الاطوار يبيعونك اي شيء

وكل شيء , مثلما يبيعونك الكلام المعسول الذي يسلب اللب. ولكنهم ظلوا دائما محط

عدم ثقة الاخرين والشعوب التي اقتربوا منها.

ماركيز والغجر

في مطلع روايته الباهرة "مئة عام من العزلة" يخصص الروائي الكولومبي

"غابرييل غارسيا ماركيز" صفحات طويلة يصف فيها الغجر الذي يمرون بالقرب

من قرية "ماكوندو" النائية مستعرضاًَ قدراتهم العجيبة في ابهار سكان القرية.

فشخصية الغجري "ميلكيادس" الذي كان يدور البيوت جاراً وراءه سبيكتين معدنيتين

تستطيعان جذب كل ماهو نحاسي من قدور ومسامير وبراغي, حتى الاشياء المفقودة

منذ زمن طويل. هاتان السبيكتان لم تكن سوى قطعتي مغناطيس استطاعت ان تثير اعجاب

وانبهار "اركاديو بويندا" بطل الرواية الذي طمع في استخدامهما لجذب القطع الذهبية,

لكن امنياته لم تكن سوى اوهام حيث ضحى البطل بكل ما تملكه زوجته من مدخرات

ثمينة للحصول عليها ولكن اي من مقاصده لم يفلح وادرك انه وقع في حبال وهم كبير.

لوحظ على الغجر انهم يكرهون الماء ويعدونه شيئاً ثميناً في نفس الوقت ولا يجب استخدامه

الا في حاجاتهم الضرورية ولم يكن الاستحمام جزءً منها.

فالماء عزيز ولا ينبغي استخدامه او اهداره في اشياء تافهة, ولكنه ارتبط "وفق معتقداتهم"

بالوطن والارض والاستقرار, ولذلك نادراً ما نرى ان يعمل غجري كصياد او بحار!!

الديانة

اعتنق الغجر معظم الديانات وفق للمكان الذي يعيشون فيه, فأنك تستطيع ان ترى منهم

المسلم واليهودي والمسيحي بل وحتى البوذي والسيخي والزرادشتي ولكن دينهم الحقيقي

هو "الحرية" بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان ودهشة وانطلاق.

هناك اسماء عديدة اطلقها العرب قديماً على الغجر ومنها (الدوم والزط) بينما يطلق

عليهم في العراق (الكاولية) وفي بلاد الشام (النوّر) وفي بعض مناطق الخليج (الصلبي)

وهذه الاسماء في كثير من الاحيان تدل في معناها على معان دونية ومتخلفة وتشير الى عدم

احترام القيم والعادات.

والغجر عادة يتحدثون بلغات ولهجات الشعوب التي يعيشون بالقرب منها ولكن لهم لغة

خاصة وتسمى (العصفورية او الدوماري) وهي لغة شفهية ليس لها ابجدية معروفة

وتبدو كأنها خليط من الفارسية والتركية والهندية والعربية.